لا يكاد يمضي يوم دون أن نسمع عن حراك جديد تقوده فئة من فئات المجتمع تدعى أنها ظلمت وعبدت واضطهدت في وطنها’ ومن بني جلدتها فمن الزنوج إلى الحراطين إلى لمعلمين ومن الشباب إلى النساء إلى المعاقين ومن العمال إلى الطلاب إلى العاطلين
عن العمل لا أحد راض عن وضعه في هذه البلاد’ ولا غرابة في ذلك’ فالغضب والتذمر أمر يمكن تفهمه من شعب فقير ومتخلف’ لكن الغريب والجديد على مجتمعنا هو محاولة بعض أبنائه من أدعياء الثقافة وحقوق الإنسان تحميل المجتمع التقليدي خيبات الحاضر وبؤسه وانسداد آفاق المستقبل وضبابيته.
هذه لحظة تاريخية وفاصلة يمر بها مجتمعنا’ نحن فيها أحوج ما نكون إلى التعرف على أنفسنا واستحضار نقاط قوتنا’ ومخاطبة أمجاد أمتنا’ وإلى الحفر عميقاً للبحث عن جذور المشكل وبداياته.
ان اول ما يجب على المتحدثين باسم الفئات المهمشة أن يساءلوا أنفسهم لماذا؟ وكيف؟ ومتى همشوا؟ وعلى ما يبدو فإن أغلبهم لا يعرفون الشيء الكثير عن تاريخ أسلافهم العظماء’ ولا يدركون أنهم كانوا يحتلون مكانة مرموقة في مجتمعهم’ وأن المجتمع الموريتاني التقليدي’ لم يكن مجتمعاً متخلفاً كما يحاول البعض أن يصوره
وفي هذه المعاجة سنحاول البحث في الأسباب العميقة لأزمة مجتمعنا وذلك من خلال استعراض الحياة الثقافية والاقتصادية والعلاقات الاجتماعية التي كانت سائدة بين سكان هذه البلاد خلال ثلاث حقب أساسية من تاريخنا وهي:
1- المجتمع الموريتاني القديم(حقبة ما قبل الاستعمار).
2- المجتمع الموريتاني خلال حقبة الاستعمار.
3- المجتمع الموريتاني ما بعد الاستعمار ( حقبة الدولة الوطنية).
أولاً= المجتمع الموريتاني القديم (ما قبل الاستعمار)
على هذه البقعة النائية وفي مثل هذا المناخ الصحراوي القاسي عاش أجدادنا منذ مئات السنين متحدين في وجه أعدائهم ومحترمين من قبل جيرانهم وأصدقائهم’ فكانوا أول أمة من البدو الرحل تنتج حضارة أصيلة ومتميزة’ وتبدع ثقافة غنية ومتنوعة ’ وعلى الرغم من شظف العيش وحالة الفوضى التي عاشها مجتمعنا’ فقد شكلت تلك الحقبة عصراً ذهبياً بالنسبة لأمتنا’ إذا ما قيست بمنجزها الحضاري ومردودها المعرفي’ حقبة حملنا خلالها رسالة الإسلام ونشرنا لغته في مختلف أنحاء قارتنا’ بل إن إشعاعنا الثقافي وصل إلى المشرق العربي وأوروبا وباقي أصقاع العالم’ ولقد كانت قوافلنا تحمل من العلم أكثر مما تحمل من البضائع’ وكان تجارنا رسلاً للهداية والزهد والتصوف وتربية القلوب.
إن هذه الوثبة الحضارية لم تكن وليدة الصدفة فمن رحم هذه الأرض الممتدة من واد نون شمالاً’ إلى نهر صنهاجة جنوبا’ً ومن تمبكتو ونهر النيجر شرقاً’ إلى المحيط الأطلسي غرباً’ كان لابد أن يولد مجتمع جديد’ مجتمع تشكل من تفاعل وتزاوج وصراع بين قوميات مختلفة من بربر (أمازيغ) وزنوج وعرب جمعهم الإسلام بسماحته وصهرتهم الصحراء بقسوتها’ وعبر قرون من التحول والتطور أضحت لهذا المجتمع عاداته وتقاليده وأعرافه بل ودستوره الغير مكتوب’ وفي لحظة معينة كان من الضروري إيجاد طريقة لتوزيع العمل بين أفراده حتى يتجه كل فرد بكامل حريته وبملء إرادته إلى الميدان الذي يستطيع أن يبدع فيه’ وفي تلك اللحظة بالذات بدأت تتشكل الإرهاصات الأولى للفئات الاجتماعية المعروفة لدينا اليوم وهي:
1. فئة لعرب: المحاربون ويمثلون بالمفهوم المعاصر المؤسسة العسكرية المسؤولة عن حماية المجتمع.
2. فئة الزوايا: وهي الفئة المسؤولة عن نشر العلم والمعرفة بين أفراد المجتمع.
3. فئة لمعلمين:وهي المسؤولة عن كل ما له علاقة بالصناعة والحدادة والنجارة والزخرفة والنحت والرسم وباقي الفنون الجميلة.
4. فئة المزارعين : الحراثين أو الحراطين وهي الفئة القائمة على الزراعة وتوفير الأمن الغذائي للمجتمع وتشييد السدود وحفر الآبار إلى غير ذلك من المهام الإنتاجية النبيلة.
5. فئة الحية او(اللحمة): وتهتم هذه الفئة بتربية الماشية والإنتاج الحيواني.
6. فئة إيكاون: وهي فئة الفنانين ويشتغل أعضاءها بالموسيقى والغناء والشعر’ والثقافة عموماً وقد مارست هذه الفئة رقابة اخلاقية على المجتمع.
بالإضافة إلى فئات أخرى قليلة العدد، وينحصر وجودها في مناطق معينة من الوطن.
لقد أدى توزيع العمل على النحو الآنف الذكر إلى تقسيم المجتمع بشكل أفقي إلى فئات متجاورة وليس إلى طبقات متصارعة - كما يدعي البعض- ولقد ظلت العلاقات بين هذه الفئات يطبعها الاحترام والتقدير المتبادل وكان المبدأ الدستوري الأول يقول (وُلْ آدم هُو كَطاعْ صُوكْ رَاصُوُ) فيما يشبه الترجمة الحرفية لمقولة سيدنا علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه (قيمة كل امرئ ما يحسن).
كما كان التنقل بين تلك الفئات أمراً متاحاً وممكناً شريطة أن يتقن الإنسان مهنة الفئة التي يرغب في الانتقال إليها، وهكذا برز علماء من فئة لمعلمين، وفرسان من فئة لحراطين، وفنانون من فئة الزوايا، ومنمون من فئة لعرب إلى غير ذلك، وقد ظل الأمر على هذه الحال ردحاً من الزمن فأنجب مجتمعنا الآلاف من الفرسان الشجعان والعلماء الأجلاء والصناع المهرة والمزارعين المكافحين المخلصين والمنمين الأثرياء والفنانين المبدعين، ولكن أيضاً كان هناك العاطلون من كل الفئات الذين لم يحسنوا صنعة أسلافهم، ولم يكتسبوا صنعة أخرى، ففقدوا كل تقدير في مجتمع يقوم علي قيمة العمل، وأصبحوا عالة على الفئات المنتجة، ومصدر عارٍ على فئاتهم، فكانوا هم أصل الداء وأس البلاء على المجتمع.
وعلى سبيل المثال ظهر من حواشي لعربْ وزعانفها من يوجه سلاحه إلى الداخل ويمارس التلصص والابتزاز والإغارة والسطو على الفئات الغير مسلحة أصلاً.
كما بدأت مجموعات من الزوايا تتنصل من مسؤوليتها وتستغل الدين لغرض التكسب والضغط على باقي فئات المجتمع وتهديدها بالفتاوى المشبوهة والتأثير على معنويات أفرادها وتشويه تاريخها، من هنا بدا الانحراف وأختل التوازن بين الفئات، فكانت الفئات الأكثر إنتاجية وحيوية هي الأكثر تضرراً كالصناع والحراطين واللحمة ، وما ذاك إلا لقلة حيلة العاطلين، وضعفهم وحاجتهم إلى ما في أيدي تلك الفئات، لقد دفع الناجحون في النهاية ثمن نجاحهم.
بيد أن الطبقة العليا من كافة فئات المجتمع حافظت دوماً على القيم ودافعت عنها واحتفظت بعلاقات طيبة فيما بينها، وحاربت الانحراف بكل ما أوتيت من قوة حتى دخل المستعمر إلى بلادنا، فشكل دخوله نقطة تحول وبداية حقبة جديدة من تاريخنا وجد فيها الفاشلون فرصة سانحة لتصفية حسابهم مع المجتمع.
ثانياً = المجتمع الموريتاني خلال فترة الاستعمار
جاء الاستعمار إلى بلادنا فوجد أمامه مجتمعاً تقليدياً منظماً يتألف من فئات وقبائل حيث تتداخل الفئة مع القبيلة’ ويتسم بالتكافل والتعاون بين أفراده وبالتماسك والانسجام بين مكوناته يجمعه الدين وتوحده الثقافة وله قيمه وعاداته وأنماط إنتاجه الخاصة به.
وعلى الرغم من أن الحروب والصراعات والمناوشات بين القبائل كانت أمراً مألوفاً في الماضي’ إلا أن المجتمع كان منيعاً ومحصناً ومتحداً في وجه أعدائه’ ولقد فوجئ المستعمر أيما مفاجئة بردة فعله السريعة والقوية والحازمة.
كما شكل مقتل كزافييه كبولاني قائد الحملة الاستعمارية وصاحب نظرية التوغل السلمي في موريتانيا صدمة كبيرة في الأوساط الاستعمارية الفرنسية’ حيث قتلته مجموعة قليلة العدد من المجاهدين في عمليةٍ بطوليةٍ نوعيةٍ عشيةَ 12 مايو 1905 بقلعته الحصينة بمدينة تجكجة’ ولقد كانت الصدمة أشد وأعظم عندما تحالف أعداء الأمس من زعماء القبائل وتساموا على خلافاتهم الضيقة وهاجموا حامية المستعمر بقرية النيملان.
في ذلك الوقت المبكر اتضح للمستعمر أن على هذه الأرض شعب حي ويقظ لا يمكن استغفاله ولا اختراقه’ شعب كريم لا يسكت على ظلم ولا ينام على ضيم’ وأدرك أنه يقاتل رجالاً يحملون قيماً نبيلة وسامية تدفعهم إلى التضحية والاستبسال في القتال وتمدهم بالشجاعة والثبات في الميدان.
و بعد أزيد من ثلاثة عقود من المواجهات المسلحة استخدم فيها المستعمر أكثر الأسلحة تطوراً في ذلك العصر ضد المجاهدين تمكن من الحسم العسكري’ وتوقفت المعارك لتتواصل المقاومة الثقافية والاجتماعية والسياسية وخلال تلك الفترة لم تتوقف محاولات تفكيك المجتمع وطمس هويته وتغيير ثقافته’ لكنه صمد وواجه المشروع الاستعماري بإيمان وصبر وثبات لا مثيل له’ وهكذا استطاع أن يحافظ على بنيته التقليدية وعلى أنماط إنتاجه وعلاقاته الاقتصادية والاجتماعية’ وفي الأخير عندما بزغ فجر الاستقلال’ وانقضت ستون سنة من الاستعمار خرج مجتمعنا منهكاً خَائِر القِوى’ كيفَ لا وقد ضعف مركزه’ وكسرت شوكة قادته’ وهمشت طبقاته المنتجة.
ومرة أخرى خلال هذه الحقبة من تاريخنا دفع النبلاء وأصحاب المبادئ من كل الفئات ضريبة تمسكهم بمنظومة القيم ودفاعهم عن هوية المجتمع وتاريخه المجيد.
ثالثاً = المجتمع الموريتاني ما بعد الاستقلال
فجأة وبدون مقدمات وبعد أن تسلل اليأس والإحباط إلى نفوس شعب جاهد وقاوم وصمد زهاء ستة عقود هاهو حلم الاستقلال يتحقق’ إنه لشيء جميل لا يصدق’ وليس مهماً إن كان هبةً أو منةً أو عجزاً من فرنسا’ المهم أن يكون استقلالاَ حقيقياً تاماً وناجزاً’ لكن الفرحة لم تكتمل’ وبقيت في النفوس غصة كما يقال’ والذي خرج من الباب عاد من النافذة’ انتهى الاستعمار العسكري وبقي الاستعمار الثقافي والاقتصادي والسياسي.
ثم إن هناك حقائق لا يمكن إنكارها أو إغفالها أولها وجود فاصلة زمنية كبيرة نسبياً بين لحظة انتهاء المقاومة المسلحة سنة 1934 وبين لحظة الاستقلال سنة 1960’ ما يعني أن أولئك الذين قاوموا ليسوا هم من استلم الاستقلال من الفرنسيين’ أما الحقيقة الثانية فهي أن دولة الاستقلال ولدت مقطوعة الصلة بتاريخها وخصوصاً مرحلة ما قبل الاستعمار وبدت كما لو أنها بدأت من حيث انتهى المستعمر فكانت امتداداً طبيعياً لدولته.
لقد تأسست الدولة الوطنية الحديثة على الأسس والمبادئ التي وضع المستعمر لدولته’ في حالة من التبعية المباشرة له’ والانبهار بأسلوبه وطريقته’ وصدق العلامة ابن خلدون حيث قال: "إن المغلوب مولع بتقليد الغالب"’ وهو ما يفسر كيف أصبح الاستيراد مبدءاً مقدساً وهكذا استوردنا كل شيء تقريباً’ لغة المستعمر وثقافته ومناهج تدريسه وأساليبه في الإدارة والتسيير والاستهلاك بالإضافة إلى المواد والبضائع والأدوات والمنتجات المختلفة حتى تلك التي لا نحتاجها بل وتلك التي كنا ننتج فائضاً منها’ وبهذا المعنى تكون الدولة الحديثة قد وجهت ضربة في الصميم للمجتمع التقليدي’ وأقصت وهمشت الفئات المنتجة منه بعد أن حرمتها منبع فخرها واعتزازها ومصدر عيشها وكرامتها وحولتها من فئات غنية ومنتجة إلى فئات فقيرة وعاطلة عن العمل’ وبذلك أيضاً نكون قد حرمنا أنفسنا من أية إمكانية لبناء اقتصاد وطني حُر’ ودمرنا بأيدينا اقتصادنا التقليدي وقضينا على كل فرصة في البقاء’ ولعل أسوء ما حصل في دولة ما بعد الاستقلال هو التنكر للمقاومة وتاريخها’ وتجاهل الشهداء والأبطال والمقاومين الذين ضحوا بدمائهم الزكية في سبيل حرية الوطن وكرامته واستقلاله’ وإهمال أبنائهم وأحفادهم’ والإصرار على تهميشهم وإبعادهم عن مراكز القرار.
الخلاصـــة
بعد مرور أزيد من خمسين عاماً على الاستقلال وصلت بلادنا إلى طريق مسدود’ وفشلت الدولة الوطنية الحديثة في مواجهة العديد من التحديات’ وازدادت المشكلات التي ورثنا عن الاستعمار تعقيداً’ كما فشلت المشاريع التنموية في تغيير واقع المجتمع’ ولم يشعر الناس قط بالحرية ولا بالمساواة’ ولا بالعدالة الاجتماعية في بلدهم’ وما تزال دولة المواطنة وحقوق الإنسان حلماً بعيد المنال بالنسبة للكثيرين.
لقد رحل المستعمر وبقيت روحه البغيضة بيننا’ ولقد سارت الأنظمة المتعاقبة على نهجه وطريقته في ازدراء وتدمير منظومة القيم التي كانت سائدة ومحاولة إستنبات قيمٍ جديدةٍ غريبةٍ على مجتمعنا’ كل هذه العوامل مجتمعة دفعت بأبناء الشرائح الفقيرة والمهمشة إلى حالة من الاستياء والتمرد’ بل ومن الكفر بالدولة ومشروعها’ والنظر بسوداوية إلى مستقبلها’ وإلى النكوص إلى قبائلهم وفئاتهم والانغلاق على ذواتهم وتحميل الآخرين مسؤولية تهميشهم.
إن بلادنا اليوم بأمس الحاجة إلى رؤية إستراتيجية وإلى خارطة طريق واضحة المعالم لإخراجها من هذه الوضعية المأزقية’ وإن من أولى الأولويات – من وجهة نظرنا- جبرُ الخواطر وتهدأت النفوس’ ومصارحة الناس بالأسباب الحقيقية الكامنة وراء ما هم فيه من بؤس وتخلف’ وإماطة اللثام عن حقائق التاريخ الكبرى الجديرة بأن تعرف لذاتها’ وأن تستخلص منها الدروس والعبر.
إن كل نهضة يراد لها النجاح يجب أن تقوم على أسس ومرتكزات قوية وثابتة’ ولعل أفضل ما يمكننا الاعتماد عليه في التأسيس لنهضتنا المنشودة هو البقية الباقية من قيم ِ وأخلاقِ أجدادنا’ ومن تراثهم الهائل والمدهش بثرائه وتنوعه’ ومن ثقافتهم المكتوبة والشفوية المتوارثة’ بالإضافة إلى الكثير من منجزاتهم التي تذكرنا أننا من أمةٍ عظيمةٍ وأن لنا سلفاً صالحاً أورثنا كل ما يدعو للفخر والاعتزاز’ وسيكون استلهام تلك القيم واستحضارها’ ونفض الغبار عن ذلك التراث وإحيائه بمثابة الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح’ كما تمثل إعادة كتابة التاريخ الوطني من أجل تخليد بطولات المقاومة وإحياء أمجادها’ والتأريخ للفئات المهمشة والمغبونة في الوقت الحاضر’ خطوة أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها’ وإن رفعَ الظلم وردَ الاعتبار لتلك الفئات العريضة من مجتمعنا’ لن يكون ممكناً من دون إنهاء حالة البطالة الجماعية التي تعيشها’ وإعادة دمجها والاعتراف بدورها الاقتصادي’ عبر تقدير العمل اليدوي المنتج الذي تمارسه’ وعبر تثمين منتجاتها وتطوير مهارات أفرادها’ والأهم من كل ذلك الحد من الاستيراد’ ومواجهة الثقافة الاستهلاكية وتشجيع المنتج المحلي والرجوع إليه’ باعتباره رمزاً للهوية ودعماً للاستقلال الاقتصادي الذي هو شرط أساسي من شروط الاستقلال الوطني.
لقد آن الأوان لمراجعة الأسس التي قامت عليها الدولة الحديثة وفحصها وغربلتها وتنقيتها من شوائب الاستعمار’ ومن مخلفات الأنظمة المتعاقبة التي أضعفت القيم ونشرت ثقافة الإستزلام والتملق والنفاق’ وبيع الضمائر وعبادة المادة’ خصوصاً خلال العقدين الأخيرين حيث تمت محاربة أصحاب المبادئ والقضاء على الروح الوطنية لدى الشباب’ والتساهل مع حملة الفكر التكفيري والتيارات الدينية المتطرفة الوافدة على مجتمعنا’ لذلك فإننا نعتقد أنه من الأهمية بمكان الحثُ على التمسك بالثقافة الدينية التقليدية المعتدلة والمتسامحة’ وتقوية المدارس والزوايا والطرق الصوفية التي ساهمت في تعليم وتربية أجيالٍ من الموريتانيين على الزهدِ والتصوفِ والتواضعِ ونكرانِ الذات’ وأنتجت في الماضي القريب مجتمعاً تقليدياً متوازناً وصادقاً في تدينه و مخلصاً ومثابراً في عمله ’ مجتمع يكاد يخلو تماماً من عُقدِ النقص وأمراض القلوب.
و الله الموفق والمستعان