هل تؤثر حوارات المعارضين مع النظام علي مؤتمرهم ؟ / الحاج ولد المصطفي

تكشف بيانات وتصريحات أقطاب المعارضة الوطنية عن تباين في الآراء بين من فهم في دعوة الوزير الأول للحوار خطوة هامة  (اتحاد قوي التقدم) وبين من أعتبرها محاولة غير جادة للتأثير علي مؤتمر المعارضة (تكتل القوي الديمقراطية )

وبين هذا وذاك جاء بيان التحالف الشعبي رافضا لحوار جديد قبل الإنتخابات الرآسية .وتحدثت بعض المصادر عن إمكانية طرح فكرة تأجيل الإنتخابات الرآسية لصالح انتخابات برلمانية جديدة ..فهل ينجح النظام في التشويش علي  المؤتمرين؟ وهل يعكس تباين المواقف جزء من التحديات التي تواجه المؤتمر؟ وماهي إمكانيات المعارضة في التصدي لأجندة النظام  وانتخاباته الرآسية القادمة؟

جاءت دعوة الوزير الأول لرئيس حزب اتحاد قوي التقدم مفاجئة للمراقبين من حيث أنها تأتي في وقت قطعت فيه المعارضة شوطا كبيرا في اتجاه عقد مؤتمر جامع لتوحيد صفوفها ومناقشة موضوعات هامة وحاسمة ، ولم يكن خافيا أن الوزير الأول يكرر نفس السيناريو الذي سبق الإنتخابات البرلمانية والبلدية غير التوافقية والذي أدي إلي مشاركة أحد أقوي أحزاب المنسقية في انتخاباته التي قاطعتها بقية أحزاب المنسقية ،أعتبر البعض ذلك نجاحا حققته دبلوماسية الوزير الأول "المتألقة داخليا"(أرجو أن لا يغضب مني هذه المرة محامي دبلوماسية النظام "غير المختار"). وجاءت استجابة رئيس حزب اتحاد قوي التقدم السيد محمد ولد مولود سريعة ومعبرة عن استعداد قوي لدي المعارضين للدخول في حوار جديد مع ذات النظام الذي خذلهم في حوارهم السابق معه...وأصدر الحزب بيانا شرح فيه اللقاء بين الرجلين وأعتبره بداية مشجعة من حكومة النظام ..لكن الحكومة وعلي لسان وزير إعلامها الجديد وأحد أبرز "قادة كتائب النظام" قللت من أهمية اللقاء وأعتبر الوزير أنه جزء من سياسة الإنفتاح اتجاه كافة المواطنين ..ثم جاءت الدعوة الثانية إلي زعيم المعارضة الديمقراطية السيد أحمد ولد داداه  والذي سبق له أن رفض اللقاء بالوزير الأول في محاولته الأولي وعاد هذه المرة للتأكيد علي أنه لن يقبل "أن يلدغ من جحر واحد مرتين " ولم يكتف حزب تكتل القوي الديمقراطية برفض الدعوة لكنه وصفها ب"المحاولة غير الجادة والهادفة إلي التأثير علي مؤتمر المعارضة" ...

وكان التحالف الشعبي لتقدمي قد أصدر مكتبه التنفيذي بيانا سجل فيه رفضه القاطع لأي حوار جديد بين المعارضة والنظام باعتبار أنه "تضييع للوقت ".. هذا الموقف يدعمه بقوة حزب الوئام إن لم يكن هو الأشد معارضة لذلك الحوار ولإعادة الإنتخابات غير التوافقية  حسب تصريحات رئيسه السيد بيجل ولد هميد ...

حزب تواصل عبر عن رغبة كبيرة في إنجاح مؤتمر المعارضة وربط ذلك النجاح بالتوصل لمرشح موحد للرآسة وهو موقف يمكن أن نفهم منه أن الحزب الفائز في الإنتخابات الماضية قد لا يكون متحمسا لفكرة إلغاء نتائج الإنتخابات التي أوصلته إلي مكاسب جديدة بعد ما كابده في سبيلها من تكاليف .

وكانت معلومات غير مؤكدة قد راجت في المواقع الإخبارية مفادها أن النظام قد يكون مستعدا لطرح فكرة تأجيل الإنتخابات الرآسية لصالح إعادة الإنتخابات غير التوافقية إذا وافقت الأطراف المعنية علي ذلك ..

إن كل هذه المعطيات تجعلنا نلاحظ مايلي:

توجد تحديات وصعوبات أمام توافق أطياف المعارضة الوطنية أهمها:

التعاطي مع النظام :

لا يمكن –في نظري- أن نلوم حزب اتحاد قوي التقدم علي تلبيته دعوة الوزير الأول للتشاور لأن موقفه ثابت ومنسجم مع مبادئ الحزب الداعية إلي حل مشاكل البلاد عن طريق الحوار ونبذ العنف ورفض الإنقلابات . ورئيس الحزب السيد محمد ولد مولود ليس الجحر الذي لدغدت منه منسقية المعارضة ......

موقف تكتل القوي الديمقراطية ليس مفاجئا لأنه مؤسس علي تجارب سابقة مع هذا النظام بصفة خاصة، لذلك جاء رفضه للمرة الثانية

السيد مسعود ولد بولخير لايمثل عقبة كبيرة أمام توافق المعارضة ودخولها في حوار مع النظام شريطة أن لايكون من أجل استهلاك الوقت وتبديده لصالح مرشح النظام وعلي حساب بقية المرشحين الذين قد يكون مسعود نفسه أحدهم ..

أما حزب تواصل فقد كان دائما منسجما مع الأهداف الكبري للمعارضة ولايمثل تمسكه بنتائج الإنتخابات (التي عبر دائما عن اعترافه بأنها غير توافقية وشابها الكثير من الخروقات ) عقبة أمام توافق المعارضة .

القدرة علي التوحد:

يستفيد النظام من عدم تجانس المعارضة التي تنقسم إلي ثلاثة أطراف بارزة هي:

المعارضة التقليدية التي تتكون من أحزاب وشخصيات استطاع النظام أن يخترق صفوفها و يحاور حزبا منها (حزب التحالف الشعبي ) ويدفع حزبا آخر إلي المشاركة في انتخاباته الأخيرة (حزب الإصلاح والتنمية )

وتضم أحزاب رئيسية في منسقية المعارضة (تكتل القوي الديمقراطية واتحاد قوي التقدم).

المستقلون والمعارضون الجدد:

هم أحزاب وشخصيات لديها وعي معارض خرجت من رحم أحزاب المعارضة التقليدية أو تشكلت من مستقلين سابقين (في مرحلة النضال ضد نظام معاوية).ومن بينها (أحزاب في منسقية المعارضة هي حاتم والمستقبل واللقاء ).وأخري من المعارضة المحاورة هي الصواب وحزب إعادة التأسيس وحزب السيد صار

أنصار معاوية

وهم أحزاب سياسية  وشخصيات عامة كانت داعمة لنظام معاوية ولد الطايع وبعد الإنقلاب عليه أصبحت معارضة ومستهدفة من النظام الحالي، بعض تلك الشخصيات دخلت أحزاب المعارضة التقليدية والجديدة وأهم أحزابها في المعارضة  (حزب الوئام والتجديد وحزب التجمع والحراك والتناوب وحزب ولد الواقف ) ومن الشخصيات : السيد أعلي ولد محمد فال وقائد الأركان السابق عبد الرحمن وغيرهم ).

أعتقد أن الطرف الأخير أصبح يؤثر أكثر من غيره في توجيه المعارضة لأسباب متعلقة بامتلاك الوسائل والكوادر القادرة علي التخطيط ..في حين يعتبر توافق الطرفين الأول ولثاني هو الحاسم في تحديد مدي قوة المعارضة الوطنية ، لأن أهداف أنصار معاوية ترتبط بإرادة النظام واستعداده لضمهم، متي أراد ذلك..! وقد رأينا كيف تراجع السفير السابق والقيادي في المنسقية عن حزب الحراك في وقت حرج جدا .وهو حال بقية أنصار ولد الطايع .

إن ما ينبغي أن يفهمه قادة المعارضة هو أن التوافق الحقيقي هو ذلك الذي يقود إلي عودة التفاهم والوفاق بين أطياف الوعي المعارض والمناضلين الحقيقيين والذين يعول عليهم في جميع مراحل النضال من أجل التغيير وعليهم أيضا أن لا يتركوا زمام مؤتمرهم بين أيدي المعارضات المرحلية توجهه وفق أجندتها التي ليس من بينها التضحية من أجل إسقاط النظام العسكري وتغيير طبيعة نظام الحكم من دكتاتوري عسكري إلي مدني ديمقراطي.

إن علي المعارضين قبل المؤتمر أن يوحدوا موقفهم من الحوار مع النظام :فمن جهة لاينبغي أن تظهر المعارضة بمظهر من يرفض الحوار سبيلا لحل مشاكل البلاد . ومن جهة ثانية لا يجب أن تقدم تنازلات للنظام تمكنه من إخراج مسرحيته الجديدة.

وسيكون مفيدا للمعارضة الوطنية أن تعمل علي تكوين إطار سياسي ونضالي جديد ، يحدد معايير واضحة لشروط الإلتحاق بصفوفه ويرسم سياسة معارضة قوية تستلهم من تاريخ المعارضة الوطنية العبر والدروس وتضع الثقة في من يستحقونها من المناضلين الشرفاء الذين لم يتاجروا بمواقفهم وكانوا دائما حصنها المنيع ودافعتها القوية .

إن عددا قليلا من المعارضين الصادقين المتحدين أفضل بكثير من حشود متنافرة تملأ ساحة ابن عباس ولا تتمكن من الصمود لبضع دقائق أمام أفراد من شرطة النظام وتجلس متفرجة تراقب ما سينتج عن ما أسمته هي نفسها مهزلة الإنتخابات!

[email protected]

 

21. فبراير 2014 - 15:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا