يقف المرء عاجزا مذهولا حائرا وهو يقلب صفحات المشهد الموريتاني في الآونة الأخيرة، مشهد يحمل الكثير من الرسائل من القصص والعبر التي تدمي القلوب وتتفطر منها الأكباد، وهي تظهر في كل صفحة منها خبرا يسئ وينسي في الأول، ولا تكاد الأمة تنتبه من صفعة حتى تفاجئها صفعة أقوى من الأولى.
فهل يعقل أن تصنف موريتانيا على أنها ثاني دولة يسب فيها رسول الإسلام رسول الرحمة والسلام بعد الدانيمارك، هل يسع عقل المرء وفكره أن يستوعب تصنيف موريتانيا على أنها ثاني دولة يهان فيها ويمزق دستور السلام والأمن والأخلاق والقيم أعظم كاتب عرفته البشرية القرآن الكريم، بعد أن كانت أول دولة تحرق فيها كتب العلماء حسب علمي !!!
لكن المتأمل والمتابع يرى أن هذا ليس وليد اللحظة وليس بن الصدفة، بل وراءه عقول كبيرة مدبرة، وأياد سوداء مخضبة بالدماء والحقد على الإسلام وأهله والمكر بهم وبمقدستهم، وقد ظلت موريتانيا ردحا من الزمن تمثل قلعة من قلاع الإسلام المتينة وحصنا من حصونه المستعصية، فخرجت أجيالا نشرت الإسلام تعاليما وعلما وعملا.
مما جعلها تستهدف استهدافا مباشرا من طرف أعداء تغيظهم المكانة العالية والدور الريادي الذي يقدمه هذا القطر القصي من هذا العالم الممزق، ومدى إيمان أصحابه برسالتهم وتضحيتهم في سبيلها، فواصل العدو عمل الليل بالنهار، يصب سمومه ويسوق لها فبدأ بالتفرقة العنصرية وكان منه ما كان مما لست بحاجة إلى استطراده .
فقسم المجتمع وعمل على تثبيت تلك الانقسامات بعد أن كان المجتمع أسرة واحدة تتقاسم الأدوار من أجل الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات العلمية والعسكرية والاقتصادية والصناعية وغيرها.
ويوم انتبه العدو أن الأمة الموريتانية وعت خطورة هذا التشرذم الذي لا يوجد له ما يبرره في ظل إسلام يمجد العلم والعمل ويحترم المرء قدر دينه، علم أنه ليس له من سبيل إلا أن يدخل من الباب الواسع يغري بعض ضعاف العقول بالمال والجاه في ظل قيادة لا تهتم إلى بالسياسة والسياسة المؤدية إلى التمسك بمقاليد الحكم فقط.
وحين وجد العدو من أبناء جلدتنا في عصر المغريات والمتغيرات من يساعده، أوكل إليهم مهمة التنفيذ تحت وصايته وعبر أوامره وتوجيهاته، وإن توارى هو عن الأنظار نسبيا. ليخطط ويوجه ويأمر وينهي، بدأ بورثة الأنبياء ومراجع العلم والفقه حرقت كتب الفقه المالكي وامتص غضب الشعب حينها بوعد من رئيس الجمهورية لم يتوج بالتنفيذ بل على العكس كرم الفاعل وكأن شيئا لم يكن.
ثم امتدت يد الظلم الغاشمة إلى الرسول الكريم، واكتفينا بالندوات والمحاضرات واللقاءات ومظاهرات باردة وخطب فارغة من المضمون، فلعم أن فيهنا وهن وجبن فسب العلماء والدعاة وشوه صورهم سبا وإيذاء نهارا جهارا عبر مختلف الوسائل، وما مواقع التواصل الاجتماعي منها ببعيدة، وكان من آخر ذلك الاعتداء السافر على فضيلة العلامة : محمد الحسن بن الددو.
ولما لم يكن الرد على مستوى المردود عليه كان الخطب أعظم والأمر أجل وطفح الكيل، فهذا كتاب الله عز وجل، الذي علم البشرية معنى الحياة ورسم لها سبيل الحق والسلام، ووضع لها أسس الحياة الكريمة في ظل الرفاه الاقتصادي والعلمي والأخلاقي.
فهل نعالج الأمر من جذوره ونستأصل السرطان من أعماقه، ونعمل كما عمل العدو على مواصلة الليل بالنهار حتى تعود المياه إلى مجاريها، قبل أن تفاجئنا صاعقة تنسي ما قبلها، فلكم تساءلنا ماذا يمكن عدونا أن يفعل بعد السب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإهانة العلماء وكان الرد منه واضحا حسما بتمزيق القرآن واليوم لن نتساءل بل سنتحمل المسؤولية ولا نامت أعين الجبناء.