الناقد الجيلاني يقرأ شعرية التشكيل البصري في الشعر الموريتاني الحديث / بَبَّهاء ولد بديوه

نشرت مجلة لوجوس في عددها الرابع عشر لسنة 2025 مقالا علميا للناقد الموريتاني الدكتور المختار الجيلاني، أستاذ اللسانيات بجامعة نواكشوط، والأمين العام السابق لمجلس اللسان العربي بموريتانيا، تحت عنوان: بلاغة المكتوب (قراءة سيميولوجية في شعرية التشكيل البصري لنص شعري حديث). وهي دورية علمية محكّمة في اللغات والترجمة وتصدر عن جامعة القاهرة.

تناول المقال بالدراسة والتحليل نصا شعريا حداثيا للشاعرة الموريتانية الدكتورة مباركة بنت البراء بعنوان "رحيل"، مستخدما طريقة التحليل السيميولوجي للتشكيلات والانتظامات المرئية المكونة للمظهر الكتابي للنص الشعري على صفحة الورق، بوصفها شكلا من أشكال الإيقاع البصري الذي يتجلى فيه أحد الأبعاد الأساسية لمفهوم التوازي وهو العنصر الأول المسؤول عن بناء الشعر، والذي يمكن التمييز فيه بين إيقاع في الزمن وإيقاع في المكان.

ويعكس المقال، فضلا عن اللغة الأكاديمية التي سيطرت على صياغته، إلى جانب الصرامة العلمية، وعمق التحليل، وإدراك القضايا المتشعبة لحركة التجديد واتجاهاتها في الشعر الموريتاني، وعيًا دقيقًا بالأصول البلاغية البديعية العربية الأولى لمفهوم الشعرية في ضوء ارتباطاته الوثيقة الصلة بعدد من النظريات والمناهج النقدية واللغوية الحديثة، كعلم النص، وعلم العلامات، والبلاغة الجديدة، إضافة إلى نظريات الاتصال والدراسات المتنامية لتأثير الصورة، الأمر الذي جعل من قراءة المقال سياحة ثرية عبر جملة من المعارف المتقاطعة التي قد تبدو للوهلة الأولى وكأنها جزر أو دوائر منفصلة بعضها عن بعض.

من جانب آخر، يأتي هذا المقال ليرمي حجرا في مياه الصمت النقدي الطويل تجاه حركة الشعر الموريتاني التي اعتادت مواصلة مسيرتها الحافلة عبر القرون دون قراءة ودون مساءلة، إلا حين يدعو الداعي إلى شيء مجامل من التقريظ أو التمجيد الذي لا يكاد يلامس الأبعاد الفنية للشعر وقضاياه المتصلة بالإبداع والذوق وشروطهما الثقافية والحضارية.

ومما يزيد من أهمية المقال أنه يضع الشعر الموريتاني في دائرة الضوء النقدي العربي من خلال منصة متخصصة للبحث العلمي، كما أنه يتناول الجانب الأكثر إعتاما وإهمالا في تجربة الشعر الموريتاني، ألا وهو الشعر الحداثي الذي بات يشكل جزءا لا يتجزأ من مدونة الشعر الموريتاني، ولا مبرر للتمادي في طمسه، بل إن الحاجة العلمية تتطلب منا مناقشة واعية لحيثيات كل خطاب جديد للوقوف على أبعاده واستراتيجياته وقدرته على الوصول والتأثير، دون همال بقية الخطابات.

 فهل يكون هذا المقال إيذانا بانبعاث حركة نقدية مواكبة للحركة الشعرية في موريتانيا، تفضي إلى تحقيق نوع من التوازن بين التنظير والإبداع، وبين المعرفة والفن، في الساحة الأدبية الموريتانية؟

يذكر أن الدكتور المختار الجيلاني له أعمال علمية سابقة في هذا الميدان منها كتاب: الخطاب الشعري الحداثي في موريتانيا (دراسة في اجرومية النص)، وكتاب: تجربة الشعر الحداثي في موريتانيا (التعايش مع الشفاهية).

 

بَبَّهاء ولد بديوه

يمكن للاطلاع على المقال عبر الرابط الآتي: https://logos.journals.ekb.eg/issue_55857_55858.html

 

 

9. يونيو 2025 - 21:23

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا