من يقف وراء تدنيس المصاحف؟ / الحاج ولد المصطفي

تقول الروايات المتواترة إن أشخاصا يستغلون سيارة رباعية الدفع أوقفوا سيارتهم أمام دكان في مقاطعة تيارت ونزلوا منها وتوجهوا إلي المسجد المجاور ودخل بعضهم المسجد ليرتكبوا أفعالا لم نسمع عنها إلا علي يد اليهود والأمريكان وكانت الشرارة

التي أوقدت نار الفتنة القائمة بين ما يسمي "القاعدة "وعامة المسلمين من جهة وبين أمريكا وحلفائها من جهة أخري، ثم وقف "رفقاء لهم في النار" والعياذ بالله  يحرسونهم حتي أكملوا أفعالهم الدنيئة، لتنطلق بعدها السيارة الفارهة  ويكتشف الناس ما آلت إليه أوضاع المصاحف في المسجد ...تري من فعل هذا ؟ ومن يقدر أصلا علي فعله ؟ ولمصلحة من يفعل ذلك ؟ وماعلاقة هذه الأفعال بتلك التي طالت رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ وحتي العلماء والمقدسات الأخري؟ وما صلة ذلك كله بالأزمات التي تمر بها البلاد ؟

لن نذهب بعيدا في توسيع دائرة الإتهام لتشمل القاصي والداني ولن نطلق التهم جزافا ، لكننا لن نبتعد  عن دائرة المؤامرة الخارجية والدسائس المخابراتية والعملاء المحليين ...

إن الأمر واضح وجلي منذ بدأت البلاد تدار من طرف المخابرات الأجنبية وتتورط بشكل معلن في حرب لاناقة لها فيها ولاجمل حرب بالوكالة لصالح المخابرات الأمريكية والفرنسة تشن علي الإسلام في أصقاع الدنيا ...

عندما يكون هذا النظام هو من يتزعم حربا إفتراضية ضد الجهاديين ومن يسميهم الغرب بالإرهابين لابد من إدخال البلاد في أتون تلك الحرب ..لابد من ممارسات تشرع دخول القاعدة علي خط مواجهة النظام وحتي الشعب ، لأن التطاول علي المقدسات هو الباب الذي دخلت منه القاعدة في حربها مع الغرب ....

إن المؤامرة أبعد من ما يتصور البعض ....فخيوطها تنسج علي منوال الأزمات المستفحلة في البلاد وتراكمات من الممارسات الهادفة إلي إقحام البلاد في الفتن والأزمات ..وليس الغرب المسيحي ببعيد من ذلك  ...

إن أول تصرف طائش قامت به مجموعة مستهترة بالقيم والموروث الديني شكل اختبارا حاسما للنظام  أبان فيه عن منهج ملتوي في المعالجة عندما ادعي أمام الغضب العارم للشعب الموريتاني أنه سيطبق شرع الله في من يعتدي علي العلماء وكتبهم الجليلة..وفي المقابل منح لمرتكبي الفعلة الآثمة الأولي سبيل النجاة بل والمكافأة الدولية التي تولتها القوي الداعمة للنظام في نيويورك ..

ثم أقدم الملعون علي إساءته لنبي الأمة صلي الله عليه وسلم في سابقة لم يشهد المجتمع الموريتاني مثيلا ها و انطلقت الحناجر بالتنديد والشجب وتوجهت المسيرات إلي ذات القصر الذي أدعي أنه سيطبق شرع الله في أو ل خرق فاضح ..لكن العبارات جاءت هذه المرة أقل حدة وأكثر خجلا ... وألقت السلطات بالملف في ردهات المحاكم  وفتحت أبواب الجدل والفوضي العارمة داخل المجتمع ...وتبين أن المسيء يتلقي الدعم تصاعديا من الشخصيات والموظفين وعلي رأسهم والده الذي رباه علي قيم الإساءة والذي يتولي منصبا كبيرا في إدارة العاصمة الإقتصادية للبلاد .

وتواصلت حرب المشاعر بين جموع المواطنين المندهشين من تصرفات أشخاص لايعرفون عنهم سوي أنهم يظهرون تباعا وبأعمالا جريئة ودنيئة ....فجاء الإعتداء علي أكبر علماء البلاد وأكثرهم فضلا علي الناس في هذا العصر بعلمه وعمله الصالح وخلقه الرفيع: الشيخ محمد الحسن ولد الددو (الذي قوبل المعتدي عليه بالمؤازرة القبلية والإنحياز الرسمي من خلال تجاهل مقصود ومتعمد للحدث كله ....

واليوم تطل علينا هذه الفاجعة المتعلقة بتدنيس كتاب الله عز وجل والذي يعبث به أشخاص داخل بيت من بيوت الله في وضح النهار، مستخدمين وسائل لاتتوفر إلا لمن كانت له حظوة ومكانة ...ثم يصدم الشارع من جديد ويخرج في هبة أقوي تسقط فيها الدماء ويفقد الناس صوابهم لأن المصاب هذه المرة والمرات السابقة جلل وكتاب الله العظيم هو المعقل الأخيرة للإساءة علي هذا الدين ...

إن المؤامرة واسعة وأقطابها متعددة ...فمن حرمة المساجد التي أخذت تتراجع في زمن أصبح فيه الأئمة يدفعون دفعا في الحملات الإنتخابية ويزج بهم في الخلافات السياسية  وتهمل المساجد من طرف الوزارة المعنية  ...

إن من يشاهد وضع المصاحف في المساجد اليوم يدرك مدي الإهمال وغياب المحافظة علي المصاحف وحماية بيوت الله من كل من تسول له نفسه فعل شيء كهذا ..ويأتي موقف الوزير (الذي لو يتواني عن توريط الأئمة في أوحال السياسة) ليستقبل الفاجعة ببرودته المعهودة اتجاه القضايا الهامة واندفاعه عندما يتعلق الأمر بالتقرب للسلطان ...

إن بيوت الله تعاني من الإهمال الشديد وعدم الرعاية من قبل الوزارة الوصية وهي مدانة بما حدث نتيجة عدم قيامها بواجباتها اتجاه أقدس مكان علي الأرض وهي مسؤولة أمام الله عن حمايته وحفظ كتبه  قبل غيرها ...

ثم يأتي الحراك الفئوي الأخير ليتحمل جزءا من المسؤولية من خلال الدعوات الخارجة عن سياق الشرع الإسلامي والمحرضة علي الوفاق والسلم الأهلي والتي تشجع أصحاب النفوس الضعيفة علي خلط الأوراق وارتكاب الفواحش وإلهاء الناس بالدعوات الجاهلية النتنة والخارجة عن تعاليم الإسلام ...

إن علي السلطات أن تتحمل تبعات ذلك كله وأن تدفع ثمن ما يتعرض له المجتمع من فتن ومصائب عظيمة ...

و علي هذه حكومة النظام العاجزة أمام تدنيس المقدسات أن تستقيل فورا....

وأخيرا ..علي جميع القوي الحية في البلاد أن تتنادي لإنقاذ البلاد من المأزق الذي وضعها فيه نظام فاسد ومعارضة ضعيفة تقوم بتحركات فلكلورية خدمة لأهداف النظام ..

الحاج ولد المصطفي : [email protected]

3. مارس 2014 - 16:18

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا