اقترب موعد الانتخابات الرئاسية في موريتانيا وبدأ الحديث حول تحالفاتها وسيناريوهاتها المتوقعة والتي من ضمنها فكرة استلهام التجربة السنغالية و اتحاد المعارضة هناك من أجل اسقاط الرئيس السنغالى عبد الله واد عبر صناديق الاقتراع التي أوصلته إلى مكانه
قبل سنين،ويرى أصحاب فكرة طرح مرشح موحد للمعارضة مدعوم من بعض رجال الأعمال "المعارضين "و الشخصيات "الوطنية المستقلة "ومنظمات المجتمع المدنى بأنها فكرة بامكانها ازاحة الجنرال عزيز و فتح المجال أمام الحكم المدنى في موريتانيا ،وهو حلم طالما راود الموريتانيين وخاصة الطلائع الديمقراطية ...طرح أصحاب هذه الفكرة جميل وحالم وعاطفى ويتسم بالرومانسية ،لكن باعتقادى أن أصحابه غابت عنهم أشياء أو تغافلوا عنها قصداً وهي :
أن الفكرة نجحت في الجارة الشقيقة السنغال لأنها جمهورية ديمقراطية عرفت التداول السلمى الديمقراطي منذ زمن طويل، و أن الانقلابات العسكرية ليست هي وسيلة الوصول للسلطة فيها كما هو الحال في بلدنا المغتصب موريتانيا ،وأن الجيش في السنغال يقف في حالة حياد ولا يدخل نفسه في صراعات السياسيين الأمر الذي يحدث عكسه في موريتانيا فالجيش هو من يرسم خارطة المشهد السياسي الموريتاني و يحشر أنفه في كل التفاصيل فالجنرالات لا يتورعون عن المشاركة في الحملات الانتخابية و الجيش يسخر كل موارد الدول لدعم ممثله ومرشحه فالانتخابات ،باختصار الجيش هو أقوى حزب سياسي في موريتانيا واَخر انتخابات كانت أكبر دليل على ذلك.
وفي السنغال الشعب هو الفيصل والحكم ويترك له الخيار وحرية الانتخاب فالادارة حيادية ولا تبتز المواطنين من أجل التصويت للحكومة أو مرشحها وهذا بالطبع يحدث عكسه عندنا .
في السنغال توجد مؤسسات ترعى الديمقراطية وتحمى الدستور وتوجد أسس لدولة القانون وهذا أمر لا مكان له في أرضنا ومازال مجرد حلم من ضمن قائمة أحلامنا المشروعة فمجلسنا الدستورى أسس من أجل تشريع الانقلابات فقط .
والسبب الاَخر بوجهة نظرى الذي يجعل طرح هؤلاء غير واقعى هو أن المعارضة الموريتانية تعشعش في عقول قيادات حساسياتها تراكمات من الاحقاد البينية تمنعها من تحالف حقيقي، وأن عهودها ومواثيقها توضع ليتم نكثها في أول مطب أو احتكاك حقيقي وهذا ما أكدتها تجاربها السابقة واَخرها الانتخابات التشريعية والبلدية الهزلية الماضية ،وماحدثها قبلها وأثنائها من صراعات ومؤامرات وسقوط في الخطاب بين أطراف المعارضة، تلك الانتخابات التي لم يمر عليها الكثير من الوقت كما هو معروف -يعني الجرح مازال ينزف ولم يطب بعد-.
بالنسبة لي أرى أن موريتانيا تحتاج الاَن لتفكير ثورى وعمل جاد و حقيقي من أجل هبة شعبية تهدف إلى إزاحة النظام العسكرى بكل تجلياته و مظاهره ...هبة ترفض التشريع للحكم العسكرى والمشاركة في مهازله و ألعابه التافهة فصناديق الاقتراع تسقط الحكومات في الدول الديمقراطية فقط ...هبة ترجع للشعب هيبته وكرامته وهو ما يخلتف عن الطرح السياسي النفعى الذي جربت المعارضة طوال تاريخ "نضالها"من أجل الديمقرطية و العدالة الاجتماعية ...موريتانيا تحتاج إلى من يحارب من أجلها لا من أجل أن يتقاسم كعكة مع عصابة العسكر مقابل تشريع حكمهم ولا من أجل عيون رجال أعمال عرف عنهم دعم الانقلابات و مص الشعب وخيرات الدولة ...موريتانيا تحتاج لمن يعمل من أجل تغيير الشعار المكتوب قرب الثكنات والذي يحذرنا من خروج الثكنة إلى (إحذروا خروج الشعب) .