لاشك ان واقع موريتانيا الحالي السيئ " الجهل الفقر التخلف" هو واقع تسببت فيه بالدرجة الأولى رضوخ الشعب لإجكام مؤسسة عسكرية غاصبة اكثر من ثلاثة عقود ، ولاشك ان هذه المؤسسة اعتمدت في جبروتها المتلاحق ضد الشعب اسلوب الشدة اذ هوابلغ في السياسة واحزم في الرأي واساليب اخرى مختلفة من السياسات المبنية على الإحتكار والظلم والاضطهاد وكل ما من شأنه ان يضيق الخناق على الفكر والإبداع
هنا في ظل هذا الوقع العسكري المعتم المكبل ركع الشعب الموريتاني معلنا إستسلامه واسعباده وصمته الأبدي ، ولقد كان من المتوقع بل المفروض لدى الكثيرين بان تكون موريتانيا في رونامة بل طليعة الدول العربية المنتفضة ضد واقعها السياسي ، نظرا لبؤس وضعيتها الراهنة والتي هي بمثابة الأرضية الخصبة لزرع الإنتفاضة الشعبية فموريتانيا والحقيقة كذلك ليس بأحسن حال من شقيقاتها الثائرات ضد واقعهم المفروض من العسكر ، وذلك لما يعكسه حال شعبها المسكين من مأساة ومعاناة وبؤس في حين امتلاكها كافة الموارد الطبيعية وتصنيفها من اغني الدول عالميا ولعل التقرير الأخير للصندوق النقد الدولي اوضح هذه النقطة باستياء حيث قال بان جل عادات موريتانيا الإقتصادية لا تنعكس بشكل ايجابي ونزيه على مواطنيها مما يوحي في الذهن بلاشك ان هناك لوبي عسكري يستحوذ على الإقتصاد،
في ظل هذا التناقض القاتل يمكننا القول بأن موريتانيا وعقب حكم الرئيس المختارولد داداه ومباشرة بعيد مجيئ العسكرللسلطة تولدت عقلية سياسية جديدة تعتمد اساسا على الارتجالية والتخبط العسكري لإدارة البلاد ، ولايزال امتداد هذه العقلية مستحكما في خيرات البلاد والعباد مما اضحى يهدد كيان موريتانيا ووحدتها مستقبلا،
هنا اذا تأملت عزيزي القارئ لمدى تحامل العسكر على الحكم المدني في موريتانيا تجد تفسيرا لسرعة انتشالهم الكرسي من رئيس مدني منتخب 2007-2008 وذلك كونهم دائما ما يشعرون بالإنزعاج والخوف من اي مدني قادم وسواء عليهم من اين الاقطاب نزل ، هذه الحالة الإحتكارية برأي خولت المواطن الموريتاني اثر الربيع العربي لأن يكون على رأس المطالبين بتغيير النظام " العسكري" النظام الذي طالما ما تناسى وتعامى عن هموم شعبه ومشاكلهم الجمه ،بل ظل الحلقة والحاجز الاكبر في طريق الديمقراطية والرقي بهم ،هذا ولأن العسكر كانوا ومازالوا يسيرون ضد التيار وفي الاتجاه المعاكس تولدت لدى المواطن الموريتاني البائس على مر اربعة عقود خلت سياسة التملق والتزلف الحقيرة بل صارت احدى اهم ركائز السياسة ، وصار المثقف يقف بين واقعه وآماله خائبا فمرارة وتأثير واقعه كانت اشد هنا خضع المثقف للمغريات وباع ضميره بدريهمات وتخلى عن دوره الوطني فاصبحت بلاده بذلك قطعة كعك بين شلة من العساكر يتقاسمونها حسب المزاج لا ما اقتضت الحاجة ،
الآن وبعد ويل النكبات وفيض التلاعب صار لزاما على فجر التغيير المدني ان ينبلج وصار لزاما على الشعب ان يتكاتف يدا واحدة بهدف انشاء دولة مدنية حقيقية وتكريس مفهومها في اذهان العسكر
وان من ابرز ما يبرهن تجذر مفهوم الدولة العسكرية في موريتانيا هو في ابسط الحالات تلك الممارسات بالحياة اليومية في شتى الاماكن والميادين التي تميز بين المدني والعسكري في صورة عنصرية وكأن المدني شخص منبوذ في وطنه لاحق له او ليسى الاثنان على حد سواء في المواطنة وامام الدستورفلماذا يخير ذلك ويفرض على هذا؟
ام انها لعنة المدنية في العالم الثالث ،
فإلى متى ستتخلص موريتانيا من هذا الشبح ومن الصورة الراسخة بقداسة حكم العسكري؟