مؤتمر المعارضة.. الشيخ والعيدان والأبناء / محمد ولد سيدي عبد الله

altقاطعت معظم أحزاب المعارضة الانتخابات البلدية والتشريعية التي أجريت مؤخرا في موريتانيا، وبلغت نسبة المشاركة أرقاما قياسية في العديد من الدوائر الانتخابية رغم قرار المعارضة.

استلمت المجالس البلدية الجديدة مهامها وانتخب البرلمان الجديد رئيسه وباقي لجانه وبدأت الفرق البرلمانية تشرع في ممارسة مهامها.

واتسمت العملية من بدايتها بقدر من الشفافية وأجمعت معظم القوى بما فيها الأحزاب السياسية المعارضة المشاركة في الانتخابات على رضاها العام عن الجو الذي أجريت فيه الانتخابات .

نالت أحزاب معارضة مشاركة في الانتخابات مقاعد برلمانية عدة وتفوقت بعض لوائحها على مستوى المجالس البلدية ، وتقدم بعض المرشحين بطعونهم في بعض النتائج لدى المحكمة العليا والمجلس الدستوري ولأول مرة في تاريخ موريتانيا تم اتخاذ قرارات من المحكمة العليا والمجلس الدستوري بتغيير قرارات الجهة المشرفة على الانتخابات وتم بالفعل استبدال نواب في الجمعية الوطنية بآخرين أعلنت عنهم اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في إعلانها المؤقت وأعيد فرز بعض المكاتب وتقررت إعادة أشواط في بعض الدوائر.

هي حقائق ووقائع رغم بعض الملاحظات والتجاوزات على أداء اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وعلى تعاطي القضاء مع بعض الملفات ، لكن المجمع عليه أيضا أن ذلك تم بقرارات صادرة عن هذه الجهات دون أي تدخل من الجهاز التنفيذي.

هو انتصار لديمقراطيتنا الفتية وسير حثيث نحو مبدأ فصل السلطات واستقلالية القضاء ومصطلحات من هذا القبيل نجيدها جميعا ونطالب بها ومنذ سنوات ونعتبرها المطلب الأول والأخير الذي به ننفذ إلى عالم الديمقراطية والمساواة.

يتحقق الحلم وتستصدر بطاقة تعريف "اجيومترية" ، وننجح في إجراء عملية انتخاب مشابهة إلى حد كبير لما يتم في أرقى ديمقراطيات العالم وأحسن بكثير مما يحدث في إقليمنا وفي العديد من بلدان العالم ومع ذلك تقول المعارضة أن شيئا لم يحدث و الانتخابات تمت بصفة أحادية و البلد على فوهة بركان وأن تداعيات جيوسياسية إقليمية تهدد المنطقة ولن تسلم بلادنا من تداعياتها وأننا نسير نحو الدمار والزوال .

وفي الوقت الذي تصف فيه المعارضة المشهد بهذه الفظاعة تتسابق دول المنطقة والقارة لمنحنا وساما يحمل معاني الريادة وننجح في تحقيق ذلك الحلم الكبير وتنتخب موريتانيا رئيسة للاتحاد الإفريقي الذي فقدت عضويتها فيه قبل خمس سنوات وناضلت بعض قيادات المعارضة الحالية من أجل عودة موريتانيا للإتحاد ولكن كل ذلك كان لحاجة يعقوب

وفي نفس الوقت الذي تقول فيه المعارضة أننا نسير نحو الزوال تزداد ثقة المستثمر وننجح في عقد مؤتمر فريد من نوعه في البلاد والمنطقة .

وفي سياق متصل بالريادة تتصدر موريتانيا قائمة الدول العربية في حرية الإعلام.

إن اجتماع المعارضة في هذا الظرف بالذات لمناقشة بعض الملفات في الوقت الضائع ومحاولتها تجميع كل كوادرها واتجاهاتها الفكرية رغم اختلافاتهم الفطرية لهدف واحد هو الإطاحة بنظام عزيز أو هكذا يرددون يذكرني بقصة الشيخ وأبنائه الصغار في ذلك الدرس" البيداغوجي "

لقد أحضر الشيخ كومة من العيدان مربوطة بينها بحزام وثيق وطلب من كل فرد من أبنائه أن يكسرها وبعدما دارت الدائرة عليهم واحدا واحدا وعجز كل واحد من الأبناء عن تكسير هذه الكومة رغم الجهد والمثابرة من كل هؤلاء لإظهار قوته أمام والده ووسط هذا الجو التنافسي .

طلب الشيخ رد الكومة إليه وبدأ يفك الحزام ثم شرع يقدم العيدان للأبناء من جديد عودا عودا ويطلب منهم تكسير جميع العيدان عودا عودا ولم يعجز أي من هؤلاء الأبناء عن تكسير عوده.

ثم قال الشيخ لأبنائه في هدوء إذا اتحدتم وكنتم كتلك الكومة فإن اختراقكم وتكسيركم وإضعافكم سيكون أمرا مستحيلا تماما كما استحال عليكم تكسير تلك الكومة حين كانت مربوطة ومتحدة بينها ، أما وإن تفرقتم فإن كل واحد منكم سيكون سهلا أمام الآخرين كسهولة كل عود من العيدان التي كسرتم .

هكذا أستحضر قصة الشيخ في درسه لأبنائه ماثلة أمامي وأنا أمام مؤتمر يختلط فيه الحابل بالنابل ،اليميني باليساري ،الكادح بالمادح، المفكر بالمذكر، الإسلامي بالعلماني.

اتفق كل هؤلاء على أنهم ضد عزيز، رغم اختلافاتهم الداخلية والتي تصل حد الحقد والتلعين.

وتظهر كتابات تحرض هؤلاء ليخرجوا عن طابعهم التقليدي مطالبة بالتصعيد.

وغير بعيد عن هذا المشهد يظهر عزيز دور الأب السمح في درس بليغ دلالاته كدلالات درس ذلك الشيخ الحكيم مع أبناءه فيمد الرئيس من جديد يد المصافحة يد الحوار لأخوة قلنا جميعا لقد فاتهم القطار لكنها دبلوماسية عزيز.

[email protected] 

20. فبراير 2014 - 17:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا