قراءة لحادثة تمزيق المصحف الشريف / يوسف ولدالمهدي ولد اجيد

altإن ماجري البارحة من إعتداء وتطاول علي المصحف الشريف هو قمة سلسلة من التطاول علي مقدسات العقل الجمعي لهذا المجتمع بدأت منذ فترة علي شكل أحداث متلاحقة ينسي بعضها بعضا لايفيق المجتمع من صدمة أحد هذه الأحداث إلا ليدخل في صدمة حادث جديد

وبسبب غياب المعلومات الدقيقة حول دوافع صانعي هذه الأحداث لانملك سوي التحليل لدوافع وتداعيات هذه الحوادث المتلاحقة التي تضرب الوعي واللاوعي في العقل الجمعي  للمجتمع وذلك حين تمس مقدساته وتتركه حيران لايعرف كيف يتصرف إزاء هكذا أمور فيظل في سلسلة من ردودالأفعال بدلامن أخذ زمام المبادرة لمواجهة هذه الأحداث ومنع تكرارها وقبل أن نصل للإستتراجية التي يجب إتباعها لأخذ زمام المبادرة من هؤلاء المتطاولين علي مقدساتنا للإنتقال من دائرة رد الفعل إلي دائرة الفعل لابد قبل ذلك أن نتناول بالتحليل دوافع هؤلاءالمتطاولين علي المقدسات

أعتقد أن من يقف وراء هذه الأحداث وخصوصا حادثة البارحة هي جهات عدة ولها أهداف مختلفة فمن هذه الجهات ماهو سياسي وطني ومنها ماهو لاعب إقليمي ومنها ماهو لاعب دولي ومنهاماهو لاعب شعوبي حاقد علي الدولة والمجتمع

فالجهات السياسية الوطنية تريد أن تحشر النظام في الزاوية وتظهره بمظهر العاجز عن حماية المقدسات لتجر عليه ثورة المجتمع  ونقمته بعد أن عجزت عن جرها عليه بالطرق السياسية العادية من مظاهرات وندوات ومحاولة إستنساخ الربيع العربي أو تريد الضغط علي النظام للقيام بتصرفات ضد المعتدين قد تجر عليه غضب المجموعة الدولية فهي تريد حشر النظام في زاوية بين مجتمع ثائر ضدإنتهاك مقدساته وبين منظومة دولية لاتسمح بالذهاب بعيدا في نظام العقوبات والتحدي هنا المطرح علي النظام للخروج من عنق الزجاجة أن ينزل عقوبات رادعة ذات أساس شرعي بشكل يطمئن المجتمع ويردع كل من تسول له نفسه التفكير بذلك مستقبلا وفي نفس الوقت يجنب البلاد ضغوطات دولية هي في غني عنها وأعتقد أن شريعتنا الإسلامية واسعة بمافيه الكفاية بحيث تمكننا من تحقيق هذا التوازن المطلوب بين لداخل والردع والخارج

أما بالنسبة للجهات الإقليمية فهي لها حسابات كبيرة مع هذا النظام اللذي إنتهج سياسة مستقلة تماما جعلت من البلد لاعب إقليمي  لايستهان به ولقد توجت هذه السياسة أخيرا بإعتلاء قمة الإتحاد الإفريقي ويبدو أن هناك  جهات إقليمة لم تتعود علي موريتانيا بهذه الدينامكية والإستقلالية

نفس الشيئ هناك جهات دولية لم تستوعب قطع موريتانيا لأي صلة بها ويبدو أنها مصممة علي أن يدفع المجتمع والدولة ثمن ذلك القرار الشجاع والجريئ

هناك فضلا عن ذلك جهات شعبوية من مختلف الأصناف من إلحاديين وعنصرييين و...يكنون حقدا كبيرا علي المجتمع ويعتقدون أنه أصبح بإمكانهم التحرك للإنتقام من مجتمع ظل عصيا بوحدته وتماسكه ضد كل أطروحاتهم الفكرية سواء  منهم من يتعلق بالدين أومنهم من يتعلق بالعرق أو التفاوت الطبقي ولذلك قررواأن يضربوا مايضمن تماسك المجتمع رغم إختلاف أعراقه وألوانه أي القرآن والسنة ومذهب مالك

وزيادة علي كل ذلك هناك جهات دولية قادمة تسعي لتغيير عقائد وأساسيات المجتمع وبعض هذه الجهات  وافد من الغرب لكن بعضها الآخر وافد من الشرق ويزعم إنتماؤه لنفس الدين ونضيف لكل هذه العوامل المجتمعة عامل أخير يتعلق بمجتمعنا ذاته حيث أنه مرت  مايقرب من ثلاثين سنة علي ظاهرة التلفاز ومايقرب من عشرين سنة علي ظاهرة الإنترنت فهذا الإنفتاح التكنولوجي نتج عنه تكون أجيال من بني جلدتنا ويتكلمون لغتنا لكنهم يتبنون ثقافات أخري فكل ذلك سهل عمل المتآمرين داخليا وخارجيا.

من هنا نستنتج أن ظاهرة إستهداف المقدسات ظاهرة معقدة تجمع جميع العوامل السياسية والفكرية والإقليمية والدولية والفئوية و...إلي آخره وبالتالي من اللازم أن تواجه بسياسة حكيمة بعيدة عن سياسة رد الفعل والتجاوب مع عاطفة الجماهير الغاضبة أو التجاوب مع مطالب المعتدين فالأمر يجب أن يعالجه القضاء والأمن والمخابرات وفقا لمصلحةالدولة وبناء علي أحكام الشرع بعيدا عن مطالب الرأي العام لأنه حقيقة مايهدف له هؤلاء المعتدون أن ترتكب الدولة أو المجتمع لاقدر الله ردود فعل راديكالية تؤدي للفتنة فينشأ وقتها تيار متطرف في الجانب الآخر أو يهدف هؤلاء أيضا إلي أن تتساهل الدولة والمجتمع لاقدر الله مع الأمر فيحدث تطرف في الجانب الديني وننزلق في متاهات كمثل التي إنزلقت فيها الجزائر ومصر في التسعينات فالمطلوب كماقلنا هو أن تنتهج الدولة سياسة تحقق التوزان بين مطالب الجماهير وضرورة ردع المعتدين وإكراهات العلاقات الدولية.

3. مارس 2014 - 16:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا