لا أدري لماذا يصر رئيس الجمهورية على حصد ما أمكن من الالقاب والخطابات النرجسية والتميز وبوتيرة قوية في الآونة الاخيرة. ويكفي لو لم أقل شيئا: حكومة حديدية بوزير اعلام وسيم جدا لم تعرف البشرية مثل خرجاته التي يفضل أن تكون تلفزيونية.
سوف يقول البعض بأنني هذه المرة أكتب بأسلوب ركيك وأقر بذلك في البداية وبلغة مباشرة وتقريرية وأقول صحيح انسجاما مع الخط. فقد كنت على صواب عندما رفضت الانتخابات الماضية بوصفي مواطنا عاديا وعندما لم أهتم بلقاء رئيس الجمهورية بوصفي كذلك، كنت أحس منذ فترة قصيرة بعد انتخاب الرئيس بأنه لا يعرف أحدا، والحمد لله أنكم يا سيادة الرئيس قطعتم البارحة الشك باليقين، وقلتم أنكم لا تعرفون أحدا.
وفقط اكره الوجبات السريعة ولكن اعذروني إن قلت لقد كان رئيس الجمهورية البارحة في لقاء الشباب ديمقراطيا صريحا وكنت مواطنا عاديا والديمقراطية تحمل وجهتي نظر دائما وخصوصا في مجتمعاتنا ولكن الاهم هو النتائج. لما ذا أنتم الامل وليس نحن أو هم ؟.
أخذ مني الفضول الوقت الكثير لأجد جوابا على هذا السؤال كان لغزا يحيرني بين أطروحتين وكنت أفضل أن أرى وأسمع وليس من رأى أو سمع:
واحدة تقول بأن رئيس الجمهورية في أنتم الأمل يعول في مستقبل موريتانيا على الشباب. والثانية تقول بأن لا أمل او بما هو قريب من ذلك فرئيس الجمهورية ونظامه على الاقل لم يعد فيهم الأمل.
وإن صح ما تقوله الاطروحة الاولى فلماذا تهميش وبطالة آلاف حملة الشهادات لماذا تركهم في الشارع ليكونوا عرضة لكل المخاطر النفسية والمادية بما فيها الارهاب والالحاد والسرقة والجريمة المنظة. لماذا يكون مجرد التخرج بعد الدراسة ضريبتهم القاسية فعلى الاقل رئيس الجمهورية يصر على أنهم يجب أن يكونوا من ضحيا أخطاء التعليم الماضية؟. ولماذا رئيس الجمهورية في نهاية المأمورية الرئاسية: أنتم أنتم ونحن نحن؟. وما الجديد؟.
لابأس فذاك مجرد.
كما لو صح ما تقوله الاطروحة الثانية فلا أجد مسوغا للاستعانة بشباب ضحايا أخطاء التعليم، إلا مسوغ واحد وواحد فقط وهو أن يكون رئيس الجمهورية قد اكتشف بعد أن فات الأوان أن هؤلاء الشباب قد يكونوا أحسن ظنا من كهول النظام المزمنين وهم يحملون شهادات من جامعات معاهد ونحن باستثناء شهادة أن لاإله. وإلا فهل تكون الحملة الانتخابية، ليس الشباب المتعلم نخبة البلد بهذه الدرجة من الغباء ولكن أيام ما بعد اللقاء سوف تقدم الاجابة الشافية بلا شك.
لهذا وحسب لم أقتنع وفضلت أن لا أخسر مائة أوقية في تذكرة الذهاب والاستمتاع عن بعد.
وهكذا في لغة الخطاب عادة لا نذكر كل شيء وحتى لو فعلنا فإننا نترك المجال بممانعة الخطاب نفسه لشيء جديد قد يكون سيء وقد يكون مفيد، يفرض على المستمع او القارئ استنطاقه اواستحضاره وهذا الشيء هو ما يعرف بالمسكوت عنه وأحيانا المحذور.
وحتى الساعة لا أدري أي الاطروحتين: هل المسكوت عنها أم المعلنة؟. هل تكون صدمة للحكومة الحالية بتعيين حكومة جديدة من بين خيرة الاربع مائة لا قدر الله فالإكراهات السياسية لها احكامها وفصولها الاربعة.
اعلم جيدا أن رئيس الجمهورية كان شابا وعاش مرحلة الشباب مثلنا تماما وحتى لو كان من أغنى الاغنياء فقد كان يوما يحلم براتب متوسط وأسرة صغيرة ولم يأت من البرزخ، لهذا أتسائل يا سيادة الرئيس لما تدعونا وأنت تعلم، هل هي طريقة للتجاهل أم التنكر أم النسيان ؟. مشاكل الشباب المتعلم معروفة مسبقا، كما أن الحلول معروفة مسبقا، أم أن لقاء أنتم الأمل غير معني بها، فإذن السياسة وأنتم الأمل وليس نحن ومن حقنا على الأقل أن نقولها لكم في أدبيا أخلاق المجاملات.
بون ولد باهي - باحث في العلوم السياسية