في يوم الجمعة 27/04/2012 أقدم بيرام ولد الداه ولد أعبيدي رئيس منظمة إيرا (وهي منظمة حقوقية غير مرخصة) على إحراق نسخ من أمهات كتب ومراجع المذهب المالكي، بحجة أن هذه الكتب تمجد العبودية وترسخها... وقد أقدمت السلطات على اعتقاله مدة أربعة أشهر ليتم إطلاق سراحه يوم 03/09/2012 بعد أن خفتت الأصوات المطالبة بمحاسبته على جرمه الذي أجمع الطيف الديني والاجتماعي والسياسي في موريتانيا على إدانته...
وفي يوم 27/12/2013 نشر الشاب محمد الشيخ ولد محمد و لد امخيطير مقالا أساء فيه إلى مقام النبوة معرضا بشخص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم متهما إياه بتهم لن يتجرأ قلمي على تسطيرها. ليتم إلقاء القبض عليه فجر الثالث من يناير المنصرم في مدينة انواذيبو حيث كان يعمل إطار في الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "اسنيم".
وفي ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد 02/03/2014 قفز ثلاثة أشخاص من سيارة من نوع هلكس وتوجهوا إلى داخل مسجد خالد بن الوليد بمقاطعة تيارت وقاموا بتمزيق ثلاثة من المصاحف التي كانت موجودة بالمسجد، ثم رموها في الموضأة (المكان المخصص للوضوء) وعادوا إلى سيارتهم التي غادرت بسرعة فائقة جدا.
كل هذه الأحداث تفاعلت معها الجماهير الموريتانية بردة فعل عفوية تدين العمل البشع وتطالب بمحاسبة المسؤولين عنه ... وشهدت نواكشوط وكل مقاطعات مظاهرات بنفس المطالب.
ومن منطلق القناعة الشخصية إن الحكومة الموريتانية كانت تقف خلف الحدث الأول (حرق نسخ من أمهات كتب المذهب المالكي) بدليل التغطية التي حظي بها الحدث خاصة عبر التلفزيون الموريتاني الذي قام بتسويقه كعملية إجرامية. كما أن مسئوليتها تعاظمت عن تلك الحادثة بعد أن قامت بحماية منفذ تلك المحرقة بذريعة إيداعه السجن على مدى أربعة أشهر فقط، قبل أن تقوم بإطلاق سراحه "بحرية مؤقتة" وبدون محاكمة أو حتى بدون توجيه اتهام رسمي له، أطلقت سراحه بعد أن خفتت الأصوات المطالبة بإلحاق أقسى العقوبة به.
كما أنها مسئولة عن عدم محاسبة المسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حيث لا تزالت الحكومة تتهرب من محاسبته بذريعة "الإجراءات القانونية التي لا بد أن تأخذ مجراها في قضيته".
أجزم أن حماية الحكومة الموريتانية لبيرام ولد أعبيدي ومماطلتها في معاقبة ولد أمخطير هي مما ساهم في الدفع باتجاه الاعتداء على المصحف الشريف.
إن الحكومة الموريتانية اليوم تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، خاصة وأنها مطالبة بتقديم أجوبة على الأسئلة ذات الارتباط بالحدث، و مجبرة على التفاعل مع كثير من إشارات الاستفهام التي رافقته ، ولا شك أن الحكومة تجد نفسها أمام مسؤولية أخلاقية وجنائية تستدعي الكثير من الحسم في المواقف والجدية في الأساليب.
وإذا ما أرادت الحكومة أن ترفع الهامة عالية أمام المواطنين فعليها تجد الأجوبة الشافية التي لا تقبل التأويل، وأن تعمل على أن تعلم أن الحيز الديني في بلد يفترض أنه إسلامي حيز مقدس يجب أن ينال حقه من الاهتمام البارز والعناية الحقة.
ثم إن هذه الجرائم التي ترتكب بحق القيم الدينية والمقدسات الإسلامية في بلد يرفع شعار "الجمهورية الإسلامية الموريتانية" تستدعي مواجهتها يقظة يعززها الشعور بالواجب اتجاه الوطن والأمة التي تستمد قوتها من الوازع الديني المترسخ لديها، خاصة أن شعار بلادنا يحمل شحنة دينية يجب أن لا تتلاشى في غياهب الأزمات. بل يجب أن تشكل تلك الأزمات عامل بعث لها من رفوف النسيان .
يجب أن نخشى على شعار "الجمهورية الإسلامية الموريتانية" من الأيام التي بدأت تثبت أنه فارغ المحتوى منعدم الدلالة خاصة في ظل المصائب التي لحقت بالمقدسات الدينية في بلادنا. هنا يجب استحضار المسؤولية والعمل بمقتضاها حتى ينال المجرم عقابه ويصيب المسيء جزاءه..
محمد محفوظ المختار – ناشط سياسي
[email protected]