هذا العنوان شطر بيت من قصيدة كتبها الرجل الصالح والفقيه الضليع الشيخ عبد الله الملقب (النهاه) بن المرابط سيدي محمود يثني بها على العالم الطالب أحمد بن محمد راره التنواجيوي، قصيدة كنت أترنم بها حين تستفزني عَرَامَةُ النفس الأمارة جانحةً بي إلى عوراء فعل أو قول فأفثأ غلواءها،
وكنت أستنهضها بها حين تستمرئ القعود عن طِلاَبِ "المكارم" فتشبَّ همتها كأنما نشطت من عقال، وهو ارتجاز له من فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين أصل لا كذب فيه.
هي مكارم ما تزال سنيةً في أحفاد الرجل الذي ترك في عقبه كلمة باقية قرنت اسمهم بأسانيد القرآن وبالفقه والصلاح والعفاف وناهيك بها مكارم تتطلع لها همم الأجواد، فالأسانيد العالية لكتاب الله في هذا القطر تمر به ليضع عليها ميسم الصدارة في الصحة والوثوق، وإمامته في الفقه مشهودة معروفة وناهيك برجل ظهر فقهه والعلامة أحمدو بابه التنبكتي لم يبرد مكانه بعدُ وهو من وصف بأنه مجدد المئة الحادية عشر، وحسبك بهاتين الخصلتين أمارة تقوى وعلم، أم السيدة الصالحة باته بنت محمد راره فهي مضرب المثل في العبادة والعفة والتصون، ولكم سمعنا من عجائز القوم وجيرتهم قولهم عند الدعاء للنسوة "يعطيكم إيمان باتَّه" وعند عتابهن "أصل مانكم باتَّه منت محمد راره".
إن اسما يدخل كل بيت يومَ فرحةِ أهله بنيل ابنهم سندا متواترا يصل حِفْـظَه للقرآن بسلسلة ذهبية في نهايتها عن رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم عن أمين الوحي جبريل عن اللوح المحفوظ عن الله عز وجل، اسم يحز في النفس أن يرتبط في أخريات الزمن بمحاربة الدعوة ومضايقة أهل العلم وحملة القرآن، ولكنها موبقات الزمن الرديء.
أوَ كـلما أراد جنرالُ الفُجْـر أن يئد الخـير في هذه الأرض أو أن يطمس منارات الـدعوة إلى الله فيها التَفَتَ حوله واختار ـ غير موفق ـ خيار بين قومي، لكأن الحاضر أراد أن ينتقم من الماضي!، أم أنه علي أن أصرخ كلَّ عام في وجه الخالفين أن اتركوا لنا دثار السمعة الذي زمَّلَـنا به الغابرون، أو لم يكن لهم آية أن حصد شوْكَه مدير المعهد العالي؟ لقد هزمت إرادة الجنرال في إغلاق المعهد وبقي عار الدهر على الذين نطقوا العوراء باسمه وقارفوا الخطيئة نيابة عنه!
أخي الوزير
أعلم أنك ستمط شفتيك وتهز منكبيك هزؤاً وسخريةً حين تَـقْـرأ أو تُـقرأ لك هذه الكلمات، أو ـ على الأقل ـ حين يصلك بعض رذاذها مشوهاً بفـعل نَـقَـلَة لا يريدونك أن تؤوب، ولكنني أعيذك من أن تكتفي بـنقلهم المشوه، فإن قولهم الكاذب وإفكهم المبين هو ما دلاك بغرور إلى جُبٍّ أمُّـه هاويه، إنهم مَنْ كانوا يفتلون منك في الذروة والغارب، هم بأسمائهم وصفاتهم من صوروا لك أهلَ الخير دعاةَ شر وأيدي الصالحين مخالب لصوص، وهم من أغروك بمحاربة الفضيلة في مجتمع لا يعرف إلا هي!
أخي الوزير
كأني بهم هذه الأيام يزحمون ذهنك بحبائل الكذب ويشحذون غضبك على الإسلاميين ويقولون لك فيهم وفي الشيخ محمد الحسن بن الددو ما لم يقله مالك في الخمر ولا ابن خطَفة في هَـمَّام، ثم هم يغرفون لك من خزينة الدولة بلا حساب ويعدونك وما يعد الجنرال إلا غرورا، ولكأني بالدعوة قد مكثت في الأرض لأنها مما ينفع الناس وأصبح من تضايقهم اليوم هم من بيدهم الأمر، وإذا بقومك يقولون: كان فلان سبب ما وقع بيننا وبينكم! لقد كذبت تقاريره! كل ما حدث كان بسببه! فإياك أن تبقى بعار الأبد.
أخي الوزير
أتظنك آئبا بغنيمة من حرب الدعاة إلى الله! لن تعود من الغنيمة إلا بما عاد به سلفك الذي غذاك أحابيل الأمن وعلمك كيف تختلق التهم للخصوم، وأنا لا أريدك خصما لدعوة أنت سليل حملتها وابن المعرقين في الذب عنها، إن سيدك الذي تنفذ الآن أوامره يعرف أكثر منك ـ ربما ـ عواقب فعلته، فقد رأى بأم عينيه وسمع بقلبه وأذنيه كيف كانت نهاية سيده الذي حرسه وغدر به، وأظنك أحد الشاهدين ـ ولو من موقع غير قيادي ـ على تلك المرحلة.
أخي الوزير
ربما لم تسمع باسمي، فأنا لست ممن أتوك لتمنحهم مناصب أو تذَرَّعُوا بك ليحصلوا باسمك على امتيازات، ولست من شباب بني قومك الذين دعوتهم نَـقَـرى وخرجوا أعوانا وعيونا لك، ربما لم أخطر ببالك، والخمول في مثلها نعمة.
أما أنا فعرفت اسمك المتداول في وسائل الإعلام، أذكر أنك حينما كنت واليا لمدينة النعمة وقعت تلك العملية التي استهدفت ثكنة الجيش هناك، هل كان تأثيرها "مفزعا" وهل اكتشفتم مؤخرا أن منفذ العملية كان "تيسا" تناصره من خلفه كتيبة من "الماعز" هي مجرد مزحة ثقيلة يا أخي الوزير.
أخي الوزير
سيرتك الذاتية لا يداخلني الشك في معرفتها رغم أني لم أقرأ منها حرفا ولم أسمع عنها كلمة، لكن صعودك الواثق في سلم وزارة الداخلية كفاني مؤونة البحث، لقد علمتنا أنظمة الجور المتعاقبة أن تلك الوزارة لا يسعد فيها طالعٌ إلا لامرئ لا شائبة في ولائه ولا أمل في انتكاسته، أملي أن تكون أنت خَـطَأَهم الذي ارتكبوا وأمنيتهم الخائبة، أملي أن ينبض فيك عرق الكرم وأن تنهض في نفسك خبيئة الخير.
أخي الوزير
أي فرحة ستهديها إلي وأي حظوة ستكون لك عندي حين أقرأ خبر استقالتك معللا بأنك لا يمكن أن تطوي نفسك على شنعاء منكرة، أو حين أشهد مؤتمرا صحفيا لك تشرح فيه أسباب قرارك الأول وتبين أنك تراجعت عنه لأن التحريات كشفت كذب التقارير الأولى، أتراني أحلم الآن حين أسطر هذه الأمنيات! لا..هي ثقتي في الدم الذي يسري فيك والصلاح الذي يحيط بك أن ينتشلك من وهدة السقوط.
هذه نصيحتي لك بحَقِّ الرحم وحقِّ الحقِّ وقد قال شيخنا محمد مولود ولد أحمدو فال:
وذاك عنـــــــدي أن حقَّ الحقِّ *** مـــــــــقدم على حقوق الخلق