قبل أسبوع تناولت موضوعا شبيها إلى حد كبير بالموضوع الذي أتناوله اليوم، ولكنني هذه المرة سأكون أكثر صراحة من ذي قبل لأنني أرى أن الأمور تسير وفق أجندة خاصة.
فخامة الرئيس كنت كتبت تحت عنوان فخامة الرئيس خدعوك ويلعبون على الوقت، وكتبت مقالا قبل ذلك بعنوان فخامة الرئيس حزبك وجندك وبعض وزراء حكمك، ومهدت لهذه السلسلة بمقال معنون بفخامة الرئيس نظامك في خطر، وتلقيت ضغوطا شديدة عند كتابة كل مقال من هذه السلسلة ،ولكنني عقدت العزم على مواصلة الكتابة إلى حين اليأس من إيجاد أذن صاغية تنتبه للخطر المحدق ليس ضد شخصكم فخامة الرئيس، ولا حكمكم ،وإنما ضد أمة كاملة هي الآن وبكل بساطة جاثمة على فوهة بركان يغلي من الداخل وتزداد درجة غليانه يوما بعد يوم بفعل المؤثرات الطبيعية والنفسية وإعلام مرئي ومسموع همه الأول والأخير كسب أكبر عدد من المتابعين عن طريق سلسلة من البرامج التي تهدم ولا توحد، تكسر أوصال وحدة وطنية سيرها متذبذب أصلا .
فخامة الرئيس إن أي غفلة منكم عن نظام حكمكم ستهدد هذا الكيان بكامله ، وتسعى بعض الجهات المقربة منكم فخامة الرئيس إلى تغيبكم عن حقيقة المشهد المعقد الذي رسمته أنامل أدعياء حزب الإتحاد من أجل الجمهورية الذين فقدتم جراء تصرفاتهم مقاعد في البرلمان ومجالس بلدية وغنوا للهزيمة واعتبروها مكسبا وكأن شيئا لم يحدث ، وعلى غير عادتكم حاولتم تقبل الأمر وآثرتم عدم معاقبة هؤلاء الذين بدءوا يضيعون الوقت في مشهد شبيه بما يفعله الفريق المنتصر في مباريات كرة القدم في الدقائق الحاسمة للشوط الأخير من تضييع للوقت في حين يظهر الفريق المهزوم مفعما بالحماس والحيوية في تلك الدقائق الحاسمة لاستعادة النتائج وهو ما يفترض أن يطبع سلوك هؤلاء إذا كانوا فعلا يهيئون لانتخابات رئاسية وشيكة .
فخامة الرئيس إن إحراز حزب حاكم للحد الأدنى للأغلبية في البرلمان و في بلد فقير من بلدان العالم الثالث لا يمكن أن يعد انتصارا بأي وجه لأنه رضاء بالقليل، اللهم إلا إذا استلهمنا مضامين الرضا بالقليل من زاوية التصوف البعيدة من مرادفات الحكم والسلطة والنفوذ والتحزب، والرضا بالقليل له شروط وتترتب عليه بعض النتائج فيقال " الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل"
الرحيل فخامة الرئيس هو من عزفت على أوتاره المعارضة منذ توليتم مقاليد الحكم في البلاد ، وهاهو حزبكم يتناغم معها راضيا بالقليل ومستعدا للرحيل.
فخامة الرئيس لقد كان عصيا على المعارضة تحقيق شعارها "الرحيل" لأنكم كنتم يقظين نابهين تخططون لشأنكم بأنفسكم ، وكانت هنالك مراكز قوى حازمة تعمل لجانبكم ، هذه المراكز بدأ حضورها يختفي لا أحد اليوم يتكلم عن فلان ولا علان ، الأمور كلها شبه متوقفة والأغلبية في حيرة من أمرها .
فخامة الرئيس لا معنى إطلاقا لإشاعة ثقافة التأجيل التي بدأت تطبع سلوككم السياسي لأنها ترمز للضعف والهوان وعدم الحسم وهي صفات قد يستغلها خصمكم ويصوغها كتجلي جديد لضعفكم وقد تنال من شعبيتكم التي لن تتعاطى مستقبلا مع الآجال التي تحددونها والوعود التي تعلنونها إذا واصلتم السير وفق هذا النهج .
فخامة الرئيس إن طابع الجدية الذي كان يطبع قرارات مؤسسة الرئاسة ساعد إيجابيا في حسم العديد من المواقف ، وأي محاولة للصد عن ذلك التوجه ستكون آثارها وخيمة سيما إذا تعلق الأمر باستدعاء برلمان منتخب أنتم وحدكم المخول باستدعائه ولا يدخل استدعاؤه في اجتهادات الطيف السياسي والحوارات...
فخامة الرئيس لا شك أن شيئا جديدا طرأ، مستشار فاشل ، حاقد ظالم ،متمالؤ حاذق،أو نجم طالع.
أكتب وكأن أمامي سطورا كتبها أحدهم 2007 بعنوان "إلى أين نسير"،أكتب وكأن أمامي مانشتات كتبتها شخصيا 2007 عناوينها "سيدي ولد الشيخ عبد الله وحكومته. رئيس ضعيف وحكومة أضعف لدولة متهالكة على شفى الانهيار" "موريتانيا ولد الشيخ عبد الله تذمر شعبي وتحرك عسكري وعصيان مدني على الأبواب" وعناوين أخرى .
فخامة الرئيس إن الأسئلة المطروحة بإلحاح عن الحكومة الجديدة ،الحزب وهياكله، والبرلمان ولجانه لم تجد لحد الساعة إجابة مقنعة في بلد المليون سياسي والمقربون منكم متمادين في تضييع الوقت في محاولة لكسب ودكم من جديد .