السياحة الثقافية / محمد البوص

تحظى موريتانيا بميزة وجود اللغة العربية، لغة القرآن، ومهد الحضارة العربية الفارسية.
وعلى عكس جيراننا، وجدت فرنسا في بلادنا لغة منطوقة ومكتوبة من طرف أناس كان أسلافهم مستعمرين في إسبانيا لمدة ثمانية قرون.
وإن كان العالم قد وصل إلى الثقافة اليونانية، فإنما كان ذلك بفضل الناطقين بالعربية أمثال ابن رشد، الذي تعلم اليونانية ليستوعب ويغني مؤلفات أرسطو، التي استفاد منها الرومان.
فإذاً، لا يمكن الوصول إلى العلم إلا بالانفتاح على الآخر.
لقد جلب لنا التاريخ اللغة الفرنسية، وجعلنا منها أداة للعمل دون أن نشغل أنفسنا بجانبها الاستعماري.
في الواقع، الفرنسية ليست حكراً على فرنسا، فـ45 حائزاً على جائزة نوبل يتحدثون بها، كما هو الحال مع جميع جيراننا.
وفي هذا العالم المعولم، اختفت فكرة "المستعمر والمستعمر".
كان يمكن لمهرجان المدن القديمة أن يعطي دفعة قوية للسياحة الثقافية، لولا أنه تحول إلى عرض استعراضي.
ولذلك لم يجذب الجماهير من السياح كما كان منظموه يأملون.
يجب علينا أن نستلهم من الأفكار التي اعتمدتها عمالقة السياحة مثل فرنسا، إسبانيا، الولايات المتحدة، إيطاليا، والصين.
الفكرة هي أن نقدم للزائر شيئاً حصرياً لا يجده في مكان آخر.
فكما تمتلك هذه الدول معالم مثل برج إيفل، الحمراء، تايمز سكوير، وسور الصين العظيم، نحن نمتلك تيرجيت، الريشات، بنعميرة، وأرغين.
لدينا ميزة لا توجد في أي مكان آخر في العالم: كل أسرنا يمكن أن تتحول إلى موتيلات صغيرة.
ضيافتنا الأسطورية تُمكننا من استقبال عدد من الزوار يفوق ما تستقبله البلدان الكبرى.
وهذه القدرة الاستيعابية، إذا تم تسخيرها لصالح تراثنا، تعتبر نقطة قوة تساعدنا على أن نكون وجهة مفضلة.
وسنحسن من وسائل الاتصال والتسويق حتى تكون ثقافتنا وسيلة جذب للسياحة الثقافية.
السياح، إلى جانب الأموال التي يضخونها في البلد المضيف، يثرون ثقافته: مثل الأكل بالملعقة بدلاً من الأكل بالأصابع، أو ارتداء ملابس بسيطة بدلاً من أمتار القماش غير المفيدة.
هم أيضاً يساهمون في تغيير العقليات التي تعيق التنمية، مثل عادة تغذية الفتيات القسرية، احتقار الرياضة، والإفراط في تناول اللحوم الحمراء الضارة بالصحة، .
تناول الطعام في المطاعم أو الإقامة في نزل، كانت عادات غير محبذة لدينا، لكنها اليوم تدعم السياحة الداخلية وتخلق فرص عمل.
ويمكن لموريتانيا أن تستفيد من تطوير سياحة ثقافية مستدامة: ففي عام 1995، افتتح 135 سائحاً أول رحلة جوية بين باريس وأطار.
وفي الفترة ما بين 2004 و2009، زار 25,000 سائح منطقة آدرار.
ما أسباب هذا التدفق المفاجئ؟ هل هو تسويق الوكالات؟ أم الخوف من منطقة المغرب؟ أم حب الصحراء؟
من الصعب تجاهل الطابع العالمي لثقافتنا والجاذبية التي تمثلها للسائح الغربي.
وسنكون مخطئين إذا ضيعنا فرصة الحصول على حصة جيدة من ملياري سائح سيجوبون العالم بحلول عام 2030 والثروة التي سينفقونها.

 

 

 

16. يوليو 2025 - 11:47

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا