للإصلاح كلمة تتعلق بالأفكار الشيطانية الطارئة / محمدو بن البار

altكلمة الإصلاح هذه المرة أريدها أن تناقش ما ورد داخل ذلك المقال الحامل للأفكار الشيطانية التي ظهر فيها أن الشاب المقبوض عليه في انواذيب اتبع فيها خطوات الشيطان ولاشك أن خطوات الشيطان تأمر بالفحشاء والمنكر .

وهذه المناقشة ستكون في أصل هذا المقال وأسبابه وكيف نقضي في مجتمعنا على أسباب تلك الأفكار، وبعبارة أوضح كيف نحصن مجتمعنا وشبابنا من تعاطي هذه الأفكار الشيطانية التي تحاول أن تنبت الأعشاب الخبيثة في المكان الطيب.

وهذه المناقشة ستكون على ثلاثة محاور هي :

المحور الأول: عن كيفية تحصين المجتمع من هذه الأفكار

المحور الثاني : يناقش المقال نفسه وما يترتب عليه 

المحور الثالث : ينفي وجود الطبقية العنصرية في موريتانيا .

المحور الأول: لقد حان للعالم الإسلامي أجمع وللموريتانيين خاصة أن يدركوا أن الإسلام لم يترك حصنا حصينا لهذه العقيدة الإسلامية الذاهبة مع الإنسانية إلى آخر الدنيا ــ إما شاكرا وإما كفورا ـ  إلا هذا القرآن المنزل من لدن حكيم خبير لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فيجب أن يحفظ نصه وتعرف معانيه وتفعل مراميه .

فالمولى عز وجل يعلم في أزل الإنسانية أن زمن الرسول صلى الله عليه وسلم المبلغ لهذه الرسالة ومبينها للناس محدود ، وأن الرسالة باقية مع هذه الإنسانية إلى آخر وجودها فوق الأرض ، وأن القرآن وحده وسنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة هما الحجة البالغة الممتدة الباقية مع البشرية ء .

(( وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ )) .

أما من يتحمل مسؤولية هذا التبليغ بهاتين الحجتين فهو هذه الأمة التي حملها القرآن ذلك التبليغ (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )) .

ألا فليبلغ الحاضر الغائب فرب مبلغ أو عن من سامع " خطبة حجة الوداع" (بلغوا عني ولو آية ) الحديث.

فهذا القرآن هو الذي يحمل في ثنايا آياته المحكمات ما يلقم حجر الإقـناع في فكر كل إنسان ألقى الشيطان في أمنيته ـ أنه يستطيع التطاول بفكره على حقيقة الدنيا والإنسان الماثـلة أمام أهل العقول .

إن الآيات الكونية التي توضح حقيقة الإنسان ومدى قدرته وأصله ومصيره هي المكونة لهذا الحجر القائل لكل فكر خطر في قـلب صاحبه: ((أن يفجر أمامه)) حتى سأل أين يوم القيامة ؟ .

يقول الله تعالى (( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكـورا )) ((إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتـليه فجعلناه سميعا بصيرا ، إنا هديناه السبيل إما  شاكرا وإما كفورا )) .

إذا كان الإنسان قبل ميلاده وبعد موته لا حيلة له بل لا وجود له فأين له أن يتطاول على  منزل هذه الآيات .

فالإنسان بدنه هو أضعف الكائنات ولا يتحمل المؤثرات الخارجية أيا كانت إلا أن فؤاده هو أقوى كل الكائنات ولكنه كنود ، كفور ، ظلوم ، جهول .

ولذا خاطب الله هذا الفؤاد بقوله:(افرأيتم ما تمنون أنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) ((أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين )) (( الله الذي خلكم من ضعف ثم جعل بعد ضعف قوة ...... )) الخ الآية (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين...)) إلى قوله تعالى((ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ))

فالآيات التي ترد الإنسان إلى أصله وتذكر له مصيره لا يمكن حصرها ولا يمكن التعبير عنها إلا بلفظها .

والذي أريد أن أقول أن الإسلام لم يترك البيئة والتقاليد والعادات تعبر عنه بل هو يعبر عن نفسه بآياته المحفوظة من طرف منزلها ليكون للعالمين نذيرا: وكلام نبيه(الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي) فعلى المسلمين الموريتانيين أن يجعلوا من هذه الآيات الكونية الناطقة بحقيقة الإنسان ومصيره بل وبمصير الكون كله منهجا من مناهج المسلمين في الدراسة فمنهجها يغني عن المنهج الأدبي والفلسفي فآياته تحفظ في الابتدائية وتفسر في الثانوية ويبحث فيها في الجامعة بحثا علميا لا يترك فراغا لفكر شارد يشتم فيه رائحة الفراغ الذهني ولا كلمة لملحد يجد فيها معنى يتقمصه خارج الإسلام .

المحور الثاني : مناقشة المقال

أنا أتيقن أن هذا الشاب لم يكتب هذا المقال من تلقاء نفسه ولا طبقا لعقيدته لأن أسلوبه مع ركاكتها وقـلة تماسكها هونفس أسلوب الملحدين العرب من الشرق الأوسط الذين ارتدوا عن الدين عندما عبدوا الحضارة الغربية بماديتها وفلسفتها وانتهزوا حرية التعبير وإقصاء الدين عن الحياة فيها فألف أحدهم كتاب حياة محمد ووصفوا النبي صلى الله عليه وسلم في كتاباتهم بأسفه وأجهل الأوصاف وأقـلها حياء و استفحل هذا في  سيتينات وسبعينات القرن الماضي وكاد أن تصلنا نحن بعض أفكاره حتى جاءت الصحوة الإسلامية بالدين الخالص المتعلق برب السماء والأرض رب العالمين وحده.

وعندما أراد هذا الشاب أن يكتب في وضعية شريحته في المجتمع الموريتاني كما زعم لم يجد أمامه كتابا يحمل البيئة والتقاليد مساوئ الطبقية العنصرية دون الدين   بل وجد كتبا يحملون الدين ذلك فنسج على منوالهم مقالا انسلخ فيه من الدين بكلامه مثل انسلاخ  أولئك الكتاب فجرد اسم النبي دون الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما يفعلون .

وعبر بكلمة العقـل الشامل المطلق التي يعبر بها الفلاسفة الملحدين عن الله أو عن ما وراء الطبيعة بدل أن يقول   هو النبي المعصوم .

أما الوقائع التي سردها فكتبها كما كتبها الملحدون دون بحث علمي يرد الحدث إلى أصله وملابساته .

فأول ما ذكر أسرى بدر وتكلم عن إطلاق سراح زوج ابنته صلى الله عليه وسلم  زينب وإرجاع الفداء لها ولم يذكر أن الأسرى من بينهم عمه العباس ولم يطلق سراحه إلا بالفداء كباقي قريش  وكان يسمع أنبنه من شدة وثاقه .

والذي ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم هو في شأن زينب هو مجرد طلب وليس أمرا للمسلمين وهي وحدها المسلمة التي ترى زوجها في الأسر ولم يذكر امرأة أخرى جاءت تطلب إطلاق سراح زوجها وامتنع المسلمون من ذلك .

أما مقارنة قريش عند فتح مكة مع بني قريظة فهو قياس فاسد شروط القياس لأن أهل مكة لاشك أنهم عذبوا المسلمين ولكن لم يعطوا للمسلمين عهدا بأن لا يغدروا بهم وبني قريظة غدروا بالمسلمين ونقضوا عهدهم للمسلمين مع أن السيرة النبوية التي أخذ منها الكاتب الملاحظات غير الإسلامية تـنص تلك السيرة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم سعد بن معاذ في قضية بني قريظة وهم حلفاؤه وهو أدرى بطبيعتهم وحكم عليهم سعد بما  نفذ فيهم ، وبعد هذا التحكيم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى أن هذا هو حكم الله فيهم من فوق سبع سماوات وهذا فيه الجواب  على تعميم الحكم على كل بالغ منهم لأنه حكم من الله الذي يعلم سرهم ونجواهم .

ومن هنا نستشهد بمثـل  هذا على ما فعله ما يسمى الخضر في قضيته مع موسى كليم الله عندما قتل الغلام :

هذه النفس في ظاهرها أنها نفس بريئة وفي التفسير قال أن الله أمره بذلك خشية أن يرهق والديه طغيانا وكفرا لأن الخضر في آخر القصة قال : وما فعلته عن أمري أي فعلته بأمر الله فكذلك صلى الله عليه وسلم .

