تابعت اليوم في التلفزة الرسمية حلقة من برنامج مساء الخير، وقد استضافت هذه الحلقة ثلاثة من منظمي لقاء الشباب والرئيس، ولقد قال أحد الضيوف بأن لقاء الرئيس بالشباب ليس لقاءً سياسيا، وأكدت ذلك مقدمة البرنامج، والتي قالت بأن اللقاء لو كان لقاءً سياسيا لما تحدث عنه برنامج مساء الخير، فبرنامج مساء الخير لا يتحدث إطلاقا في السياسة، ولا يتحدث كذلك عنها.
لا بأس سنصدق بأن لقاء الرئيس بالشباب ليس لقاءً سياسيا، ولكن المشكلة هي أننا إذا لم نصنف ذلك اللقاء بأنه لقاء سياسي، فإننا حتما سنصنفه باللقاء الانتخابي.
فهو لقاء انتخابي من حيث التوقيت، وذلك لأنه جاء في نهاية مأمورية وبداية أخرى، ولو لم يكن لقاءً انتخابيا لتم تنظيمه في بداية المأمورية المنتهية، أو لانتظر به "رئيس الشباب"، "رئيس الفقراء" سابقا بداية مأموريته الثانية.
وفي اعتقادي الشخصي فإن هذا اللقاء لن يكون إلا بداية لسلسلة من "الحركات الشبابية" ذات الطابع الانتخابي، وهي حركات ستسعى إلى استغلال الشباب في الحملة الانتخابية القادمة "لرئيس الشباب"، تماما كما تم استغلال الفقراء في حملة "رئيس الفقراء" في الانتخابات الرئاسية الماضية.
ولن يكون من المستبعد إطلاقا، في إطار "الحركات الشبابية" المنتظرة والمتوقعة في كل حين، أن يعلن "رئيس الشباب"، "رئيس الفقراء" سابقا، عن صفحة خاصة به على "الفيسبوك" أو عن حساب على "تويتر"، أو أن يظهر في لقطة وهو يجلس مع مجموعة من الشباب في أحد مقاهي العاصمة، أو أن تشاهدوه وهو يلعب الكرة مع بعض الشباب في ملعب أو في ساحة جرداء، أو تقابلوه "صدفة" وهو يتجول مع مجموعة من الطلاب داخل إحدى الكليات.
عليكم أن تتوقعوا من الآن ظهور لقطات رئاسية شبابية من هذا النوع.
وبالعودة إلى حلقة برنامج مساء الخير، فقد أصر منظمو اللقاء (ضيوف الحلقة) خلال إطلالتهم التلفزيونية على القول بأن الرئيس يريد أن يسمع أفكارا من الشباب، وأنه سيعمل على تنفيذها مستقبلا.
لا بأس سأصدق أيضا هذا الوعد، ولكن سأطلب فقط من ضيوف الحلقة بأن يبلغوا سلامي لرئيس الشباب رئيس الفقراء سابقا، وأن يسألوه عن مصير الأفكار والمقترحات التي تم تقديمها منذ ما يزيد على عام في منتديات التعليم؟ ولماذا لم يتم حتى الآن تنفيذ أي واحدة من تلك الأفكار؟ أليس التعليم مهما يا شباب؟ ثم اسألوه من بعد ذلك عن الأفكار التي تم تقديمها في منتديات النقل، وعن الذي نفذ من توصيات ندوة الحكامة التي نظمتها الأغلبية الداعمة منذ ما يزيد على أربع سنوات؟
إن المشكلة ليست في غياب الأفكار ولا في ندرتها، وإنما هي في عدم الاهتمام أصلا بالأفكار، وما دام اللقاء القادم عن الشباب، وما دامت البطالة هي واحدة من أهم المشاكل التي يعاني منها الشباب، فإليكم هذه الحزمة من المقترحات التي كنتُ قد قدمتها للرئيس في رسائل مفتوحة خلال السنوات الماضية، والتي لم تجد بطبيعة الحال، أي اهتمام:
1 ـ لقد اقترحتُ على الرئيس في واحدة من رسائلي المفتوحة بأن يخصص التعيين في مجالس الإدارات للشباب العاطل عن العمل من حملة الشهادات، وذلك بدلا من تخصيصها لبعض المتقاعدين الذين نهبوا أموالا طائلة من قبل تقاعدهم.
2 ـ لقد بينتُ للرئيس في رسالة مفتوحة أخرى بأن هناك سوء توزيع في البطالة، فالأسر الفقيرة قد نجد لديها ثلاثة أو أربعة من العاطلين، في حين أن الأسر الميسورة كثيرا ما تتمكن من توظيف أبنائها حتى من قبل التخرج، وهي دائما ما تحتكر الفرص المحدودة في سوق العمل. ولمواجهة سوء توزيع البطالة بين الأسر الفقيرة والغنية فقد اقترحت على الرئيس أن تعطى الأولوية في أي اكتتاب لحملة الشهادات للأسر التي لديها أكثر من حاملي شهادة عاطلين عن العمل. عمليا يمكن تنفيذ هذا المقترح من خلال وثائق السجل السكاني المؤمنة.
3 ـ بعد وصول الحافلات الإيرانية اقترحت على الرئيس أن يسلمها كقرض ميسر للمئات من العاطلين عن العمل، لتكون بداية لتأسيس شركة نقل خاصة بحملة الشهادات، وذلك بدلا من تأسيس شركة تابعة للدولة سيكون مصيرها الإفلاس، ولقد أثبتت الأيام بأنها تسير إلى هذا المصير المحتوم.
4 ـ لقد أعدتُ تقديم مقترح لتنظيف العاصمة، كنتُ قد قدمته للرئيس السابق، وذلك بعد أن علمتُ بأن الحكومة حينها تفكر في التعاقد مع شركة أجنبية، سيظهر فيما بعد بأنها شركة "بيزارنو" الفرنسية. إن المليارين اللذين تبتلعهما هذه الشركة سنويا مقابل 600 طن يوميا كان يمكن أن تؤسس بهما شركة وطنية لشراء القمامة من المواطنين بسعر 10 أواقي لكل كيلوغرام من القمامة. ولو أن تلك الشركة تم تأسيسها لوفرت آلاف فرص العمل للشباب غير المتعلم، ولاختفت القمامة نهائيا، ولأصبحت العاصمة اليوم مدينة نظيفة.فقط كانت ستظهر بعض النزاعات والخصومات الجديدة، كأن تكثر الخصومات والنزاعات بين الأسر على ملكية القمامة، ولكن لا بأس بتلك الخصومات في سبيل عاصمة نظيفة.
5 ـ في مجال التكوين المهني قدمتُ مقترحا مفصلا خاص بالشباب الذي لم يحظ بأي تعلم، ولقد تم تقديم هذا المقترح للرئيس، كما تم تقديمه بعد ذلك للوكالة المكلفة بمحاربة آثار الرق.
تلكم كانت عينة من بعض الأفكار والمقترحات التي كنت قدمتها لرئيس الفقراء، عفوا رئيس الشباب. أما الآن فليس لدي من مقترحات إلا هذا المقترح الذي أقدمه لمنظمي لقاء الشباب الرئيس : أرجوكم أن تَصْدقوا الشباب وأن تصارحوه بالهدف الحقيقي من لقاء الشباب والرئيس، ولن يتم ذلك إلا إذا حذفتم عبارة "أنتم الأمل" الموجهة للشباب، وأبدلتموها بعبارة "أنتم شعار حملة".
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل