أنا موريتانيا.. نحن موريتانيون ! / أحمد مختيري

تعالوا بنا نتفق على الأصح ولننطلق من مبدأ  أن يجلس كل واحد منا مع نفسه ويسألها من أنا  وماذا أريد وهل أنا حر؛ وإذا كنت كذلك ماهي حدود تلك الحرية؟.. وما الفرق بين الحرية والفوضى، وهل هنالك خطوط حمر لا يقبل مني تجاوزها ولا أقبل أنا من الآخرين تجاوزها، عندها سيجيب نفسه لا محالة إذا أنا موريتاني ..

بعدها سيجلس الساسة والمفكرون والإعلاميون ويتساءلون فيما بينهم من نحن وماذا نريد ولاشك أن الكل سيجيب "نحن موريتانيون" وبقاؤنا ببقاء موريتانيا وكلما نريده ونسعى إليه هو ما يضمن لها الأمن والاستقرار والنمو والازدهار حتى تصبح في مصاف الدول؛ عندها سيهتم كل بمجاله ويتفرغ له..
السياسي بالسياسة، والمثقف بالثقافة، والمفكر بالفكر ، والإعلامي بالإعلام حتى تكتمل الصورة. فيبدأ السياسي سياسته من موريتانيا ويبتعد كل البعد عن "المستورد" خاصة ما لا يخدم المصلحة العليا للبلد ولا يتوافق مع طبيعة أهلها ، فمثلا إذا رأى أحدهم مظاهرات مليونية في بلد من بلدان العالم تصادف حاجة في نفسه الأمارة بـ (...) فيتأمل قليلا في الشوارع الموريتانية والبنى التحتية والأسواق والمرافق العمومية ويقارن بينها وبين مثيلاتها في ذلك البلد!، ويتذكر كذلك المواطن الضعيف والفقير الذي لا يملك قوت يومه والكادح الذي يقتات على عمله اليومي ولا يتحمل غلق الأسواق يوما واحدا ، فالموريتاني بطبعه بدوي لا يدخر للغد ، حتى الأغنياء منهم يعتمدون في إفطار أطفالهم اليومي على البقالة المجاورة للبيت ، وهنا قد يتذكر قصة صاحب الدجاجة التي كانت تبيض له كل يوم بيضة من ذهب فقرر أن يذبحها ويستخرج الذهب مرة واحدة من بطنها فذبحها وشق بطنها ولم يجد فيه غير"الذرق"..!

فينطلق المفكر من الفكر الموريتاني ويطرد كل الأفكار التي لا تخدمه مهما  كان مصدرها وإعجابه بذلك المصدر، ويهتم بزرع هذا الفكر في البراعم حتى ينشئوا تنشئة موريتانية وطنية لا شرقية ولا غربية .

ويهتم الإعلاميون بالإعلام الموريتاني وترقيته والمحافظة على المكانة الغير مسبوقة التي تبوأها بين الدول العربية والإفريقية للمرة الثانية على التوالي ، ومنع كل المتطفلين ممن أخذوا على عواتقهم تشويه الوجه الصحيح لإعلامنا دون التحلي بأي معيار من معايير المهنية والمصداقية معتمدين على التلفيق والقذف دون مراعاة لسيادة الوطن ولالجصوصيات المواطنين ومسيئين ــ في نفس الوقت ــ حرية الإعلام حتى وصل بهم الأمر الى الكتابة عن أشياء كان المفروض أن الخوض فيها خطا أحمرا مثل الأمن العام للبلد والقرارت السيادية ، والتساؤلات هل غلان تخلى عن فلان أم أنه يريد التخلص من فلان ، وأن الرئيس اتخذ قرارا ورجع عنه بسبب كذا .. وكذا.. وأن علان عين في منصب ورفض ذلك التعيين ، وهذا كله دون مراعاة لما ستجره هذه الكتابات من سوء فهم وإساءة لعلاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة .
بعد هذا سنتفق جميعا على أنه يوجد بين الحرية والفوضى "خيط رفيع" إن لم نحافظ عليه صارت الحرية سلبية وبلا معنى ، فلابد أن يكون هنالك قدرا من المسئولية نعرف به أين نحن وإلى أين نسير.

فمن حقنا؛ بل يجب علينا في حالة مخالفة الشرع والقانون كما وقع في الحالات التي حدثت في البلد مؤخرا أن نستنكر وأحيانا يكون هذا الاستنكار بالتظاهر العفوي أو المنظم دون المساس بالأمن أو إيذاء المواطنين أو إتلاف ممتلكا تهم .

فا الحرية يكفلها ديننا الحنيف، ما لم يصل الأذى إلى الآخرين ، ،بيد أنه إن أسيء استخدام الحرية فهذا ما لن نقبله البتة .

من هنا سيتأكد لدينا أن للحرية وجه آخر هو المسئولية ، وأن مجتمعنا له خصوصيته والمتمثلة في عاداته وتقاليده وأخلاقه ، وعلمائه ، وأئمته ، فهو يتوفر على اكتفاء ذاتي من هذه العناصر ولا حاجة له في استيرادها، ومن يتصرف خارج هذا الإطار، يصبح شخصاً مريضاً، وهذا ينطبق على أشياء كثيرة مثل تلويح بعض التيارات بشعارات مزيفة تثير الفتن والبلابل بين ابناء الشعب الواحد حتى وصلت تلك الإثارة إلى المساس بمقدساته الدينية، لذا لابد من أن نفرق بين الحرية  والفوضى والتي إن عمت فلن نعرف إلى أين سيصل بنا الحال؟

وبعد تلك الجلسات ومصارحة النفس والرجوع إلى الوطن الحبيب نقول بفم واحد "نحن موريتانيون" وندافع عن موريتانيا وعن مقدساتها ونحب الخير للعالم أجمع ، ويهمنا منه أكثر من يهتم بموريتانيا ، والتي نجلها ونحترم قراراتها السيادية ونفخر بقادتها وساستها وكتابها وإعلامييها ونجلهم حتى يحترمهم الآخرون .

عندها حتما سيصدق فينا المثل الحساني القائل: "أطفل أمنَين إعود أبنفعُ أعل راصُ يطمعُ أهلُ، وأمنين إعود أبنفع أعل أهل تطمع الناس لخرَ "..

فرفقا بهذه المسكينة التي جاوزت الخمسين من العمر ولسان حالها يقول أن أبناءها تجمعوا عند رأسها حتى حجبوا عنه الهوى وتساقط جل شعره وامتلأ بالدمامل والقروح وأهملوا بقية أعضائها  حتى أصابه جلهم الشلل.

ومن العجيب أن تلك المسكينة كلما تألم لها أحد أبنائها  ورق قلبه لحالها وحاول تضميد جراحها وعلاج ما أمكن من أمراضها وقف في طريقه بعض إخوته محاولين التقليل من أهمية ما يقوم به منكرين له في أكثر الأحيان رغم أنها بدأت تتعافى وتصيح في وجوههم أنا بخير يا أبنائي يا.... يا.... يا.....؟.

أنا لن أورث ، ولن ألبس ثوبا غير ثوبي ولن أدين بغير ديني ولن أتمذهب بغير مذهبي ولن أقتدي بغير أبنائي من العلماء الذين حملوا راية الوسطية السمحة إلى أنحاء المعمورة ، وأريدها ديمقراطية وطنية لا شرقية ولا غربية ..

"أنا موريتانيا"، هل تعرفونني ، أزيد من خمسين سنة وأنتم  تحاولون قتلي وتنهبون خيراتي ولكنني اليوم استعدت الكثير من صحتي ولن أموت مادام من بين أبنائي البررة من يتألم لحالي ويهتم بصحتي . 

على كل حال يا أبنائي أنا مهما حدث لن أكون غير "أم" بطبيعة الأمهات جبلت على حب أبنائها وعلى العادة تحب أضعفهم تدبيرا وأقصرهم نظرا أكثر من غيره ، وهنا أسمعوا نصيحتي يا أبنائي أو تعالوا بنا نتفق على الأصح ولننطلق من مبدء أن يجلس كل واحد منا مع نفسه .

أحمد مختيري [email protected]

16. مارس 2014 - 14:07

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا