يعد الأرشيف مؤسسة بالغة الأهمية كمصدر للمعلومات ووسيلة رئيسية للبحوث والدراسات التنموية والعلمية والتاريخية والاجتماعية والثقافية وغيرها ونظرا لما تكتسيه عملية الحفظ هذه الحاضنة للأحداث بالنسبة المراكز الأرشيفية والمؤسسات بشتى مستوياتها المختلفة ومن الطبيعي ان فساد أو تخريب أي وثيقة يعتبر بمثابة فقدان جزء من المعرفة بدرجة قد يصعب علاجها وكل وثيقة لا توضع في مكانها يمكن اعتبارها ضائعة.من هنا.
وبما اننا نعالج القضية في موريتانيا سنتكلم قليلا عن المكتبات والتوثيق والارشفة وهي شعبة وليدة استحدثت مع مطلع العام 2008-2009 بكلية الآداب جامعة انواكشوط كمحاولة ناجعة من الكلية لتكريس مفهوم المهنية بالجامعة ونتيجة لمتطلبات النظام التربوي الجديد LMD الذي فرض تطبيقه انذاك انبثاق شعب مهنية جديدة تساهم في الموائمة مع متطلبات العصر وسيرورة سوق العمل ،
وتهتم هذه الشعبة بدراسة المكتبات والمراكزبمختلف اشكالها والتاريخ المرتبط بالتراث الحضاري الشفوي والمكتوب وكذا التصنيف والارشيف والاهتمام بتأريخ الوثائق كما تساهم في خلق تكوين حثيث في مجال الإتصال والإعلام اضافة الى منحها الطلاب حصص هامة في مجال المعلوماتية وتقنية الشبكات الرقمية. وتدخل شعبة المكتبات والتوثيق في اطار التمهيد لتشعب المسالك الجامعية وجعلها تتناسب مع متطلبات السوق فميزة هذا التخصص بشقيه المكتبي والتوثيقي ان له اهمية بالغة لمدى ارتباطه الفعال بالإدارة فالتخصص يعكس من خلال الدراسة مختلف انشطة التوثيق الاداري داخل المؤسسات من خلال عملية تصنيف الوثائق واعادة صياغتها عبر المراحل الثلاثة المعروفة.
ويحظى التخصص ايضا بجانب ثقافي يعد اكثر شمولية واتساع حيث يسلط الضوء على مجمل القضايا الثقافية خاصة المحلية ليعطي بذلك لمحة وصورة ناصعة عن دور المكتبات الوطنية في توعية وتهذيب المجتمع. ويساعد التخصص كذلك الطلاب بمنحهم بعض التدريبات الميدانية التي من شأنها ان تكسبهم الخبرات الازمة في المستقبل ومن بين الإدارات والمؤسسات التي يستهدفونها في هذا الإطار مؤسسة الارشيف الوطني والمطبعة الوطنية والمكتبة والإذاعة الوطنية.
إلا انه بالرغم من هذا كله وبالرغم من تخرج عدة دفعات من القسم لاتزال هناك تحديات جسام خلقت معاناة للدولة واصحاب الإختصاص من اهمها عدم رسم سياسة واضحة المعالم اتجاه واقع الشعبة والارشيفيين بالبلد فلا شك ان جل المؤسسات الوطنية تعاني تكدسا وتزاحم في نمطية حفظ الوثائق بسبب تنوع الاوعية الأرشيفية التقليدية للحفظ مايدفع بها الى ضرورة اكتتاب متخصصين في المجال بدل الاستاعنة باشخاص غير مؤهلين للقيام بالإجرتءات العلمية والادارية المطبقة في مجال الأرشيف،
من هنا فإني اوجه ندائي الى هرم الدولة ووزارة التعليم العالي ومراكز التكوين المهني بضرورة الاهتمام الى حد بعيد بهذا الجانب الجد مهم حيث سيشكل ذلك مساهمة في تحسين اداء المؤسسات وتطوير البحث العلمي في الوقت الذي بتنا نسمع فيه عن " ايجابيات الإستعمار" فما بالك بحفظ ارشيف بلد كموريتانيا يجمع مزايا النوع كلها.