ظهر اليوم مقال جديد للوزير السابق الشيخ ولد حرمه، هو امتداد لسلسلة المقالات السابقة، التي حملت عنوان "المسار الحانوتي" .. المقال الجديد لم يختلف عموما عن سابقيه من حيث المضمون والأسلوب الموغل في الهجاء المقذع
إلا أنه انفرد هذه المرة بهجوم غير مبرر وغير أخلاقي على مجموعة تقليدية لاذنب لها سوى أن أحد أفرادها يدير شؤون البلاد. وإذا كان من حق الشيخ ولد حرمه وغيره انتقاد سير مؤسسات الدولة وهو حق يكلفه القانون لكل مواطن موريتاني، إلا أن الخروج عن هذا الحق غير مقبول، لا من الشيخ ولد حرمه ولا من غيره، فحرية المرء تنتهي عند المساس بحريات الآخرين.
إن التعريض بأشخاص معينين إنما يعبر عن التحامل على مجموعة تتمتع بكل الحقوق المدنية في وطنها، ثم إنها لم نرتكب جريمة بانتماء رئيس الجمهورية إليها، هذا إن كان يستحق كل هذه الشتائم التي تفوح من المقال، أما وإنه لايستحق على الشيخ ولد حرمه إلا التقدير والاحترام ، فذلك ما لايمكن أن نستسغيه.
إن الموريتانيين بكل فئاتهم يعترفون بجميل الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي أنقذ البلاد من شفا الهاوية السحيقة، وأعاد للوطن عزته وكرامته إقليميا ودوليا، ومن الإنصاف أن يعترف ولد حرمه بهذا الجميل الذي يطوق عنقه، فقد قذف به الرئيس إلى الواجهة بعد أن كان على هامش المشهد، ولولا الثقة الكبيرة التي منحه إياها لما تصدر المشهد السياسي، ولما تبوأ من المناصب أرفعها.
عموما نحن لم نتفاجأ بهذا الكم الهائل من البذاءات التي يعج بها المقال، لكن مكمن استغرابنا يتلخص في هذا الاستهداف المتعمد لواحدة من المجموعات التقليدية الموريتانية التي كان لها إسهامها السياسي والثقافي والاقتصادي في بناء هذا البلد الذي لا نساوم عليه، ولانبيعه بالمناصب ولا المكاسب كما يفعل الأغراب في "أوطانهم". ثم إن حديث الدكتور عن أفراد المجموعة مردود عليه من جميع النواحي، فإدارة الوثائق المؤمنة باتت مفخرة للمواطن الموريتاني، بعد أن نجحت في ضبط الحالة المدنية وفق أحدث المواصفات الفنية في العالم.
كما أن الرتب العسكرية يتم الحصول عليها بالتقادم وليست منة من أحد..
أما رئاسة مجلس الشيوخ فهو منصب انتخابي لا دخل للدولة في تحديد من يتولاها، تماما كرئاسة الجمهورية.
ولن نتحدث عن رجال الأعمال إذ أن المجموعة المذكورة تحترف التجارة منذ ما قبل ميلاد الدولة، ولايمكن لأحد أن يستكثر عليها وجود رجال أعمال من أبنائها.. وعودة إلى المسار الحانوتي يقول الشيخ ولد حرمة إن نظام ولد عبد العزيز لم يحقق للفقراء أكثر من حوانيت أمل، وهو نفسه يقول عن الاقتصاد في مقال سابق بعنوان "لماذا يتأرنب الأسد" : "إن اقتصاد البلاد، وبشهادة صندوق النقد الدولي، حقق إصلاحات باهرة في جميع القطاعات بفضل سياسة محاربة الفساد، ورفع المداخيل وحسن التسيير، فضلا عن حزمة المشاريع في قطاعات السكن، والكهرباء، والمياه، والصحة، والزراعة، والبنية التحتية، والحالة المعيشية، والتنمية الشاملة.
لقد تم هذا الانجاز في وقت يتحقق فيه لفقراء موريتانيا ومواطنيها ما لم يحققه أي نظام في تاريخ هذا البلد." وسنكتفي هنا بهذه الفقرة، لنكتشف مدى تناقض أقوال الرجل في أسابيع قليلة.
يمضي الشيخ الدكتور في ختام مقاله إلى تحريض من سخر من "ثورتهم" يوم كان وزيرا للصحة حين وصفهم بالببغاوات في مقالات منشورة تحت عناوين "ثورة الببغاوات، المنسقية تحقن الخيول الخشبية، المنسقية وأذان الديك..إلخ"
فهل وصل اليأس بصاحبنا درجة استنهاض همم الببغاوات للقيام بالثورة.؟
نسي السيد الوزير أنه قام باستيراد طبيبة محدودة الخبرة من دولة مجاورة على حساب الكفاءات الوطنية المشهود لها في المجال، وهو تصرف يتنافى مع الروح الوطنية التي يتحدث الوزير عنها في مقالاته اليوم.
إننا نربأ بالدكتور عن النزول إلى هذا المستوى، من إحياء القبلية، والفئوية، والتحريض على الفوضى.. ونتمنى عليه صحوة ضمير حقيقية، تفضي إلى محاسبة النفس قبل محاسبة الغير..