الحكم السفيه / أحمد ولد الوديعة

الحكم الرشيد أو الحكامة الرشيدة مفردات ضمن أخرى ترجمت على عجل ودون احتراف إلى اللغة العربية، واختطفت بقسوة من سياقها لتغرس غصبا عنها في صحراء  جدباء قاحلة في موسم صيف ساخن، لذا لم تستطع هذه الكلمات أن تثير أي إعجاب حتى ولو كان إعجابا على طريقة رواد الفيس المسرفين على أنفسهم في تقديم " اللايكات"  على قاعدة أن الإضافة تقع بأدني سبب.

 هذه الوضعية القلقة للحكم الرشيد جعلتني أتعاطف معه وأبحث عن طريقة  أقدمه بها  لشعبنا " الطيب"  صاحب " الحظ السعيد "  في الحكم والحكامة ، فأخترت على قاعدة ابن الحسين المعروف  هنا أكثر من من " البون كوفرنانص" أن أساهم في رفع الظلم عن الحكامة الراشدة.

 قاعدة أبي الطيب تقول " وبضدها تتبين الأشياء" وما هو ضد الحكم الرشيد  بين غير متشابه في مأمورية رئيسنا المنتهية ولايته، دعونا نستعيد مقاطع من " حكامتنا "  لعل ذلك يكون مدخلا لمعرفة الحكم الرشيد وتسجيل إعجاب به  يخرجه من حال الخطف والحصار والإكراه ويمنحه علبة اوكسجين يتنفس بها ما دام أن توفير مياه صالحة للرشد لايبدو متوقعا في أفق " حكامة " بلاد المنكب البرزخي.

 نحن أمام حكم سفيه وحكامة سفيهة والكلام هنا لأسباب فيه  ولاتشهير  بل هو مجرد استعراض بالعرض السريع لوقائع محددة جرت أحداثها  منذ2009 تاريخ بداية الدولة الموريتانية الجديدة والحديثة ؛ دولة رئيس الفقراء ورئيس العمل الإسلامي مفجر الحريات والطاقات والربيع رئيس رؤساء إفريقيا وخليفة ملك ملوكها في القارة.....

 نحن  أمام حكم أوصلته قراءته المتلعثمة لواقع بلد وصل لرئاسته عن طريق الصدفة  - الوصف من الرئيس في لقاء مع جمع من الإعلاميين وليس مني – إلى أن يدير  حربا عرقية في جامعة نواكشوط حتى لايقرأ في عناوين المواقع والصحف أن  فصيلا طلابيا يعتبر رئيس الجامعة ومدير الديوان فيما بعد أنه غير جدير بالفوز قد فاز وحصل على تمثيل واسع لطلاب الجامعة.

 لقد أشرفت الجهات الأمنية والسياسية والإدارية على إشعال تلك الحرب التي خرج لهيبها سريعا من جدران الجامعة ووصل شوارع في وسط العاصمة وكان " رئيس الحكم الرشيد" والساهرون على تنفيذ سياساته الرشيدة يصبون كل أشكال الزيوت على النار التي تفضل السيد رئيس الجامعة بإشعالها في أرضية لم ينجر حكم العسكر على مدى أكثر من ثلاثة عقود إنجازا يضاهي توفير مناخات الاشتعال والاحتراق فيها.. يبدو حكم العسكر هنا متأثرا – من حيث لايدري قطعا – بمقولة لنزار قباني يقول فيها ".... الكبريت في جيبي وسوابقي في إشعال الحرائق لاتحصى وتاريخي مع النار قديم .."

.......

   وعلى مدى السنوات الخمس اشتعلت نيران كثيرة بعضها حظي دخانه بتغطية واسعة لأن ذلك كان جزء من الخطة وبعضها تسرب دخانه في محيط ضيق محدثا حالات اختناق قوية في أجسام معارضة كان يفترض أن يكون لها دور في إطفاء حريق البلد الاكبر وإنهاء حالات الاختطاف فيه بما فيه اختطاف الحكم والأمر بله الشعب، واختطاف مفردة الحكم الرشيد وغرسها القسري في البيداء المشتعلة هذه... لكن النيران المعادية فتكت بتلك الأجسام وجعلت بعضها يفتك ببعض

 لو تتبعنا مسار الاحتراق  والحرائق ربما لوصلنا لمقترح تسمية لهذه الحقبة من تاريخ البلاد السائبة بالحقبة المحترقة أوزمن الحرائقيين،  فقد توسعت ثقافة الحرق لتصبح حالة شبه عادية بل موضة يبدوأن الرعية هنا فعلا على دين الأمير على خلاف ما يتمني لها أستاذنا الشنقيطي ان تكون على دين دستورها، وكيف لها أن لاتكون فالدستور المسكين أخذ نصيبه من الحرق والخرق ولاشك أن القادم أعظم؛ ينتظر الدستور في أجل  قريب موعدا لمحرقة دستورية تنهي ما كنا نفخر به من تحديد للمأمورية وتحديد حتى لسن الرئيس انتظرو هذه المحرقة أو المقصلة في موعد لن يخلف، ولا تسألوني متى فقد أسسنا حديث الحرائق والحكم السفيه على قاعدة لأبي الطيب المتنبي

...

 ضمن تنزيلات الحكم السفيه التي زاد الانجاز فيها على نسبة السبعين في المائة المعلنة من طرف الحزب الحاكم مع انتصاف المأمورية، وشارك في إنجازها للأمانة بدر واستفاد منها – يا للغرابة  -  أبو بدر، ضمن هذه التنزيلات إذن  نتابع فعاليات متسارعة تضغط بقوة وذكاء على مجالات الاشتعال الممكنة أيضا بين حملة مشروع التغيير، وقد نجحت  هذه التنزيلات – لابد أن نعترف  - في صرف النقاش عن مداراته التي كان عليها قبل أشهر إلى مدارات جديدة لم يعد الانقسام اليوم بين شباب يحمل  حلما بالتغيير وآخر يتسكع على مائدة بارونات الفساد بحثا عن تعيين يذاع مساء الخميس او حتى توظيف يتم خلسة في أي مبني من المباني الحكومية أو شبه الحكومية، بل أصبح بين شباب ينافح عن  "نموذج حكم وحياة  " يرى أنه مهدد من شباب " ظلامي رجعي " يريد أن يعيد البلاد إلى عصور خلت... طبعا لم تعد كثافة الدخان غير الأبيض قطعا تسمح بطرح السؤال أين كنا نحن حتى نتهم " بالرجوع لعصور أي عصور "

  يسمح الوضع الجديد المريح جدا ليس فقط باستفزاز المجتمع في دينه وقيمه والتطاول على مقدساته بل ويسمح أيضا بالاعتداء المباشر على الناس وليس على أي ناس؛ على رموز المجتمع على العلماء وحين يرفع الرأي العام اعناقه مشرئيا لتحريك الدعوى العمومية ضد المعتدي المجاهر بفعلته يقول  " المدعي العام"  وهو صاحب خبرة مشهودة في عدم الافتئات على " أصحاب الشأن" إن الأمر لايستدعي كل هذا النفير  فالحق في الضرب والركل والإساءة هو من الحقوق المحفوظة لكل أحد بل هو من الواجبات التي على  تقتضي تنزيلات الحكم السفيه أن ينال كل مواطن منها نصيبا مفروضا

 بفعل توجيهات الحكم السفيه يمتلأ الفضاء اليوم تطرفا وتدور عجلات الاشتعال سريعا لتوصلنا في وقت قد يكون قبل موعد المقصلة الدستورية  الوشيكة لحال يسمع فيه دوي التفجيرات ليس في عالم مواقع التواصل الاجتماعي المليئ هذه الفترة بتفجيرات يتسلى بها صناع الاشتعال خاصة حين تعلن أحكام الموت وتنفذ افتراضيا دون محاكمة طبعا، هناك تخاض تمرينات تبدو ضرورية لمشهد ما قبل المقصلة... اتوقع أنكم فمهتم أيها السادة معني الحكم الرشيد عن كنتم عرفتم جيدا كيف تطبقون قاعدة أبي الطيب أما إن كنتم واجهتم صعوبات في الفهم فذلك مؤشر على أن لكم مستقبلا جنراليا ربما يجعلكم في يوم قادم  صمن دائرة  صناع الاشتعال.

21. فبراير 2014 - 17:55

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا