من خارج القصر/ أحمد ولد الوديعة

أيا تكن مواقف البعض من المعارضة- أحزابا أو تحالفات أو حتى خطا وتوجها - لابد من الاعتراف أن المنتدى الذي تعقدمع طيف واسع من المجتمع المدني  هذه الأيام يحمل رسالة أمل في مستقبل موريتاني مختلف عن  ماضينا المعتم وحاضرنا المأزوم؛

فالوحدة والديمقراطية التي اختارهما المجتمعون في قصر المؤتمرات شعارا يستحقان الكثير وهما بكل تأكيد مفتاحا حل أزمة موريتانيا بله معضلاتها المستعصية على الحل منذ  ابتليت بحكم العسكر قبل أكثر من ثلاثة عقود.

حضرت يوم أمس انطلاقة المنتدى وتجولت اليوم في بعض ورشاته التي توزع  بينها المشاركون لنقاش الأولويات والتحديات والاستحقاق الرئاسي، وأشكال التنسيق المستقبلي بين المعارضين للسلطة أو بعبارة أخرى بين الحالمين بتحقيق التناوب الديمقراطي في موريتانيا والتخلص من حكم العسكر.

  وبين انطلاقة الأمس ونقاشات اليوم دونت ملاحظات عابرة وجالت في ذهني خواطر وأمنيات وأحلام فضلت أن أكتبها لكم أيها المشاركون في منتدى الوحدة والديمقراطية، أرجو قبولها مداخلة من خارج قصر المؤتمرات، تعكس جزء من نبض شارع مناصر لكم يعز  عليه  أن يراكم  تخلفون الموعد مع التغيير في كل مرة تشرأب  لكم الأعناق ويؤلمه أنكم تلدغون من ذات الجحر في كل حقبة سياسية مرة أو مرتين

  -    مجرد  تصور فكرة المنتدى والنجاح في تنظيمه يمثل محطة فارقة في تاريخ الفعل المعارض في موريتانيا، ليس فقط من حيث كونه يسعى لتوسيع الإطار التنظيمي ليشمل  القوى غير الحزبي المعنية بتحقيق التناوب بل وأيضا – وهذه الأهم – لكونه ينقل معارضتنا من حال ردات الفعل إلى موقع الفعل والمبادرة والاقتراح.

وتعني الطريقة المنهجية الجيدة التي تم بها تصور المنتدى والوثائق المهمة التي قدمت للنقاش مهما كان الاختلاف حول مضمونها أن الصف المعارض يضم عقولا وخبرات مهمة ولديه قدرة اقتراحية  لايستهان بها وهي أمور تزيد من فرص اقناع الناخب الموريتاني أن المعارضة تمثل بديلا جديا عن النظام القائم.

-  درجة الثقة بين بعض المشاركين  ضعيفة جدا وأحيانا منعدمة،وهو أمر يوشك إن لم يتم تداركه أن يحكم على المنتدى بالفشل مهما كان نجاح لجان الصياغة في البحث عن جمل توافقية، فالثقة – في حدودها الدنيا – أساس لايمكن الاستغناء عنه لأي فريق يريد أن ينجز أي مهمة مشتركة مهما كانت المهمة بسيطة ووسائل ومدة  إنجازها محدودة، أما حين تكون المهمة إنهاء حكم العسكر، والوسائل المتبعة عملا ديمقراطيا سلميا في مجتمع مثل مجتمعنا فالثقة هي الأساس الذي إن اختل انهار ما بعده، مهما كانت براعة المخرجين والمتحدثين.

إن التاريخ الطويل المشترك بين أغلب المشكلين للمنتدى اليوم لايبدو عامل ألفة وطمأنينة  أو في الحد الأدني رصيد خبرة بل إنه يبدو – في بعض الأحيان  - أقرب للشبح المخيف الذي يطارد  البعض ويجعل حضوره في المنتدى أقرب ما يكون لمن يبحث  عن فرصة  لتصفية لثأر عشائري قديم..

  - مثل تخصيص ورشة للتحديات الكبرى التي تواجه موريتانيا وفي مقدمتها تحديات القضاء على الرق وتحقيق الوحدة والتنمية والديمقراطية مؤشرا مهما على  جدية التظاهرة المعارضة، لكن الحساسية المفرطة التي ظهرت لدى البعض ومنذ البداية من الحديث عن الرق وعن الإرث الإنساني وعن إشكالات التعايش والهوية ، وعن الأنظمة القمعية السابقة أعادت سؤالا مشروعا ومقلقا  لدى عديدين  عن حقيقة نقاط الاختلاف الجوهرية بين المعارضين والحاكمين في موريتانيا اليوم، إن كانوا يفضلون كلهم الحديث عن مخلفات الرق وليس عن ممارسات الرق، ويتمنون لو أن الحديث لايتطرق أصلا للجرائم التي ارتكبت بحق المواطنين الزنوج، ويزعجهم الحديث عن  الطبيعة القمعية لولد الطائع ومن قبله ولد هيداله إلى آخر قائمة العقداء والجنرالات والمقدمين...

  لقد عكست النقاشات في المنتدى ومنذ اللحظة الأولى إلحاح قضية العبودية، وجوهرية حل مشكل الإرث الإنساني، وهو إلحاح يشير إلى أن موريتانيا ليست على موعد مع تغيير سياسي فقط بل إنها وتلك الاهم على موعد أيضا مع تغيير اجتماعي ومجتمعي عميق، وليس لمن يظنون أنهم في مركز صنع القرار هنا في المعارضة أو هناك في الحكم أن يختاروا بين التغيير وعدمه بل إن عليهم – وفقط – السعي للمساهمة في تحديد شكل التغيير بما يضمن أن يكون تغييرا آمنا يحقق العدل ويؤسس لوحدة على أساسه ووفق تطبيقاته وتعبيراته.

-  يحتاج المساهمون في منتدى الديمقراطية والوحدة وهم يستعرضون مهاراتهم وبلاغتهم في التعلق بقيمتي الوحدة والديمقراطية أن يعيدوا النظر قليلا إلى واقع القيمتين فيهما وفي المشاريع التي يحملون، كيف هي الديمقراطية فيها، وكيف حال الوحدة الوطنية..؟ أخشى لو أجاب أغلب المشاركين على السؤالين بأمانة أن تكون النتيجة  " مرسبة" وأراهن أنها إن تجاوزت المعدل فسيكون ذلك بقليل وبشرط أن يكون المصحح  منا ضلا وصديقا.

-  مع أن القوى السياسية المشاركة تعبر عن قطاعات واسعة من الشباب لكن حضور الشباب كان ضامرا جدا على مختلف الصعد،  من المنصة إلى العروض مروا بمواقع الجلوس وإدارة الورشات وحتى مجالاتها، وهو خطأ استراتيجي فادح؛ فالشباب هم الرهان في الأمور كلها وهم الرهان قطعا في تحقيق التغيير والتناوب الديمقراطي في موريتانيا.

إن على القوى المعارضة أن تعلي من شأن الشباب وتجعلهم في المقدمة فهناك مكانهم، وحقهم، وبذلك يقطع المعارضون الطريق أمام محاولات السلطة  تحقيق اختراق في بعض دوائر الشباب من خلال  النسخة الجديدة من برنامج لقاء الشعب  المسماة لقاء الشباب.

تلك ملاحظات عابرة اتمنى أن تسهم في  أن يكون المنتدى كما نحلم له أن يكون محطة فارقة في تاريخ المعارضة؛ محطة يتطهر فيها المعارضون من أنانياتهم، ويدركون  حجم القوة التي يمثلون معا، وحقيقة الكارثة التي تحيق بهم معا حين يختلفون ويتدابرون ويتسابقون إلى ثمرة  لم يحن وقت قطافها  بعد.. ليتكم تدركون أنه لن يحين " موسم الحصاد "  ما دام أنكم تفكرون بذات الطريقة التي جعلتكم تخلفون الموعد معه أكثر من مرة... أتذكرون... لا أريد آن أذكركم فانتم تحتاجون من يرتفع بكم إلى الصفاء لا من يتدحرج بكم في وهد الجفاء

2. مارس 2014 - 11:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا