كانت الدعوة التي وجهها الوزير الأول لرئيس حزب اتحاد قوى التقدم دعوة مفاجئة، بل ومربكة إلى حد ما، وذلك لأنها تزامنت مع الإعلان عن موعد محدد لتنظيم منتدى الديمقراطية والوحدة، ذلك المنتدى الذي ستشارك فيه أحزاب معارضة، ونقابات، ومنظمات، وحركات شبابية، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة.
كان توقيت الدعوة مربكا، ولكن ورغم ذلك فقد كانت تلبيتها من طرف رئيس حزب اتحاد قوى التقدم لها ما يبررها، وذلك لأن رئيس هذا الحزب بالذات كان قد رفض دعوة سابقة للوزير الأول، في حين قبلها بعض شركائه السياسيين، ولذلك فلم يكن من اللائق برئيس حزب اتحاد قوى التقدم بأن يرفض دعوة الوزير الأول للمرة الثانية، خاصة إذا ما علمنا بأن هذا الحزب هو من الأحزاب التي عُرفت بدعوتها الدائمة إلى الحوار.
بعد هذه الدعوة بدأت الأسئلة تطرح، وكانت الإجابة الأكثر وجاهة بأن الدعوة كانت من أجل التشويش على منتدى المعارضة والوحدة، ولذلك فقد كان رفض رئيس حزب التكتل للدعوة التي وجهت إليه، له أيضا ما يبرره، حتى وإن كنتُ من الذين يعتقدون بأن قبول اللقاء بالوزير الأول مع رفض نقاش كل الأمور التي تتعلق بالانتخابات الرئاسية من قبل انتهاء أعمال المنتدى كان هو الأسلم في نظري، وذلك حتى لا تجد السلطة ما تدعم به دعواها التي تقول بأن المعارضة هي من يرفض دائما الحوار.
كنتُ أتمنى أن يقبل رئيس حزب التكتل بتلبية الدعوة مع رفض الحديث عن الانتخابات الرئاسية، وذلك بحجة أن موقف التكتل، وكذلك بقية الأطراف المشاركة في المنتدى لن يتحدد إلا بعد اكتمال أعمال المنتدى.
اللافت للانتباه أن الوزير الأول كان قد عبر لرئيس حزب اتحاد قوى التقدم عن استعداد الحكومة لتنظيم انتخابات رئاسية "توافقية"، وبطبيعة الحال فلكلمة "توافقية" دلالات سياسية كبيرة، اللهم إلا إذا كان الوزير الأول قد نطق تلك الكلمة دون أن يولي لدلالتها أي اهتمام، تماما كما قال ذات مرة بأن حكومته الرابعة ستكون حكومة كفاءات موسعة!!
ولأن هناك لغة ثانية يتكلم بها الوزير الأول فلم يكن من الممكن أن نعرف إن كان الوزير الأول كان يقصد بكلمة توافقية التي تلفظ بها أمام رئيس اتحاد قوى التقدم انتخابات توافقية، أم أنه كان يقصد بها شيئا آخر، تماما كما كان يقصد بحكومة كفاءات موسعة شيئا آخر غير حكومة كفاءات موسعة.