لا يتجاوز التعداد السكاني لموريتانيا الأربعة ملايين نسمة وتتوفر بالمقابل على مواد أولية كثيرة جدا منها ما بدأ استغلاله منذ زمن بعيد ومنها ما بدأ استغلاله مع " الاستقلال" ومنها ما دون ذلك ، لكن السمة المشتركة لكل هذه المقدرات التي تزخر بها
الاراضي الموريتانية واحدة، ألا وهي جيوب الساسة ورجال الأعمال والمتنفذين، عديد الاتفاقيات والصفقات تم الاعلان عنها، عديد الأموال التي أعلن عن دخولها لموريتانيا ، عديد الأرقام المزيفة التي تم تبشيرنا بها، لكن في نهاية كل ذلك الخيبة هي السمة البارزة التي يحصل عليها المواطنون.
الساسة الفاشلين والموالين للأنظمة الانقلابية المتعاقبة يجيدون أغنية تافهة واحدة هي " انظروا إلى دول الجوار نحن أفضل منهم بكثير " تلك الدول يا أعزائي التي "استقلت معنا " توجد بها جسور وعمارات وكباري ومستشفيات و طرق معبدة وأنفاق وكهرباء وصرف صحي وقطارات ونقل منظم ومطارات رائعة وعدالة وقانون صارم ، و ملتقيات طرق (كرفورات) لا تقطنها الأبقار، تلك الدول يوجد بها تعليم راق ، جامعات ومعاهد و مدارس فنية عالية، فأين نحن من كل تلك الإنجازات؟
مباني حكومية متهالكة ، طرق متهالكة علاجها الوحيد هو الترقيع ، مستشفيات مهملة وطواقم طبية أغلبها لا يلقي بالا إلا لعيادته التي تأخذ كل وقته، كهرباء تنقطع يوميا، صرف صحي معدوم، عاصمة تغرق في المياه الملوثة مع هطول 5 ملم، عدالة معطلة وقانون سيف على رقبة الضعيف، جامعة بلا مقاعد و قاعات غارقة في الأوساخ، والماركة المسجلة لنا في العالم هي " الانقلابات" والنهب المستمر للثروات ومواطنون خانعون ، يقنعون بالوعود الكاذبة، تلكم هي دولتنا موريتانيا، فهل تتعظون؟
دعونا نذكر قليلا بما حبا الله به هذه الأرض من خيرات، حديد، نحساس، ذهب، نفط، ثروة بحرية، وأخرى حيوانية، ووووو.
ومع ذلك يخرج إلينا أحد أدعياء السياسة ليقول لنا نحن أفضل من دول الجوار، أفضل في ماذا؟ ، في السرقة في الفساد الممنهج ، في النفاق للانقلابيين ، في المصلحة الشخصية ؟.
التفسير الوحيد لكل هذا الفشل المسجل على مستوى القطاعات المختلفة هو (الفساد) ، فساد في الصفقات مع العالم الخارجي وسنورد مثال أو أمثلة، فساد داخلي أيضا، فساد تتعرض له الأموال المسجلة دينا على الموريتانيين والتي تذهب الى جيوب المتنفذين وسنذكر مثالا ايضا ، فساد في الصحة وفي التعليم وفي الرياضة وفي الصيد وفي البنى التحتية بشكل عام.
ليست الصفقة المثيرة للجدل التي أبرمت مع الصينيين ( بولي هوندونغ) ببعيدة تلك الصفقة التي ستتحمل الدولة الموريتانية على إثرها الكثير من الخسائر في ثروتها السمكية والتي سيحصل أحد المتنفذين المقربين من رأس النظام على عمولة نتيجة اتمامها وغيرها كثير .(Afrik.com حسب صحيفة )
بالإضافة للعديد من الشركات التي برزت مع وجود النظام الانقلابي الحالي أبرزها بنك المعاملات الصحيحة ، الرضا للإيجار والمعدات ، الشركة العامة للبناء والأشغال العامة ، شركة للنقل البحري ، شركة للعبور والإيجار، الوفاء للتأمين، عينة أخرى من أنواع الفساد تلك التي تكبدت الدولة على إثرها خسائر فادحة حينما قام أحد مقربي النظام باقتناء 9 مولدات كهربائية مستعملة من دولة الإمارات لم يعمل منها الا 4 من أصل المولدات التسعة و أخيرا نذكر الصفقة التي كشفت منظة (شيربا لمكافحة الفساد في افريقيا) ملابساتها والتي كان البنك الاسلامي للتنمية سيمولها قبل أن يتراجع ثم يعود مرة أخرى عن تراجعه نتيجة لضغط من المملكة العربية السعودية كما تداولت وسائل الاعلام ،مقابل حسابات سياسية لصالح طرف ثالث. التعليم هو الآخر لم يسلم إذ تنفجر بين الفينة والأخرى إحدى فضائحه التي لا تنتهي ويكفي دليلا على ذلك الوضعية المتردية التي يعيشها مقابل الأموال الهائلة التي يدعي النظام ضخها فيه (موقع الخزينة العامة على الانترنت)، الصحة هي الأخرى تشهد عمليات فساد مريعة ونتيجة لملامستها لحياة المواطنين يوميا فلا شك أنهم لا يخفى عليهم مدى السوء الملاحظ في البنى التحتية وفي أخلاق أغلب الأطباء عديمي الرحمة. أما الرياضة فحدث ولا حرج ،ولا تعتبر الفضيحة الأخير المتعلقة بالوزيرة المقالة الا غيض من فيض وكوارث أعظم تدور في الخفاء ، إلا أن النظام وجد نفسه مضطرا لإزاحة تلك الوزيرة بعد أن وجد نفسه في وسط المعمعة في حين كان يفترض أن تحاكم على خلفية هذه الصفقة. شركة النقل العمومية التي أفلست أو تكاد ليست إلا تجليا آخر من تجليات الفساد الكثيرة، نوع آخر من الفساد أشد فتكا هو ما قام به صندوق الايداع والتنمية ، إذ أظهر تقريره السنوي ل (2012) تقديم تمويل لإنشاء 19 مؤسسة أمنية (الأمن الخصوصي) والتي لم يوضح التقرير لمن تعود ملكيتها، وقد بلغت قيمة التمويل 425 مليون أوقية. وللأسف الشديد ليس لنا إلا أن ننظر بتشائم لما هو قادم، فمكافحة الفساد لا يمكن أن تتم إلا بوجود نظام جاد ، وهو ما يفتقده نظامنا الذي يتهم رأسه بالفساد ناهيك عن مرؤوسيه، ثم إن بلدا يدجن قضاءه للسلطة التنفيذية لن يكون مؤهلا للحكم في أي قضية فساد نظرا للواسطة والمحسوبية والعلاقات المشبوهة. القضاء على الفساد إذا يتطلب قضاء مستقل، رئيس يخشى الشعب، برلمان يقوم بمهامه عكس برلمان القبائل الموريتاني المعين( وليس المنتخب) حديثا. موريتانيا بحاجة إلى هبة شعبية تقوده القوى السياسية غير الملوثة بأدران حكم ولد الطايع و الأحكام العسكرية الإنقلابية المتعاقبة، ويبدو أن منتدى المعاضة الجاري في قصر (المؤامرات) ليس هو الأمل المنشود، فالإجتماعات والمؤتمرات لا تحل المشكلة ، فكيف يحلها هذا المنتدى المدار من قبل رجالات ولد الطائع والمغاضبين على حكم الجنرال الإنقلابي. عليكم الا تتركوا فشلكم في حلم الرحيل الذي بددتموه بأديكم يسيطر عليكم ، بل ينبغي أن تستمروا في رفضكم لأي تعاطي مع نظام انقلابي أنتم أدرى بفساده وجرائمه، وإلا تكونوا مشاركين في كل المآسي التي سيعانيها هذا الشعب مستقبلا.