محطات رحلة عمل.. من بلنوار إلى شوم..مرورًا بتميمشات حيث تنبض الأرض بالحياة / مصطفى سيديا

على امتداد السكة الحديدية التي تخترق شمال موريتانيا، انطلقنا في رحلة عمل من بلنوار المدينة المتكئة كشقيقاتها على  ضفاف سكة القطار.
كل تلك الحواضر  تتنفس مناجم الحديد وتعيش على إيقاع القطارات العملاقة التي تربطها بالحياة، فالناس في تلك المنطقة مرتبطون بعملاق الحديد حتى في أدق تفاصيل الحياة.
في أول أيام الرحلة وبعد ساعات من مجاراة الصحراء، وصلنا محطة "لغريدات" قرية بسيطة لكنها مفعمة بالحياة والصبر على مناخ الصحراء الحار.
 واصلنا السير إلى "إينال"، لا يختلف المناخ كثيرا، لكن  الحياة قد تكون أكثر نضارة، رغم شظف العيش، فالناس هنا فخورون بالانتماء لأرضهم، وجهود أخرى كبيرة تبذلها خيرية اسنيم، تجعل الحياة أسهل والأمل أقرب، توفير الماء للبشر والماشية، وخلق فرص العمل وبث روح الحياة في السكان.
التوقف الأهم في هذه الرحلة هو بلا شك في "تميمشات" حيث يفرض المكان حضوره، وتظهر روح الناس التي تسكن الأرض وتتشبث بها، وصلنا المنطقة بعد ساعات من السير عبرنا فيها رمالا وسهولا، لنحط الرحال في ضاحية جديدة من ضواحي السكة الحديدية.
 في تميمشات، تتجلى مظاهر الصبر والانتماء، ويشعر الزائر بحميمية الحياة، رغم بساطتها، وبكل تأكيد هي أكثر تلك المناطق سخونة، فدرجة الحرارة قبيل المغرب تتجاوز سقف الأربعين.
في اتميمشات كما هو الحال في كل التجمعات السكنية على طول السكة الحديدية تلعب شركة اسنيم دورًا حيويًا، ليس فقط من خلال نشاطها الصناعي، بل عبر  ذراعها الخيري  خيريتها التي تواكب حاجيات السكان:
- توفير المياه للسكان والماشية.  
- بناء وترميم المدارس والمراكز الصحية والمرافق الإدارية.
- محلات تجارية بأسعار مدعومة تسهم في تخفيف أعباء المعيشة.
في تميمشات، كما في كل محطات السكة، تختلط قسوة الطبيعة بكرم الإنسان، والبساطة بقوة الانتماء.
شاهدت لأول مرة مدى حماس السكان حين تمر عربات القطار فجرا وهم يستعدون لصعود العربة المخصصة لنقل الركاب باتجاه نواذيبو، أو "ادويرة" كما يسمونها، لحظات ماتعة قبل شروق الشمس، لمن يشاهدها لأول مرة مثلي .
تنتهي الرحلة في مدينة شوم، حيث يعانق الحديد الجبال ويصبح القطار رمزًا للصمود، والربط بين القرى والأحلام.
تفصل السكة بين ناحيتي شوم القديم والجديد لكنها توحد السكان.
اكتشفت خلال هذه الرحلة منطقة كبيرة من بلادي، وتعرفت على أشخاص تركوا معي بصمات إيجابية، فالمدير سيد محمد، وربان السفينة عبد الله، كانا نعم الرفيقين، لي ولمرافقي خالد، كرم وبساطة وحرص على أن لا يختل شيئ..
تقاسمنا معا كل الظروف، طيلة رحلتنا القصيرة في الوقت،  المليئة باللحظات الخالدة، كدنا ذات لحظة نتجاوز حدود موريتانيا في منطقة لا توجد بها إنذارات سوى طائرات الدرون، ولكننا أيضا خلدنا لحظات مميزة في غالبية محطات الرحلة الاستثنائية..

 

مصطفى سيديا/ صحفي

 

 

10. يوليو 2025 - 15:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا