تعيين سفير من شريحة "لمعلمين" .. خطوة تستحق الشكر /

لم  يسبق لي  أن  التقيت  من  قبل  سعادة  السفير محمد ولد مكحله  ، ولا يعرف  أي  منا  الآخر ، ومع   ذلك  فقد  سعدت  كثيرا   لحظة  سماعي   نبأ  تعيينه   سفيرا   فوق العادة  وكامل  السلطة  لدى  جمهورية  مالي الشقيقة.

ومصدر  سعادتي  بتعيينه  نابع  -هنا- من  قناعتين  اثنتين:
أولاهما  أنه يبدو أن هناك –  فعلا -  إرادة  حقيقية  وصادقة  لدي الرئيس محمد ولد عبد العزيز تقضي  بضرورة  تسريع عملية  إنصاف  هذه الشريحة الكريمة من  خلال  إشراكها  في مختلف الوظائف السامية  التي ظلت  محرومة منها  ؛ هذه الإرادة   كان قد أعرب عنها الرئيس بوضوح  شديد   خلال لقائنا  به   مؤخرا  ، وقد بدأ  الرجل  يترجم  أقواله  إلى أفعال ملموسة ومحسوسة  ؛ رأينا  ذلك  بالأمس من خلال تعيينه للأستاذة  الجامعية المعروفة  فاطمة  فال بنت اصوينع  في  منصب  وزيرة الثقافة والشباب والرياضة ، ونراه  اليوم  من  خلال تعيين أول  سفير  من  أبناء  هذه الشريحة  .
ومصدر سعادتي الثاني بهذا القرار - الشجاع -  مرده  أنني  لم  اسمع  طيلة  حياتي  بأن  عنصرا  واحدا  من أبناء  هذه الشريحة  قد نال من قبل شرف التسمية  بهذا اللقب (سفير فوق العادة وكامل السلطة ) ، رغم  كثرة الكفاءات ورغم  أن  بعضا من  سفراء الجمهورية الإسلامية  موريتانية  لا يحملون في  الواقع   من  المؤهلات العلمية   أكثر  من  كونهم   معلمين سابقين  في المرحلة  الابتدائية  أو الثانوية ، ورغم  ذلك فقد  أسرعت بهم  أنسابهم  ومنازلهم الاجتماعية  ليصبحوا  بقدرة  قادر  سفراء  في أهم  العواصم  العربية والغربية  !  ،  في حين أن الإقصاء والتهميش  ظل سيفا  مسلطا  في وجه  من  تتوفر  فيه  شروط  الأهلية  والكفاءة  العلمية من  أبناء  شريحة  "لملعمين"   .
إن شريحة  لمعلمين  يا سيادة  الرئيس بحاجة  ماسة  ومستعجلة  إلى  مشروع يشبه  في نجاعته  واستعجاليته  مشروع  مارشال  ،  لإعادة  الاعتبار  لهذه الشريحة   من خلال  دمجها  وإشراكها  الملموس  في   وظائف  ظلت  ممنوعة منها  و  محرّمة  عليها  طيلة  عمر الدولة الموريتانية الحديثة   ، وإن هذه  الشريحة – يا سيادة الرئيس - بحاجة  - أيضا -  إلى  مشروع  نهضوي مواز  يكفل  لها  دعم  وتثمين  منتوجها  الصناعي  من  خلال  نفض الغبار عنه  والارتقاء به  والعاملين  عليه من خلال توفير  دعم  سخي  من الدولة وشركائها   ينهض بقطاع  الصناعة التقليدية الوطنية  من وضعه الحالي المزري ، إلى وضع   يصبح  فيه قادرا  على المنافسة  و  رافدا  اقتصاديا يسند الاقتصاد  القومي ، و يعضد  مسعى الدولة  في جذب السياحة  وكسر حلقة  احتكار الجار   الشمالي – المغرب – الذي  استثمرت  كثيرا  في  هذا القطاع  ونهض   به  و أعلا   من  شأن  القائمين  عليه  حتى نجح في تحوليه  من  سُبّة   إلى  مفخرة  مغربية  مشهودة ، ومن يزر المملكة المغربية  اليوم  يدرك ذلك بوضوح شديد  .
إن تعيين السيد محمد ولد مكحله  سفيرا   لدى جمهورية  مالي الشقيقة ، من طرف  فخامة الرئيس  محمد ولد عبد  العزيز نعتبره   خطوة  هامة  جدا تستوجب  منا   أن  نقدم  لفخامته  أسمى آيات  الشكر والتقدير والعرفان بالجميل   من  منطلق  أن  من  لم يشكر الناس  لم يشكر الله ، ومن منطلق أيضا  أن  هذه  الخطوة  تشكل بداية  مهمة  ومشجعة جدا ، وإن  كانت  غير كافية على الإطلاق ، إذ  لا يمكننا  أن  نزعم  أن  شريحة  " لمعلمين"يمكن اختزال   إنصافها  في مجرد  حصولها  على  حقيبة وزارية   ومنصب سفير  واحد  ، وبالمقابل لا يمكن  لأحد  أن  يدعي  أيضا بأن  "لمعلمين"  يمكن إنصافهم  بين  عشية  وضحاها  إذ  أن   أمر كهذا   يتطلب  الكثير  من الصبر  مع مواصلة  الضغط  السلمي  الهادف  والهادئ ، حتى  يتحقق الإنصاف  الحقيقي  ونعيشه  واقعا  ملموسا  على  أديم  وطننا  ، وحينها لن  يكون  لأي  حِراك  مبرره  لأن   أسبابه   ومبررات  وجوده  تكون  قد زالت  وانتفت  دواعيه  ... نتمنى  أن يحدث  ذلك  في أقرب  الآجال .. ولكلأجل  كتاب.

11. مارس 2014 - 19:11

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا