رحم الله الأستاذ المختار ول داداه الذي أسس الدولة الموريتانية تحت الخيام وفي فضاء من الكثبان الرملية المترامية الأطراف، حيث لا موارد اقتصادية ولا بشرية تذكر، ولكنه استطاع بفضل الله أن يبدأ مشوار إنشاء الدولة بخطى حثيثة مستعينا بالله أولا، ثم بجماعة قليلة من العلماء والمثقفين الوطنيين آنذاك، حتى أصبحت الجمهورية الإسلامية الموريتانية دولة ذات سيادة ولها مكانتها في محيطها الإقليمي والدولي.
إلا أن سلسلة الانقلابات التي عقبت المرحوم المختار ولد داداه ,عصفت بمؤسسات الدولة وأنهكت قواها وأهلكت الحرث وكادت أن تقضى على هذه الدولة الفتية, إلى أن جاء الابن البار الغيور على وطنه الرئيس محمد ولد عبد العزيز لينقذها من وضعية هي الأسوأ في تاريخ الدولة الموريتانية, حيث الفساد المستشري والمحسوبية والجهوية والرشوة وجميع مظاهر النهب لثروات الوطن من كل مصادرها, مما نجم عنه ضعف الاقتصاد وتراكم الديون المتأخرة وتفشى عقلية الانتفاعية و اختصار الدولة سياسيا واقتصاديا في متناول ثلة قليلة تنعم بثروات البلد , والشعب يلفحه الفقر وفقدان الأمل في الإصلاح .
بد أ الابن البار مسيرة البناء والإصلاح بإطلاق عجلة النمو التي كانت متوقفة تماما، ثم أطلق الحريات وأعطى الأولوية للفئات الفقيرة من الشعب والتي كانت تعاني التهميش والظلم، حتى لقب برئيس الفقراء، وفعلا فإنه لم يألو جهدا في سبيل الرفع من مستوى هذه الفئات لتقليص الهوة بينهم والفئة التي كانت تعيش ثراء فاحشا على حسابهم، وأعلن الحرب على الفساد والمفسدين، ولقد آتت هذه الحرب أكلها حيث لم تعد وسائل الدولة كما كانت يعبث بها كل مسؤول.
وترسخ في أذهان المواطنين مفهوم الدولة الذي غاب مع غياب الأب المؤسس للدولة ليعود به الابن البار ورائد مسيرة الإصلاح والنماء.
إن المتتبع لهذه المسيرة لا يخفى عليه ما يوليه رائدها للبنى التحتية من تشييد للطرق المعبدة والمطارات والموانئ وتأهيل الأحياء السكنية والقضاء على ظاهرة الكزرة التي أرقت ساكنيها طيلة ثلاثة عقود من الزمن في كل من انواكشوط ونواذيبو.
الأمن والصحة والتعليم والتكوين المهني والتغذية والزراعة والطاقة والمعادن، كانت هي الأخرى من أولويات الإصلاح فقد تم رسم سياسة أمنية فعالة تم بموجبها ضبط الحدود والسيطرة على مناطق العبور بوضعها تحت المراقبة، وتجهيز القوات المسلحة وقوات الأمن بأحدث الوسائل. وفى إطار الصحة كذلك أنشئت عدة مستشفيات متخصصة وأخرى لمعالجة الأمراض الخبيثة، وتم تجهيز كل المستشفيات بالأجهزة والمعدات الطبية واللوجستية اللازمة، وفى مجال التعليم والتكوين المهني افتتحت مدارس عليا متخصصة وأخرى للتكوين الفني الصحي، كما استحدثت ثانويات التكوين الفني في جميع عواصم الولايات.
منطقة نواذيبو الحرة هي الأخرى تعد إنجازا لا يستهان به حيث استقطبت العديد من المستثمرين الكبار مما سينعكس إيجابا على اقتصاد البلاد.
وفى مجال الأمن الغذائي فرغم ما شهده العالم من أزمات اقتصادية فقد اتخذ النظام التدابير اللازمة لتفادى هذه الأزمات والحد من تأثيرها على السكان والثروة الحيوانية، وذلك بإطلاق برامج للتدخل الخاص: كبرنامج التدخل 2008, وبرنامج التضامن 2011, وبرنامج أمل 2012 لمواجهة الجفاف , كما تم تأسيس شركة وطنية لإنتاج السكر والوقود الحيوي , و جرى استصلاح واستحداث العديد من السدود .
وفى مجال الطاقة فقد تم انجاز عدة محطات للطاقة الكهربائية، وأخرى للطاقة الشمسية، وفى مجال المعادن فقد استطاع النظام استقطاب الكثير من المستثمرين والممولين الأجانب، ولا أدل على ذلك من تظاهرة (موريتانيد) التي أشرف عليها رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ولاقت إعجاب الحضور، وعلى وقعها لقبت موريتانيا بلقب: كنز الصحراء.
وعلى المستوى الدولي فقد تألقت موريتانيا إقليميا ودوليا بتربعها على عرش الاتحاد الإفريقي، كما نجحت خارجيتنا في استقطاب دول مهمة لتفتح ولأول مرة سفاراتها في العاصمة كبريطانيا واستراليا مثلا، ينضاف إلى ما سبق تحرير الفضاء السمعي والبصري، وانتهاج سياسة رشيدة تتبلور حصيلتها في إنجازات ملموسة وفى فترة وجيزة، مما يطمئن على وضعية البلد تحت القيادة النيرة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، ويبشر بمستقبل مشرق ينعم فيه المواطن الموريتاني بالأمن والسعادة وتستعيد فيه الدولة الموريتانية المكانة اللائقة بها.
جمال ول محمد سالم - الدوحة - قطر