لقاء الشباب.الظروف والرهانات / محمد محمود ولد سيدي عالي

من المنتظر أن تشهد البلاد خلال الأيام المقبلة حدثا فريدا من نوعه في محيطنا الإقليمي وفريدا كذلك في سياقه الظرفي ونريد له أن يكون فريدا في الشكل والمضمون والنتائج،خصوصا وأن الشريحة المستهدفة بالحدث وهو- بطبيعة الحال لقاء الرئيس بالشباب- شريحة وازنة من حيث

العدد والنشاط والمعاناة والأهم من كل ذلك كونها هي مستقبل البلاد وغدها الواعد وثروتها الحقيقية عندما يتم استثمارها بشكل سليم ومدروس بعيدا عن التجاذبات السياسية والقبلية وغيرها.

وقبل الخوض في ما ينبغي أن يكون عليه اللقاء وما يتعين أن يسفر عنه لا بد من تشخيص الظروف التي يأتي في سياقها هذا اللقاء وهي ظروف غير عادية في مجملها وإن كانت تتفاوت من الإيجابي إلى ماهو سلبي،الأمر الذي يدعوني إلى البداية بالظروف الإيجابية ولعل أهمها التحسن الملموس في اقتصاد البلاد من خلال العديد من المشاريع التنموية التي طالت مختلف نواحي الحياة والتي نفذ بعضها ومازال البض الآخر قيد التنفيذ،بالإضافة إلى الإستقرار و جو الحرية والانفتاح الذي بدأ يثمر نتائج طيبة من خلال استقطاب بعض الاستثمارات الأجنبية التي كان آخرها مؤتمر المستثمرين الذي احتضنته العاصمة مؤخرا والذي أسفر عن توقيع اتفاقيات اقتصادية هامة،دون أن ننسى النجاح الدبلوماسي الكبير الذي بدأت البلاد تحصده وتوج أخيرا برئاسة الاتحاد الإفريقي وكلها أمور من شأنها أن تساعد في نجاح اللقاء لأنها تكشف عن إرادة واضحة وجدية في بناء الوطن والبحث عن ثرواته الحقيقية والاستفادة منها ومن أهمها الثروة البشرية الشابة.

لكن وفي مقابل ذلك يأتي هذا اللقاء في ظروف سيئة وغير مسبوقة تهدد النسيج المجتمعي بالتفكك والصراع لا قدر الله تمثلت في الاعتداء على مقدسات الأمة وعلمائها وظهور مطالب وحركات عنصرية وطائفية لاتخدم أمن الوطن ووحدة شعبه وبداية التضييق على الحريات وحل الجمعيات ومنع المظاهرات دون مبررات قانونية سليمة وهي أمور ينبغي أخذها بعين الاعتبار في اللقاء الموعود الذي يأتي في ظرف آخر غير بريئ وأعني به بداية التحضير للانتخابات الرئاسية الوشيكة والذي يطرح الكثيرمن علامات الاستفهام حول مدى جدية اللقاء وهل هو بداية التوجه نحو الشباب أم أنه مجرد دعاية للاستغلال السياسي لاغير.

كانت تلك أهم الظروف التي يأتي في سياقها لقاء الرئيس بالشباب ويبقى الأهم وهو الرهانات والآمال المعقودة على هذا اللقاء وهنا لا بأس من توجيه ثلاث رسائل أراها في غاية الأهمية من أجل إنجاح هذا اللقاء،فالرسالة الأولى أوجهها إلى اللجنة المشرفة على هذا الحدث حيث ينبغي أن تكون المعايير المعتمدة لاختيار الشباب معايير موضوعية بعيدة عن السياسة ومنطق الموالاة والمعارضة وأن يطال النقاش جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأن تتاح الفرصة للجميع في تقديم أفكاره بحرية،وأن لا يتحول هذا اللقاء إلى لقاء شكلي من أجل أخذ صور مع رئيس الجمهورية أو التنزه في حديقة القصر الرئاسي لأن في ذلك مضيعة للوقت والمال وهو ما لا يرضاه ذو عقل ودين.

والرسالة الثانية أوجهها للشباب أنفسهم بأن يتقوا الله ويخلصوا للوطن وأن ينقلوا الحقيقة كما هي وكما يرونها بكل تجرد ويقدموا صورة مشرقة عن الشباب الواعي والمبدع وأن لا يتحولوا إلى مصفقين ومطبلين،وأن يخرجوا بأفكار بناءة تليق بحجم التحديات الملقاة على كواهلهم خدمة للشعب والوطن.

أما الرسالة الثالثة والأخيرة فأوجهها إلى رئيس الجمهورية صاحب الفكرة الرائدة وأدعوه إلى الحرص على نجاح هذه الفكرة والعمل على تحقيق وتجسيد الأفكار التي ستخرج عنها وأن لا يحولها إلى دعاية انتخابية  فهو المستفيد الأول من نجاح هذا اللقاء الذي دعى إليه بنفسه وأنفق عليه من أموال الرئاسة وكان شعاره "أنتم الأمل".

18. مارس 2014 - 12:37

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا