أرض المنارة و الرباط بلاد شنقيط قديما و الجمهورية الاسلامية الموريتانية حديثا حيث ظل التاريخ شاهدا على الاسلام السمح المحمي بمداد العلماء و دماء الشهداء لم يدر في خلد احد انها ستُخرج يوما من جدب صحرائها من يحرق مراجع كانت حارسها الامين او ستنجب
نساؤها من يشكك في عدالة الرحمة المهداة عليه افضل الصلاة و التسليم حيث الالسن تلهج بحبه صلاة و مدحا، من كان يعتقد ان كرسي العالم الذي ظل اعلى مرتبة من كرسي كل حاكم ستطاله ألسن المسيئين و ايدي العابثين كلها كانت خطوات تطاول متسارعة لتبلغ الذروة بتدنيس كلام رب العالمين الذي ظل هنا الحكم العدل بين المتخاصمين و البوتقة التي تنصهر فيها الاعراق و تذوب فيها الفوارق الاجتماعية.
حلقات فتن متجاورة كقطع الليل المظلم تذكر بما يعرف محليا بخبطات آسفل كانت نتاجا طبيعيا لاخطاء النخبة و جهل العامة فاوصلتنا لهذا الدرك الفكري و الديني فمن جمعة برام مرورا بغزوة تفسك و ليس انتهاء بتدنيس المصحف لم تخبو جذوة النار التي كانت الحاضر الابرز و نقطة الجمع لكل تلك التطاولات هي نار الجهل التي اشعلت بها الانعتاقية المزعومة مراجع امة و هي نفس النارالتي احرق بها المتطاول على الجناب النبوي نفسه لتوقد بها جبهة النصرة في نسختها الموريتانية جذوة التعصب و التكفير فكان ضحيتها حتى الآن ماركات تجارية منافسة ،هي ذات النار التي اشعل بها المدنسون للقرآن الكريم غضب ملايين المسلمين في موريتانيا و حول العالم في مشهد اختلط فيه الباطل بالباطل أبطاله ابناء وطن بالغوا في عقوقه و اساؤوا له حاضرا و مستقبلا.
أدت آخر حلقات التطاول المتمثلة في تدنيس القرآن الكريم لردات فعل عنيفة اسفرت عن مقتل متظاهر و موت مئات الضمائر و انتحار آلاف الاقلام على عتبة الوطنية و السلم الاهلي حين سعى اصحابها الى النفخ في نار الفتن و اللعب على المشاعر الدينية المجروحة لامة مصابة في اقدس ماتملك بغية تحقيق اهداف و مكاسب حزبية عبر التحريض الاعمى على العنف و بث الشائعات المغرضة و الكاذبة في اغلبها؛ لقد قتلوا انفسهم احياء حين قرروا مجافاة الحقيقة و التطاول على عقول المشاهدين و المستمعين و القراء حين كذبوا على انفسهم و صدقوا ان الامر بداية ثورة على طريقة ربيع الموت العربي التي تنطلق باشاعة و تنتهي بخراب بلد ففي كل مكان يوجد دير للزور و البهتان عنوانه صحف صفراء تبيع رخيص الكلام و قنوات تبث السموم خدمة لحزب او جماعة و تنكرا للوطن.
ان التطاول على المقدسات لم يأتي من فراغ بل هو وليد تراكمات و اخطاء بعضها اجتماعي و الآخر سياسي فمن يتصدرون المشهد السياسي ادلو بدلوهم في الموسم المشؤوم بما يملكون من قدرة فائقة على مزج الديني المقدس بالدنيوي الخبيث خلطا يصل حد التدنيس حيث اصبح لكل حزب و جماعة عالم تحتكره لنفسها توفر له الدعم و يمدها بالفتوى فكان ذلك اول ضربة في الصميم لكرسي العالم و عامل تفرق عنه و هو الذي كان مجلسه على مدار تاريخنا مركز اجماع و حلقة ذكر فاصبح التطاول عليه سنة كل من خالفت فتواه هواهم و ظهرت ازدواجية الاحكام الشرعية فاعراض العلماء المخالفين مباحة و وصفهم بأفظع الصفات و النعوت جهاد بالكلمة و التطاول على العلماء الموالين و الاعتداء عليهم كفر مع ان كل التصرفات المسيئة للعلماء مدانة دينا وعرفا.
أبان موسم التطاول ان احزابنا السياسية و طليعتنا الفكرية غير جاهزة او مهيأة بما يكفي للوقوف في وجه هذه الهزات التي تتوالى و أن المصلحة الضيقة تعلو على ما سواها حتى و لو افضت تلك الانانية و العناد الى و ضع البلد في مهب الريح، انهم العائدون من جنازة فتى يافع انتهزوا صدق نيته فحاولوا مص دمه حتى آخر قطرة و استغلاله حتى في لحده فأسال كتاب الثورة المزيفون دموع التماسيح من اقلاهم ترحما و تعلقا بروحه التي ستكون نسيا منسيا عند اول موسم انتخابي او مؤتمر حزبي او وليمة تعيينات ليتركوا لذويه حزنا ابديا و كذلك يفعلون.
ان احداثا جساما كالتي نمر بها اليوم تتطلب وقفة جادة و حازمة من الحكماء و العلماء تنكس فيها الأعلام حدادا على وطن لم نتقي الله فيه و تنكس الاقلام حداد على إعلام لم يتقي الله فينا.