كلمة الإصلاح هذه المرة تريد أن تقوم بواجب فرضه عليها دينها الإسلامي ألا وهو تقديم النصح استجابة لقوله صلى الله عليه وسلم .
ولذا فأنا أقدم هذه النصيحة للسيد/ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية لأني مواطن من هذه الدولة واستمعت إلى الاعتراف بنجاح هذا الرئيس نجاحا ديمقراطيا وبذلك يكون بالنسبة لي إماما من أئمة المسلمين ويجب نصحه وتنبيهه على ما فيه نفعه وتحذيره من ما فيه مضرته دنيا وأخرى.
كما أن هذه النصيحة التي أرجوا أن تكون خالصة سبقني لها الشاب الذي نشأ في طاعة الله (ولا أزكي على الله أحدا) لكن أرجوا أن يكون كذلك وأن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله ألا وهو محمد بن محمد غلام .
فـلقد قرأت لهذا الشاب نصيحة وجهها للسيد/الرئيس بعـد غلق جمعية المستقيل والمؤسسات معها أخلص له فيها النصح ووضع له فيها نقاط الحقيقة على الحروف وحذره فيها من مغبة الاستماع إلى أعدائه الحقيقيين ووصفهم بأنهم داخل حكمه ويخططون لتوريطه في صدام مع حملة المشروع الإسلامي المعتدل في موريتانيا علماء عاملين كانوا ودعاة مخلصين أو متبرعين خيريين أو حتى ساسة مصلحين .
وبما أن ذلك الشاب أعانه الله لم يترك منفذا من منافذ نصح المؤمن المشفق لأخيه المؤمن الذي لا يشك أنه سيقف بين يدي الله وليس بينه وبينه ترجمان ويسأله عن جميع تصرفاته ونشرها بين يديه ليقرأها أمام العالم إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.
فإني أنا أيضا آخذ طرفا من ذلك النصح وأرجوا أن يكون خالصا لوجه الله ونافعا في موضوعه يقرب الجميع إلى الله ويكشف به الغمة ويهدى به إلى سواء السبيل .
السيد / الرئيس
إن جميع هذه المؤسسات التي شملها قراركم بغـلقها وتفضل عليكم الله وأعانكم على الرجوع عن إغلاق بعضها هي مؤسسات خيرية وعندما نقول مؤسسات خيرية فمعناها أن هناك من المسلمين من أعطاه الله مالا ووفقه إلى صرف جزء منه في مصالح المسلمين يرجوا أن يدخل في قوله تعالى(( الذي يوتى ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى )) ومن ما يشجع المسلم على هذا التصرف ويكاد أن يطير فرحا بعد التوفيق له أن يستمع إلى المولى عز وجل يعطيه حتى يرضى بنفس العبارة التي قالها لرسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال لرسوله صلى الله عليه وسلم ولسوف يعطيك ربك فترضى.
وهذه المؤسسات الخيرية الأكثر فيها أن تكون موجهة إما إلى قلب المسلم الخالي من كتاب الله وتوابعه من العلوم الإسلامية وذلك لوضع هذا النور المنزل من عند الله في قـلب ذلك المسلم وإما موجه إلى البطون الجائعة من أبناء المسلمين وإما لدواء مرض المسلمين الذين لا حيلة لهم لدواء أنفسهم .
والخيرية الموصوفة بها المؤسسة مشتـقة من الخير والخير هو إرادة المكلف بعمله وصرف أمواله في وجوه الخير طلبا لوجه الله واستجلابا لخيري الدنيا والآخرة .
ففي الدنيا بالتوفيق في الأقوال والأعمال ونزول البركة وفي الآخرة بوجود صاحب هذا الخير في مقعد صدق عند مليك مقـتدر .
ومن هنا أضرب مثلا واضحا لهذه الإدارة ولاشك أنه سيلفت السيد / الرئيس نظركم لأنه صادر منكم ألا وهو تنفيذ إرادتكم بفتح إذاعة للقرآن وأنواع العلم الإسلامي النافع وإحداث رواتب لأئمة المساجد وطبعكم المصحف الشريف وأخيرا تدشين التلفـزة المحظرية..الخ .
فجميع هذه المنشآت يقال لها منشآت خيرية بمعنى أنها مراد بها الخير ووجه الله والله يقول (( وما تفعلوا من خير يعلمه الله )) .
فهذه الأموال المصروفة في المؤسسات من تسيير ورواتب عمال فمع أنها مصروفة من ميزانية الدولة إلا أن إرادتها وحدها تجعل كل أوقية صرفت فيها تكتب خيرا في سجل الآمر بها وهنا يقول المولى عز وجل((إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا )).
فلو جاء رئيس بعدكم " ولابد أن يجي مهما طالت المدة أو قصرت " وأمر بغلق هذه المنشآت الخيرية وقال أنها لا داعي لها وأنها وأنها بناء على ايحاءات من شياطين الإنس والجن ماذا سيقول له آلاف المواطنين الذين يتغذون الآن روحيا وماديا من هذه المؤسسات الإسلامية .
وأيضا نعطيكم مثالا آخر لاشك سيلفت نظركم لأنه صادر من رئيسكم آنذاك وأنتم حينئذ من أقرب الناس إليه فعندما زينت له شياطين الإنس والجن داخليا وخارجيا غلق مؤسسة المعهد السعودي لتعليم العلوم الشرعية والجمعية الثقافية للدعوة والإرشاد وفعل ذلك بمجرد جرة قلم أعطاه الله القوة المؤقتة لتـنفيذ ذلك ، أطفأ بها نور العلم في قلوب أبناء المسلمين وجوع بها بطونا كانت تتـغذى من منح التلاميذ ورواتب العمال وبعد ذلك ذهب هو وترك الملائكة يكتبون عليه ( آجور ) هذا الـعمل المستنكر عند الله وعند المسلمين إلى يوم القيامة .
والله يقول في شأن الاتعاظ بمصير الظالمين ((وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذوا انـتـقام )) .
وهناك مثال ثالث أقدمه إليكم:فأنتم تعلمون السيد / الرئيس أن مأموريتكم الرئاسية انتهى نصفها الأول وقد وفقـكم الله في نظرنا في اجتيازها ديمقراطيا في أبهى صورها فلم تستـفزكم المعارضة بترحيلها لكم ولا مسيراتها كما أن مقارعتها لم تشغلكم عن الانجازات التي قمتم بها في جميع الوطن في النصف الأول من مأموريتكم .
أليس جدير بكم أن تجعلوا النصف الأخير من مأموريتكم أنقى ديمقراطيا من النصف الأول حتى تنتهي المأمورية بعد قليل لأن السنين تمر كالبرق الخاطف وتبقوا أنتم وأسرتكم في وطنكم وبين مواطنيكم آمنين مطمئنين لا تذكرون إلا بخير.
ومن جهة أخرى فأنتم تعلمون أن جل من يعمل في هذه المؤسسات الخيرية التي أغـلقتم هم حزب " تواصل" بمجرد انتساب هؤلاء الأفراد كمواطنين للحزب ولا علاقة للحزب بالمؤسسات إداريا أو تسيـيرا فيما يصله علمي لأني لا أعلم من هذه المؤسسات إلا اسمها بل أول سماعي بأن لجمعية المستقبل فروعا في انواكشوط أو الداخل هو عند الأمر بإغلاقها ، وكنت أظن أن جمعية المستقبل لا يوجد منها إلا مقرها الرسمي في عرفات فالذي كنت أعرف أن أشخاصا يعملون في إدارة جمعية المستقبل ينتسبون للحزب فقط .
كما كنت أظن أيضا يا سيادة الرئيس أن حزب " تواصل" هو أقرب حزب لكم من أحزاب المعارضة لأنه هو أول من اعترف بنجاحكم ديمقراطيا وفعل ذلك تطبيقا لعقيدته الإسلامية التي تأمر الإنسان بأن يقول الحق ولو على نفسه ، كما أنه الحزب الوحيد من المعارضة الراديكالية الذي شارك معكم في الانتخابات وأعطتكم تلك المشاركة داخليا وخارجيا مصداقية لديمقراطيتكم فكان الأولى تصنيفه كمعارض شريف يمكن التناوب معه على السلطة متى فاز في الانتخابات ولو بعد زمن طويل .
أما مزاولة بعض أفراد " تواصل " لتسـيـير المؤسسات الخيرية فأظن أنها صدفة نتيجة أن الأفراد المحسنين في الداخل والخارج يبحثون دائما عن أيادي طاهرة تخاف الله فيسندون إليها صرف أموالهم في وجوه الخير المرصودة له وهو الإنفاق على الفقراء ودواء أبناء المسلمين في بلاد الإسلام وأظن أن أحسن أشخاص موريتانيين وجدهم هؤلاء المتبرعين أهلا لحمل هذه الأمانة كان أكثرهم صدفة من حزب " تواصل" كما أن الموريتانيين هنا يختارون لحوانيتهم وسياقة سياراتهم للأجرة جماعة التبليغ ، فالخوف من القدوم على الله عنده ثمن في الدنيا قبل الآخرة.
وعلى كل حال فإن سلطة مسلمة لاحظت سوء تصرف على أي مسؤول فإن هذا التصرف ينسب إلى الشخص ولا تتحمله ممتلكات المؤسسة ولا أهدافها الخيرية لأن الأهداف وهي تعليم الجاهل وإطعام الجائع ووعظ الغافل أشياء يطلبها الشرع من المسلمين ولاسيما من سلطتهم .
فـتسجـيل ممتلكات المؤسسة وضمها إلى الدولة مخالفا لقصد المالك المتبرع أصلا وعند الدولة من العلماء من يستطيع إفتاءها عن أحكام مصير هذه الممتلكات .
وأخيرا فإني أتمنى من صميم قلبي لكل من السلطة الإسلامية والمؤسسات الخيرية التعايش بين شعب مسلم يحتاج جدا لاستجلاب الأموال لدواء المرضى وتعليم الجهال وإطعام الجياع ويكون ذلك إن شاء الله في ميزان الجميع كما قال تعالــــى (( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ))