إن من بين الأمور التى تستدعى النظر والاهتمام والتى لم يتطرق إليها أصحاب المقالات خصوصا في الفترة الاخيرة التى ثارت ضجة عارمة فى الأقاليم الموريتانية، هي مشكلة التحرير والمشاركة بغير علم في الاقتراف مع وضوح الدلالات القاطعة والتقصير المفرط فى عدم تحمل المسؤولية
مما دفع بالإعلام الى التحامل على الفاعل دون ذكر الشريك الذي بدوره يتحمل جزءا ولو يسيرا في عكر صفو الأجواء العامة وتبرير ذللك بالإعلان السائد فى المواقع الإلكترونية . " الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو القائمين عليه ".
وإذا كان الأمر كذلك فهل يعتبر الهجوم على خير البرية من الأمور التى يجب السكوت عليها ونشرها استدلالا وحماية بالمقالة المذكورة؟ وهل يخول التقصير فى عدم القراءة التملص من المشاركة؟ وهل يدخل هذا الفعل فى تقديمها؟ .
انطلاقا من المبادئ العامة للمسؤولية التقصيرية (الخطأ، الضرر، العلاقة السببية بينهما) فإن المسؤول يكون ملزما بالتعويض عن الضرر المباشر الذى تسبب فيه، والضرر هنا واضح والمضرور أوضح، وبالتالى يجب سلوك رفع دعوي المسؤولية للتعويض، والتعويض هنا معنوي بالضرورة يتمثل فى الإعتذار وهو لحد الساعة لم يعتذر، هذا من جهة، ومن جهة أخري فإن القانون الجنائي الموريتاني جاء صريحا وبإحكام حول أفعال المشاركة بالنص علي " إن المشاركين فى الجنايات أوالجنح يعاقبون بنفس العقوبة التى يعاقب بها مرتكبو الجنايات أو الجنح ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، وقوعه بتقديم هدايا أووعود أو تهديدات أو بتجاوز السلطة ..... أو سهلتها أو ساعدت فى إنجازها .....".
وباعتبار أن الإشتراك مساهمة تبعية في الجريمة تستوجب وجود مساهمة أصلية، فإن تحديد مدى ارتباط مسؤولية الشريك بمسؤولية الفاعل الأصلى يصبح أمرا ضروريا بالنظر إلى انعكاساته على مسؤولية الشريك قياما وعدما تبعا لقيام وانعدام مسؤولية الفاعل الأصلي، فالمسؤول الأصلى أصبح مسؤولا وبالتالى لابد من أن يكون الشريك له قسط من تلك المسؤولية، لأن لولاه لما تفشت تلك الجرثومة من وكرها، وما أصبح كل من هب ودب يسب نبينا عليه الصلاة والسلام، وما أصبح كل من له رأي يحترم، والغريب من ذلك أن هناك من يتشدقون وراء هذه الأفعال ويدافعون عنها بطريقة أو بأخري ناسين ان أصحاب العقول النيرة وأهل المنابر الوقورة لن ولن ينسوا مثل هذا الفعل المشين والرديئ فى نفس الوقت والماس من الكرامة الإخلاقية السماوية، ورغم كل هذا وذلك اطلقوا العنان لأقلامهم الحرة وأسسوا مجموعات في المواقع العنكبوتية بأسماء مستعارة للذود والتعبير عن ما يدور فى خلدهم بعيدا عن الواقع الملموس.
واذا كان من المعروف أن أفعال الإعانة تدخل في الأعمال التنفيذية للجريمة، ولا يشترط فيها أن تتجسم فى فعل مادي ما، ولايلزم أن يقدم فعلا يدخل فى الإطار العام للركن المادي للجريمة فلو كان كذلك لأصبح فاعلا أصليا لا مشاركا، مما يستشف من خلاله أن نشر مثل هذا النوع من المقالات يدخل في أفعال المشاركة الجنائية للجريمة، ويفاقم من أزمة التحرير لتوريط جماعة ليس لها ضلع فى الكارثة على ما يشهد لها التاريخ به من نزاهة عبر العصور.
وأخيرا إذا كان لا بد لهذه القضية من محام فإن دور هذا الأخير هو دور الطبيب في القيام بالعلاج لايهمه الكافر من المسلم، ولا يهمه الفاعل من الشريك بل همه الأساسي هو تقديم العلاج،ترى فهل سيهتم المشرع بالإثنين دون ترك الشريك؟ أم أن الأمر سيبقى بدون تحريك؟.