أما ادعاء العنصرية بين ألقاب كل من خالد بن الوليد وهند بنت عتبة  من جهة ووحشي من جهة أخرى فإن هذين الشخصين كلاهما أبلا بلاءا حسنا بعد اعتناقهما للإسلام ونالا بذلك هذه الألقاب كما وقع للفاروق عمر حيث قال بعد إسلامه أنه سوف لا يترك مكانا كان فيه ضد الإسلام إلا ووقف  مشيدا بالإسلام فلقب بالفاروق أما وحشي فلم يذكر عنه إلا أنه أسلم بعد تلك الفعلة الشنيعة وطبق فيه قاعدة أن الإسلام يجب ما قبله ولا دخل " للتبنعميت" في فعله صلى الله عليه وسلم .

فالسيرة تذكر أن الذي حز رأس أبي جهل وهو الملقب في قريش بأبي الحكم وهو سيد من أعظم سادات قريش الجاهليين الذي حز رأسه هو عبد الله بن مسعود وهو من هذيل لا من قريش وعندما جاء بالرأس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي برأس أبي جهل استحلفه هل هذا حقا هو رأسه فرحا بذلك فقال الحمد لله الذي مكن من عدو الله .

وبناء على هذه الاتهامات للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر بالتمييز العنصري ممن ولد في الإسلام فإننا نقول له أن الله ذكر في كتابه العزيز من أقوال الملحدين والمشركين  ما هو أشنع من التمييز العنصري فقد ((قالوا إن تتبعون إلا رجلا مسحورا)) ، ((وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب)) ، ((وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا )) الخ

كلام كل من لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم .

أما مقابل هذه الملاحظات فعلى الكاتب أن يستمع ما مدح الله به نبيه في هذا الكتاب المنزل من عنده وفي جميع كتبه المنزلة .

(( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم  صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور)) ، (( ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم فستبصرون ويبصرون بأيكم المفتون))

(( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قـلى وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى )) ،(( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتومنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا اقررنا قال فاشهد وأنا معكم من الشاهدين ))

أما عقوبة هذا الشاب وهل هو ارتد عن الإسلام أم لا ؟

فأظن أن معرفة ذلك دينيا هو التحقيق معه هل  ما زال يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فإن أقر بذلك فإنه لا يكون بدل دينه والحديث يقول : ، وخليل يقول : : "الردة كفر المسلم بقول أو فعـل يقتضيه "  وهو في هذه الحالة لم يصرح بالكفر .

ولو كان أساء داخل الإسلام إساءة لعنه الله عليها في الدنيا والآخرة بنص القرآن فإذا كان الذي في المقال أنه اطلع على مواقف في المعاملات في الإسلام لم يرض عنها فكريا ولم يلاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وتـلفظ بذلك الكلام ظاهره يعـد استهزاء بالرسالة وباطنه لا يعرفه إلا الله وتعبيره هو عنه.

فإن المساءلة هنا له كفيلة بمعرفة ما في الباطن المخاطب أصلا .

فهذه الطبيعة البشرية المدفوعة من الشيطان في الخارج قد حصلت زمن النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين وإن كان الأمر الآن أشد وأشـد .

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها : والدليل على أنه من المسلمين أن الله يقول((يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى )) ويقول(( لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ألى قوله أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )).

فنحن نعرف موقف الصحابة في صلح الحديبـية حتى كاد أن يهلكوا بذلك الموقف لولا زوج النبي  صلى الله عليه وسلم .

وعائشة نفسها مع أنها هي الراوية لحديث : كان خلقه القرآن ، قالت له يوما غاضبة ومعترضة ما أرى ربك إلا يسارع في مرضاتك .

بل المولى عز وجل قال لبعض أزواجه(( وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين...))

وكذلك قضية خصومة الزبير بن العوام مع جاره الذي يريد سقي حرثـه من ماء الزبير واختصما أمام النبي صلى الله عليه وسلم  فقال للزبير اسق حرثـك وأعط لجارك فقال الصحابي الجار والله ما أردت بهذا إلا لتحكم لابن عمتـك فقال النبي صلى الله عليه وسلم  للزبير : اسق من مائك فإن شئت أمسكت وإن شئت أعطيت "والحديث في السنن" وفسروا قول النبي صلى الله عليه وسلم الأخير أنه أراد الإحسان في معاملة الجار ولكن الجار لم يكن أهلا لذلك فأعاد الحق إلى صاحبه .

فإذا قرر القضاء أن هذا المقال ليس بردة فالتعزير بالنسبة إلى الإساءة في جناب الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن أن تصل إلى السجن المؤبد .

لعل الله أن يهدي الشاب في السجن ويصلح أمره فعندئذ يصدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما أنقذ اليهودي بطلبه منه الشهادة عند الموت فتشهد فقال الحمد لله الذي أنقذه بي من النار .

أما الاستتابة فلاشك أن أي خروج من الدين يستتاب صاحبه ثلاثة أيام كما ينص عليه الفقهاء وكما فعل أثناء تطبيق الشريعة في حكم هيدالة و القضية في أرشيف العدالة .

فالله يقول (( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لن تـقبل توبتهم )).

ولكن بعد الخروج والدخول والخروج والدخول الخ والله أعلم     

المحور الثالث : في العنصرية والطبقية في موريتانيا

هذا الوصف كل دولة يمكن أن ينطبق عليها إلا موريتانيا فما هو موجود في موريتانيا لا يقال له تمييز عنصري وإنما هو تمايز في المهنة فقط جرت به العادات والتقاليد الموروثة من عدة قرون لا يمكن أن يتحملها الجيل الحاضر ولا آباؤه إلا إذا رجعنا عشرة قرون إلى الوراء فمن يقول هذا كمن يقول : لو وجدنا إلى الفراق سبيلا  لأذقنا الفراق طعم الفراق .

فهذه التقسيمات من زوايا وامعلمين وايكاون الخ والعرب انضموا إليهم  بعد ذلك ومعهم  نفس التشكلة و يقال أن أول من قسم المجتمع هذا التقسيم هو بوبكر بن عامر من دولة المرابطين في القرن الرابع الهجري .

وجميع هذه التقسيمات يدخل فيها لحراطين وهم على غير أصل واحد ف 90% من لحراطين مثل ساكنة الأرض الآخرين لا سلطة لأي أحد عليهم فهم من بين هذه الشعوب الوافدة على هذه الأرض من الشمال والجنوب ويتميزون بلونهم الخاص بهم في وسط قبائلهم أما 10% الباقية فهي التي سبق عليها الاسترقاق ولكنه مثل الاسترقاق الذي كان موجودا في جميع الشعوب الإسلامية والوثنية والعربية والعجمية إلا أنه في صدر الإسلام أباح منه الإسلام نوعا واحدا يتعلق بالأسر في الجهاد الشرعي وانتهى في القرون الأولى للإسلام عندما حث الإسلام أتباعه في التخلص من الرق  المشروع وبقي الاسترقاق غير المشروع في أكثر مناطق العالم .

فالمسلمون بما أن الله أباح نوعا من الرق يعتبرونه رقا إسلاميا من غير معاملته تلك المعاملة ولا حتى عن البحث عن أصوله مع أنه لا يمكن عقلا أن يكون حتى الآن رقا شرعيا فالرق الشرعي لابد أن يكون معروفة أصوله وإلا يكون من أعظم الجرائم في الإسلام .

ومع هذه القلة القليلة غير الشرعي استرقاقهم  السابقين دون أن يشمل ذلك 90% من ما يطلق عليه لحراطين في منطقة ويطلق عليه الخذريين في منطقة أخري يطلق عليه البيظان من عرب وزوايا وامعلمين و حراطين وايكاون الخ ولا طبقية فيه ولا عنصرية بل كل هذه الفئات هي نفسها فيها الطبقية إذا كانت الطبقية تعنى عدم قبول الانصهار الاجتماعي فما من فئة من هذه الفئات إلا وبينها هي نفسها الطبقية بحيث لا يستطيع بعضها أن يفكر أن يختـلط اختلاطا اجتماعيا  بالآخر المتمايز معه في المهنة كما أن جميع هذه المجموعات بما فيها لحراطين كان يسترق الأرقاء المحددين ب 10% من ما يطلق عليه لحراطين استرقاقا غير شرعيا طبقا لما تقدم ولا ينكر هذا إلا مكابر .

وعلى الجميع أن ينظر من عند الاستقلال حتى الآن عندما وجدت الشهادات وتوظفـت المجموعات طبقا  لشهاداتها  فذهب الفارق الاعتباري .

فنحن نعلم جميعا أن جميع هذه الفئات بلا استثناء تقلدت الوظائف السامية وخدم كل واحد منها تحت الآخر من غير طبقية ولا عنصرية فأين الطبقية والعنصرية  إذن إلا ما كان من عدم الاختلاط الاجتماعي  الذي سيزول قريبا بل بدت مظاهر إزالته تظهر نظرا لعوامل أخرى .

أما دعوى أن هناك طبقية أو عنصرية أخرى فإنما يقوم بها ويرددها من ذاق طعمة الانتفاع بذلك وهم قـلة  وقد نفذوا في ذلك ما يقوله الصوفيون : من فتح له باب فليزمه .

فأصبحت كل مجموعة متمايزة تقوم بهذه الدعاية لعلها تنـتـفع بذلك ومنها صاحب هذا المقال موضوع هذه الكلمة الذي بدأ صوته من أعلى.

فغيره رفعوا أصواتهم داخل المجتمع أما هو فبدأه بالملاحظة على الله ورسوله وأود أن أعود لأقول لهذه المجموعات التي تتكلم العربية (الحسانية ) جميعا  أنهم عرب إن لم تكن بالنسب فباللغة التي أصبحت عروبتها أشرف من عروبة النسب فالانتساب إلى القومية المشروع يقع بالاتحاد في اللغة كما قال تعالى (( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه  )) .

فالمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم من العرب المستعربة باللغة وهو قال أن الله اصطفى قريشا من العرب واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاه من بني هاشم بمعنى أن النطق سليقة بالعربية يجعل صاحبه عربيا بل مصطفى من العرب والدليل على ذلك أن بلالا  ـ رضي الله عنه ـ حبشيا كما هو معروف ولكن نشأته في مكة جعلته عربيا قرشيا باللغة حتى أنه عندما هاجر إلى المدينة استيقـظ عليه النبي هو وعائشة رضي الله عنها يحنان إلى الرجوع إلى مكة ويتذكران جبالها وأوديتها   وبلال يقول ويترنم :

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة   ** بي أم القرى  إنني إذن لسعيد  الخ الأبيات 

كما أن إحدى أمهات المؤمنين قالت إنها سمعت بلالا عندما  يؤذن آخر الليل يقول : اللهم اهد قريشا وآت بهم مسلمين ولا يذكر الحبشة ولا يطلب لهم الإيمان .

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سلمان منا أهل البيت ومعلوم أن سلمان فارسي .

ولأجل الاتحاد في اللغة والقبيلة فإن جميع هذه الادعاءات التي تحاول أن تخلق التمييز  الطبقي والعنصري لا يتماشى فكرها مع الواقع المعيش .

فالمعروف أن جميع الموريتانيين مكونين من قبائل تجمع كل هذه الفئات  ومن هنا يمكن أن تـشم رائحة العنصرية  القبلية بين القبائل لاغير  .

فلا يوجد أحد من أي فئة يدخل عليه أحد من قبيلته من أي فئة  إلا ويختاره عن الآخرين ولا تصيبه مصيبة إلا وتأثر بها أشد التأثر ومن يرد حقيقة ذلك فلينظر إلى من اسندت إليه عملية التوظيف فسيجد جميع فئات قبيلته بتمايزها المختلف تذهب إليه وهو يقدمها على غيرها وكذلك فليزر المستشفيات فسيجد القبيلة والتعاطف معها تفعل فعـلها في جميع الفئات .

والعنصرية الوحيدة التي تظهر في المجتمع الموريتاني هي العنصرية التي قامت بها الدولة في شأن فرض نسبة للنساء في جميع التوظيف السياسي حتى أصبحن أكثر من الرجال فالدولة العامة توظف النساء والرجل الخاص يوظفهن ومع ذلك ما زالت المرأة هي التي تحمل وتـلد وأمراضها المزمنة ما زات تعتريها  فلا مبرر أن يفرض لهن نصيبا للتوظيف  دون الرجال فالمسابقات والشهادات مفتوحة أمام الجميع ، إلا أننا جبرا عنا لابد أن نتبع الأوربيين  في أعمالهم ولو كانت غير عادلة .

والآن أعود إلى موضوع الكلمة أعلاه لنطمئن الجميع أن الله قال في شأن أمثال صاحب المقال (( إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا ))  واتبع ذلك بهذا السؤال ((أفمن يلقي في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة ))  كما اتبع ذلك بهذا التهديد (( اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير ))  

 

14. يناير 2014 - 15:41

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا