خطوط قاتمة على صفحة ناصعة / جمال ولد محمد سالم

حاولت قراءة ما يدور في الشارع الموريتاني من أحداث غريبة فأعددت لهذه القراءة عدة أدبية علمية ليتسنى لي وللقارئ فهمها أو معرفة ما وراء ظهورها في هذين الظرفين الزماني والمكاني.

وبعد تفكير عميق ونظرة ثاقبة بتركيز عالي، قررت أخذ عينات من هذه الأحداث ووضعها تحت مجهر دقيق بمختبر التحليل المنطقي المبني على أسس الموضوعية والتجرد من العواطف.
وضعت العينات على الشرائح المجهرية ولكن النظرة الأولى لها كانت قاتمة والثانية ضبابية تماما رغم دقة المجهر، ثم أعدت الكرة ثالثة فرأيت علامات تبدوا كأنها إرهاصات جديدة ناتجة من تفاعلنا مع العولمة الجديدة. ولم أزل أكرر التجربة حتى تبين لي الخيط الأبيض من الأسود من الأحداث المليئة بالخطوط السوداء واتضح لي أن هذه الخطوط السوداء قد رسمتها أيادي خفية مدعومة داخليا وخارجيا، ولا تريد لموريتانيا الاستقرار ولا التقدم والازدهار.
كان أول خط أسود هو حرق أمهات المذهب المالكي ثم تتالت بعده الخطوط المتداخلة في الوانها والمتشابهة في دلالاتها من قذف وسب للعلماء إلى كتابات في وسائل الاتصال تظهر التشيع أحيانا والإلحاد أحيانا أخرى، إلى كتابة المقال المسيء لأفضل الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام، وأخيرا إلى تمزيق المصحف الشريف الذي اختار له المجرمون أن يكون في نفس اليوم الذي دشن فيه الرئيس قناة المحظرة القرآنية، وهذه قرينة واضحة على أن بهذه البلاد نظام يبنى المثل والقيم الإسلامية النبيلة وبها مجموعة من اللا وطنيين واللائكيين تحاول هدم ما بناه النظام.
  إن الأحزاب السياسية الفاشلة في تسويق خطابها واستقطاب الشعب، والشخصيات المعارضة للنظام، من بين هؤلاء من لا يريد لموريتانيا أن تنعم بالأمن والرقي، فبدأ يفكر في طريقة لزرع الفتنة بين طوائف وشرائح المجتمع الموريتاني فاصطدم بصخرة الوحدة الوطنية وتلاحم النسيج المكون للشعب ففشل، ثم حاول استنساخ الربيع العربي فاصطدم بشعب أبي مسلم مسالم يختلف بكل المقاييس عن شعوب الربيع العربي، يحكمه نظام ديمقراطي يختلف كذلك عن الأنظمة الدكتاتورية المتهالكة ففشل أيضا. وأخيرا وبعد ما فشل في زرع الفتنة واستنساخ الربيع العربي يبدو أنه فكر في المساس بالمقدسات وهو لا يدري أو يتجاهل أنها خطوط حمراء لا يفكر بالمساس بها إلا هالك.  نزل العملاء المخربون للشارع فأشعلوا النيران وكسروا السيارات وحاولوا نهب الممتلكات، لتأجيج الوضع متخذين من وسائل الإعلام الحر وسيلة لنقل الأحداث بطريقة تحريضية يخيل لمن يشاهدها أن النظام هو من اعتدى على مقدساتنا، ولولا تدخل رجال الأمن لعاثوا في الأرض فسادا.
رسامو هذه الخطوط القاتمة والقاتلة كذلك يتلقوا دعما خارجيا من قريب ومن بعيد إقليميا ودوليا، إقليميا لربما كانت إحدى دول الجوار سباقة لدعم هؤلاء المخربين دعمهم ماديا ومعنويا بسب اختلاف في المواقف من القضايا الإقليمية والدولية، أو بسبب غيرتها من المكانة السامية (الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي ) والتي تبوأناها بفضل الله أولا ثم بحكمة وإرادة النظام ودبلوماسيته الناجحة وما حققه على المستويين الداخلي والخارجي من إنجازات تعد مفخرة لنا. 
أما الدعم الدولي فلا مراء في أن مصدره الكيان الصهيوني العدو اللدود، والذي أثارت حفيظته الجمهورية الإسلامية الموريتانية باسمها وبدينها الحنيف وبعروبيتها وموقفها المشرف من القضية الفلسطينية ومما زاد الطين بلة قطع النظام الحالي لجميع الأواصر التي كانت تربطنا معه، فجند حقوقيين وعنصريين لزعزعة النظام متخذا جميع الوسائل وسالكا شتى الطرق الملتوية المؤدية لذلك.
الشعب الموريتاني شعب مسلم بنسبة مائة فالمائة، غيور على وطنه، تلتحم قمته بقاعدته ويتظاهر الجميع سلميا، ويمشي في المسيرات السلمية تعبيرا عن التنديد بظهور مثل هذه الخطوط القاتمة على صفحته التي ظلت بيضاء ناصعة إلى أن دنسوها هؤلاء العملاء وشوهوا سمعة البلاد في العالم الإسلامي حتى أصبح العلم الموريتاني يحرق في البعض من هذه الدول.

5. مارس 2014 - 17:23

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا