خارطة الأحداث تستبعد الصدفة..! / عبد الله ولد أخليفة

(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) الإسراء88 صدق الله العظيم 

أعظم تحدًّ وجه للبشرية في القرآن الكريم  وعجزت عن مجرد الإتيان بآية واحدة..!!

وجدت موريتانيا نفسها قبل عدة سنوات على موعد مع مواجهة مفتوحة مع إرهاب التطرف الديني الذي كبد المجتمع والدولة خسائر فادحة.. وإن كان تكاتف الطبقة السياسية والدينية ضده والضربات الموجعة التي تلقاها من طرف الأمن والقضاء قد ساهمت في تحجيم دوره وخففت من خطره ولو بعد حين.. والمقصود هو "الإفـــــــراط" في الدين وفهم النصوص على غير حقيقتها.. أما اليوم فإن المجتمع ذاته والدولة نفسها بحكمها العسكري السابق والحالي تواجه إرهابا من نوع أخطر و أنكى في الأمة لأنه يواجهها في مرتكزها الإسلامي، أبرز مقومات وحدتها وبقائها، يمتاز هذا الصنف من الإرهاب بخسته وقلة شجاعته ويحظى بدعم و تأطير خارجيين على خلاف الأول إنه إرهاب الإلحاد أو "التفــــــريط" في الدين، الطرف الآخر لإرهاب التطرف و "الإفـــــــــراط" . ولعل نظرة سريعة على خارطة الأحداث خلال العامين المنصرمين تدحض حجة القائلين بوجود دور للصدفة في تتابع الجرائم المتعلقة بالمقدسات لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن المجتمع الموريتاني يتابع فصول خطة محكمة لزعزعة عقيدته وضرب استقراره الاجتماعي في الصميم.. وليست أحداث محرقة بيرام و مقال ولد امخيطير والاعتداء على الشيخ الددو إلا بالونات اختبار لمدى تمسك المجتمع الموريتاني بدينه وقياس لمعرفة درجة الاستعداد للدفاع عن ثوابت الأمة ومقوم بقاء الكيان وتسخين لما هو أخطر قادم

خارطة الأحداث

على شبكات التواصل الاجتماعي ومنذ فترة (فيس بوك , توتير) نقاشات لا تنقطع و مشاركات للملحدين الموريتانيين من أبناء جلدتنا من رواد قهوة رؤوف.. "نشر" و "تغريد" يتحدث بسخرية عن الحشر والحساب والعقاب وعن الحور العين.. آه ما أجرأهم على الله..!.

كانت نواكشوط في السابع والعشرين من شهر إبريل 2012هادئة هدوءا لا يكدر صفوه غير تحضير المعارضة لنسخة جديدة من "طوافها" بين المسجدين.. فجأة أم المصلين في الجمعة بساحة عامة بمقاطعة الرياض بيرام ولد اعبيدي الذي أدى صلاته وفق المذهب "البيرامي" لافتقارها لشروط الجمعة.. مباشرة بعد انتهاء الصلاة أقدم بيرام على حرق أمّهات كتب الفقه المالكي وحصة وافرة من تراث الأمة على مدى أربعة عشر قرنا بحضور جمع غفير من الغوغاء ممن يدعون الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الرق ويطلقون على قائدهم جزافا المفكر الإسلامي.!!.

في الثاني عشر من يناير 2013 شنت فرنسا بخيلها ورجلها حربا لاستعادة شمال مالي من الجماعات الإسلامية المسلحة وبينما كانت موريتانيا تستقبل آلاف اللاجئين الماليين على الحدود.. بادرت مجموعة من المنظمات الحقوقية إلى إعلان وقوفها في صف الغزو الأجنبي لمالي -وهو اجتهاد مخطئ- غير أنها ذهبت أبعد من ذلك بدعوتها للمجون والرقص والأعمال الخليعة الخارجة عن الذوق العام وأخلاق الإسلام.. ولا غرابة إذا علمنا أن "إيـــرا" أول موقع على البيان المشؤوم.. !!.

"حمزة براين" وليلى مولاي نشرا في الثامن والعشرين من سبتمبر 2013 "فيديو غنائي" ماجن صور في نواكشوط واختارا له اسم "من نواكشوط البداية" الفيلم يصور مشاهد فاضحة منافية بالكامل لقيم الإسلام وعادات وأخلاق المجتمع الموريتاني.. بعد موجة تنديد واسعة استدعيت ليلى لإدارة الأمن لتخرج بعد ساعات "منتشية" بنصرها على "الظلاميين" كما دعتهم لتعاود الظهور من جديد في فيديو غنائي آخر..!!.

صباح الجمعة الثالث عشر من دجمبر2013 نشر موقع "أقلام حرة" مقالا موقعا باسم فتاة موريتانية مرفقا بصورتها تدعى فاطمة بنت القاسم - و للاسم دلالته- تعلن فيه صراحة كفرها وإلحادها بعد أن أحصت عدة مسائل من ثقافة الموريتانيين مؤكدة أنها تشرب "الشاي" تلبس "الملحفة" وتتقن "أكْـــــرُورْ" تربت في أحضان أسرة موريتانية تعلمت منها قتل الوقت مع زميـــلاتها في لعب "أُمُّ ادْيــَـارْ" حتى لا يبقى شاك في "اتْبَيْظِينٍهَا" غير أنها ملحدة لا تؤمن بالله ولا باليوم الآخر تاركة للجميع سؤالا يبدوا أن زملاءها استعجلوا الإجابة عليه فواصلوا إكمال المهمة القذرة.. هل تقبلون بي..؟!.

قبل شهرين نشر نفس الموقع "أقلام حرة" مقالا للعامل بشركة "اسنيم" محمد ولد امخيطير تضمن من الإفك والزور والتطاول على جناب أفضل خلق الله ما تتفطر منه السماوات وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً.. اتهم فيه الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم بالعنصرية والحيف في الحكم بين أصحابه وعلى الوقائع.. إنه الجهل الأعمى.. سبحانك هذا بهتان عظيم..!.

بعد زوبعة المقال بعشرة أيام من الشد والجذب والغليان في الشارع عادت المنظمات الحقوقية التي سبق وأن طالبت بالمجون أيام حرب مالي لتعلن تضامنها مع صاحب المقال المسيء وتطالب بإطلاق سراحه وتعديل قانون الجنايات في دعوة صريحة للتخلي عن الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع لتشفع جنحتها تلك بهجوم لاذع على من خرجوا انتصارا للنبي صلى الله عليه وسلم ودفاعا عن ثوابت الأمة.. إنهم غوغاء حسب بيان المنظمات الحقوقية.. رمتني بدائها وانسلت..!!.

في جنازة بمسجد طلحة بانواكشوط وبعد أن أم العلامة المجدّدُ محمد الحسن ولد الدّدَو المصلين على الجنازة وأمام جمهور عريض امتدت يدٌ طائشة إلى جسد الشيخ الوقور.. تجاهلت الجهات الأمنية الأمر.. لتبقى تلك إحدى الجرائم النائمة في نواكشوط.. وما أكثرها..!.

آخر حلقات مسلسل إرهاب الإلحاد العابث بمقدسات الأمة كان اعتداء على بيت من بيوت الله وتمزيق مصاحف ورميها في المراحيض.. يا للمصيبة.. اللهم إن هذا منكر فأنكرناه.. ترى هل بعد هذا من صدفة..؟!

خرج الشارع عن بكرة أبيه لكن ردة الفعل الرسمية هذه المرة سرعان ما أخذت اتجاهاً ضد ما كان عليه الحال في المرات السابقة من استغلال للعواطف بالعمل على تطبيق شرع الله كما حدث مع المحرقة ومقال ولد امخيطير أو التجاهل كما حدث مع منظمات حقوق الإنسان والجرائم الأخلاقية, لذلك كانت قوات الأمن بالمرصاد جاهزة لقمع المتظاهرين السلميين ليسقط أول شهداء الدفاع عن المقدسات, في انتظار أن يخف زخم الجرم وتعود الأمور إلى سابق عهدها لنكون أمام محطة جديدة من مسلسل العبث بمقدسات الشعب وناظم وحدته.. ترى أين ستكون تلك المحطة القادمة..؟ لا أحد بإمكانه أن يتنبأ بالإجابة من خارج الدائرة الضيقة الممسكة بالملف..!

من المستفيد ومن ينفذ..؟

كل الأحداث في هذا البلد المثخن بالجراح تؤكد أن ثمة خطة مبيتة لضرب المجتمع في عقيدته ووحدته ولا مجال للصدفة في تتابع الأحداث غير أن واقع الحال يفرض طرح عدة أسئلة محيرة تتبادر للأذهان لعل من أهمها من المستفيد ومن ينفذ..؟

حتى الآن لا أحد في الداخل يستفيد من وضعية كهذه غير أن قوى خارجية –داخلية- من منظمات تنصيرية ونشاط متزايد للموساد الإسرائيلي ومجموعات "لائكية" أعماها "التطرف العلماني" للضالعين في هذه الأعمال علاقة وطيدة بها قد تكون هي من يحرك الأحداث لحاجة في نفس تلك القوى الماكرة

كما أن السلطة الحاكمة وجهت نتائج الأحداث لصالحها واستغل الرئيس عواطف المواطنين غير المسيسة بتأكيده على إسلامية الدولة ووعده بتطبيق شرع الله على بيرام وهو ما لم يحدث فالرجل توج في الأمم المتحدة "رائد حقوق إنسان" ويستعد لمنازلة الرئيس على كرسيه ولا سلطة للقضاء عليه،

ضف إلى ذلك أن السلطات الأمنية والقضائية وهي البارعة في تتبع الجناة واعتقال من تريد ومحاكمته بسرعة البرق أظهرت تساهلا كبيرا في موضوع ضرب المجتمع في أخلاقه وتغاضت عن النشاط الإجرامي للمنظمات التنصيرية والاعتداء على العلماء وتماطل في تقديم كاتب المقال المسيء للمحاكمة وهاهي الأيام تمر مسرعة دون الإمساك بأي خيط موصل لمن ارتكبوا الفعلة الشنيعة في التعدي الأمة بتمزيق القرآن الكريم.. كما أن جهات دينية مقربة من النظام عرفت على مر التاريخ بقربها وولائها للأنظمة الحاكمة تجاهلت الأحداث المتلاحقة التي استهدفت الدين الإسلامي في الصميم فلا فتوى لهيئة الفتوى و المظالم تبين حقيقة الردة وخطورة الإلحاد ولا بيان لاتحاد العلماء أو الأئمة يتحدث عن الاعتداء على العلامة الددو.. وهو ما يظهر النظام الحاكم وكأنه أحد المستفيدين من هذه الجرائم إن لم يكن هو المستفيد الأول..!!

أما من ينفذ الجرائم فهو معروف الفكر والمنشأ والمصدر ولا إشارة استفهام على مرتكب أي من منفذي هذه الجرائم باستثناء التعدي على المصاحف والتي من السهل التعرف على مرتكبها اعتمادا على منطق الأشياء الذي يقول قطعة الفأس ما كان لها أن تنال من جذع الشجرة لولا أن غصنا من الشجرة تبرع أن يكون مقبضا للفأس..!! هم من بني جلدتنا..!!.

لن يردع هؤلاء غير تطبيق الحدود المنصوص عليها شرعا و المرسمة قانونيا وعليه إن لم تقم الجهات المختصة قضائيا وسياسيا بإعادة فتح جميع الملفات المتعلقة بجرائم "إرهاب الإلحاد" والتطاول على المقدسات ومحاكمة أصحابها وبدرجة أقوى من تلك التي واجهت بها إرهاب الغلو والتطرف قبل سنوات فلن يردع هؤلاء مجرد الحكم عليهم بل لابد من تطبيق الأحكام وفي ذلك خير كثير ففي الحديث الشريف (إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله عز وجل) فإن لم تقم الجهات المختصة بذلك فاستقرار البلد ووحدة كيانه وبقاء السلطة فيه في مهب الريح كما أن إسلام الشعب الذي طالما فاخرنا به الشعوب وحُق لنا أن نفخر هو رفيق استقرار هذا البلد أما إسلامية الجمهورية فهي من دون شك على المحك منذ زمن بعيد..!!   ( إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ)

 

عبد الله ولد أخليفة

طالب جامعي

4. مارس 2014 - 22:38

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا