بعد مخاض ليس بالعسير اشرفت عليه قابلة التوليد "اللجنةالمستقلة للإنتخابات" برزت إلى الوجود الجمعية الوطنية فكان من اللازم أن تجد من يهمس في أذنها بتعاويذ من شر شياطين سمياتها في العهود السابقة.
فقد أولد السمي الأول في العهد الطائعي مصابا بمس الغثيان الذي آل مع التثاؤب المتواصل إلى سبات عميق خالطته شطحات الأيادي المرفوعة، يخيل إلى المتفرج على الجلسات أنها حالة عصبية تأصلت في أطراف النواب بسبب مد الأيادي محابات للمسؤولين في مكاتبهم وتبركا وطمعا فيما تدر به أناملهم السخية، أياد اكتسبت مهارة مزدوجة في التعبير فهي أداة مباشرة يتم بها تمرير القوانين، ورغم أن اصحابها يسبحون في احلام يقظتهم فإن اليد المرفوعة تؤدي الدور المنوط بها نيابة عنهم ، وفي المشهد المقابل وخارج فضاءات الجمعية تتابع نفس الأيادي مسيري الوزارات فيلوذون في الفرار عنها دفعا للحرج بيد أنها سبق أن تدريت على اصطياد الشوارد من القطيع .
ثم جاء بعد العهد الطائعي المولود الذي اتسم بعبقرية فذة وقدرة فائقة على مسايرة الأحداث بأثوابها المتباينة ، حيث استطاع أن يخلق مسحوقا يزاوج بين التبرير الديمقراطي وأنقلاب الجنرالات فتم وضع مسرحية مرتبة الأدوارامتزجت فيها مصطلحات الثكنات بمفاهيم الكتل البرلمانية حيث قامت الكتيبة البرلمانية بوضع السيناريو الذي بدأ بسحب الثقة من حكومة رئس استدرج اصلا ليكون صباغة مستوردة خارجة عن المشهد، فكانت ملامح التدرج التي اتبعتها الكتيبة البرلمانية ممنهجة : بدأت بإشعاره أنه تم الإستغناء عنه ثم تلى ذلك إثارة أزمة سياسية مختلقة حبكت فصولها بليل ، وعندما لم تفهم السلطة المخلوعة الرسالة جاء الحل سريعا على متن دبابات أمتطت الكتيبة البرلمانية صهواتها وحطت الرحال في قلب القرار السياسي لتصوغه صياغة يريدها الإنقلاب الجديد القديم.
وبقيت تلك الكتيبة حاضرة في مشهد أصيب فيه الطيف السياسي بالذهول وتحول الغثيان إلى نشاط أفضى الى عياط وصخب داخل جلسات الجمعية فتوهم السامع أنها أنعكاس لظاهرة صحية يقتضيها صياغ يجمع بين معارضة ساخطة وموالات مندفعة يحدوها الشعور بالقوة والقدرة على الإنفراد بالقرار .
فأين أنت ايها المولود الجديد من هذا الواقع؟
لك أن تشدو كما يطيب لك فلن يعكر صفوك بعد اليوم صوت المعارضة الذي صار تأوهات من وراء الغيوم وأزاحت المعارضة المعاهدة عن وجهها الستار الواهم الذي كان بينك وبينها ، واضحى التواصل المشارك على مفترق طرق بين تهافت حراك الاغلبية وإرث الكتيبة البرلمانيةومناورات الأقلية المعاهدة.