المعلمين والبظان ولحاطين .. شركاء في المبدأ والمصير / محمد حسن ولد أمحمد

altمع التغيرات السياسية والثقافية والمجتمعية الأخيرة التي شهدتها بلادنا ثارت بشكل ملفت جدلية اللحمة الوطنية ومدى تماسك المجتمع الموريتاني .. وحول طبيعة الجهات المستفيدة من نشوب صراع عنصري في البلاد ؟ وفي بلد مثل موريتانيا حيث يتم تسييس كل مستجدات الساحة من أجل التأثير على الرأي العام الوطني أوالتأثير على سياسات النظام الحاكم في البلاد ...

وقد مثلت هذه التغييرات (وهذا الصراع المؤجل ) مادة دسمة للمنظمات التي ترفع شعار "المطالب الحقوقية"  والدفاع عن "الشرائح المهمشة" في مجتمع "البيظان" الذي يضم أساسا البيظانلحراطين ولمعلمِين فنشأت منظمات ذات طابع عنصري وعرقي مثل منظمة "إيرا" التي تَدعِى مكافحة "الاسترقاق" وتدافع عن حقوق شريحة الأرقاء السابقين التي تدعى لحراطين وقد استفادت هذه المنظمة من التغيرات التي أشرنا إليها سابقا ومن المناخ العالمي الذي يسعى إلى القضاء على ظاهرة الاسترقاق في الدول النامية .. ولكن هذه المنظمة بدأت تنتهج سياسة عنصرية ضد باقي شائح المجتمع الموريتاني من جلال اقتطاع مراحل مظلمة من تاريخ البلاد ومحاولة جلب تعاطف الحراطين وتأجيج حقدهم على باقي الشرائح التي يحملونها المسؤولية عن الوضع المزري الذي تعيشه هذه الشريحة في محاولة للربط بين هذه الوضع المؤسف وبين شريحة البيظان بالتحديد ومع أن الدولة الموريتانية قد قطعت الطريق سريعا أمام هذه المزاعم وأمام هذه المنظمات العنصرية بإصدارها لقوانين تجم العبودية وإنشائها لوكالة خاصة بمحابة الرق ودمج وتأهيل الأرقاء السابقين وقد قطعت في ذلك شوطا طويلا فإن هذه المنظمات ماتزال تمارس دعاتها العنصرية وتبث أفكارا هدامة بين الشباب شريحة لحراطين مستفيدة من الانفتاح الإعلامي الذي تشهده البلاد ومن الدعم السخي الذي تتلقاه من جيهات أجنبية همها الوحيد التفريق بين شائح المجتمع الموريتاني .. وقد بلغ هذا الحراك العنصري أوجه مع إطلاق حملة مسعورة على الدين الإسلامي الحنيف حيث أقدم زعيم هذه الحركة العنصرية على إحراق كتب الفقه المالكي وتعمد الإساءة إلى الصحابة الكرام وتوصيفهم بأوصاف لا تليق في خضم حملة شرسة هدفها تشويه صورة المجتمع المتدين والتلاعب بعواطف المواطنين وبمقدساتهم الإسلامية. شريحة لمعلمِين هي الأخرى طالبت على لسان منظمة "حراك المعلمين" بإنصاف هذه الشريحة "المهمشة" والقت اللوم هي الأخرى على شريحة البيظان بالدرجة الأولى واعتبرت هذه المنظمة أن شريحة لمعلمين تعيش وضعية صعبة نظرا إلى كون أفرادها يشعرون "بالدونية" وبالإقصاء .. كما تقول هذه المنظمة أن التمييز يمنع أبناء هذه الشريحة منعهم من الوصول إلى مناصب مهمة في المؤسسات الدولة الموريتانية وتلقي باللائمة أيضا على شيحة البيظان وقد استطاعت هذه المنظمة على غرار غيرها من المنظمات العنصرية أن تبث شحنة من التأجيج والكراهية إن صح التعبير في صدور بعض شباب شريحة لمعلمين ضد شريحة البيظان التي باتوا يعتبرونها سبب الوضع الذي تعيشه هذه الشيحة المهمة من الشعب الموريتاني وقد كان انعكاس ذلك جليا في إقدام أحد أبناء هذه الشيحة على الإساءة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الدين الإسلامي الحنيف في تطاول وقح وتوصيف ينم عن جهل وضلال متجذرين في عقيدة هذا الشاب وفكره المريض...

بعيدا عن الحوار الجاد وسلك طرق متحضرة ومجردة من أي إيحاءات ورسائل مغرضة يستمر هذا الصخب وتندفع هذه المنظمات في تنفيذ أجنداتها التي لا تحقق إلا المزيد من التفيق بين شرائح المجتمع "البيظاني" الذي عاش على هذه الأرض وأرتقى عبر المراحل الزمنية المختلفة محافظا على قيمه وموروثه الثقافي والديني الذي يأسس لدولة دينية لا فرق فيها بين عربي ولا عجمي إلا بالتقوى .. والمنظمات التي تدعي اليوم الدفاع عن شريحتي  لحراطين لمعلمين لا تزيد هذه الشرائح إلا خبالا وتحولها إلى جماعات ضغط سياسية تبحث من خلالها عن مصالح ضيقة مثل التوظيف والشهرة (المال والجاه) ولو على حساب هذه الشرائح التي عانت ولا تزال من أوضاع معيشية مزرية فرضتها عوامل عديدة وزادت من قسوتها عمليات المتاجرة المتكررة بقضية هذه الشرائح محليا ودوليا.. ومع كل هذا الصخب الإثارة الإعلامية المغرضة لهذه القضة الحساسة فالمتاجرة واستغلال الفوارق الاجتماعية والاقتصادية المجتمعية للمجتمع الموريتاني أمر في غاية الخطورةومن السهل أن يتطور إلى صراع طائفي لا يخدم مصلحة أي من شرائح المجتمع فهم شركاء في المبدأ والمصير بل يعرقل مسرة الدولة الفتية نحو مزيد من التطور والنماء

وعلى رأي أحمد شوقي عندما قال :

ما ضاقت بلاد بأهلها *** ولكن أحلام الرجال تضيق.

محمد حسن ولد أمحمد

 

 صحفي وكانت

 

[email protected]

12. يناير 2014 - 10:02

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا