ما هذه بلادي التي أعرف ولا هذه أرضي التي ذبت عشقا في ثراها ولا هؤلاء هم أبناؤها، كأن شنقيط غير التي أعرف، كأن أبناءها الذي أرضعتهم حب هذا الدين ورفع لوائه عقوها، اكفهرت الوجوه وتغيرت الملامح وتبدلت الأفكار والأخلاق.
لا زالت الصدمة تسكنني فلا أدري من أين أبدأ؟ ولا ماذا أكتب؟ فالحدث جلل والمصيبة عظيمة وإن لم يتداركنا الله برحمته فالقادم أخطر وأفظع
من كان يصدق أو تحدثه نفسه أن أرض شنقيط الطاهرة التي عرفت قديما وحديثا بأرض العلم والعلماء والأولياء والأتقياء تحرق فيها الكتب ويسب فيها الأنبياء ويهان العلماء وتمزق المصاحف، في تتابع مقصود لانتهاك المقدسات والحرمات حتى بات السؤال الكبير الذي يدور في أذهاننا ماذا بعد؟؟
فلم يعد الأمر حادثا عرضيا أو تصرفا طائشا قام به جاهل أو مأجور أو باحث عن شهرة فالمبصر لتسلسل الأحداث يدرك أن هناك أيادي خفية تقف وراء كل ذلك وتحاول العبث بأمننا وسلمنا ومقدساتنا، وأن هناك ملحدون كانوا يتحركون في الظلام وبلغت بهم الجرأة حد الاستهتار بأمة بأكملها وكشفوا القناع عن وجوههم التي طالما حاولوا سترها لكنها كانت على الدوام مفضوحة معروفة، وأن هناك أطرافا – وما أكثرهم– يحاولون استغلال الموقف واللعب على وتر العاطفة وهؤلاء كلهم في الشر سواء.
على الدولة الآن وعلى العلماء والمثقفين أن يقوموا بواجبهم أكثر من أي وقت مضى، وقبل أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة فالغضب يتزايد (وهو غضب في ذات الله) وموجة الإلحاد بلغت مداها وكشفت القناع عن وجهها القبيح، وهو ما يستوجب على الدولة الأخذ بيد من حديد على أيدي هؤلاء حتى يرتدع المستترون الذين يتحينون الفرص وشذاذ الآفاق وطلاب المال والشهرة، كما على العلماء والمثقفين أن يقوموا بسبر أغوار هذه الظاهرة وعلاجها فكريا ومحاورة هؤلاء ومقارعتهم بالحجة والبرهان، وتحصين المجتمع من أفكار هؤلاء وغيرهم، وأن لا تكون هبتنا وغضبتنا مؤقتة سرعان ما تخمد، حتى يؤخذ على يد الظالم ويعود لهذه الأرض ألقها وجوهرها الذي عرفت به.
حمى الله شنقيط شر هؤلاء ورد أرضها كما كانت قبلة العلماء والمتعلمين والباحثين عن كتاب الله وعلومه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ووقانا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن ورد كيد هؤلاء في نحورهم.