قبل أيام كتبت مقالا بعنوان "لقاء الشباب.الظروف والرهانات" أشدت فيه بالفكرة وتمنيت أن يكون الشباب على مستوى التحدي وأن يكونوا صوت الوطن الذي بح صوته بفعل الغبار المتصاعد من أقدام المتظاهرين الساعين مرارا وتكرارا
بين القصر الرئاسي وساحة مسجد ابن عباس،كنت ساعتها أراقب الجدل الدائر على صفحات التواصل الاجتماعي بين المدافعين عن الفكرة والرافضين لها مع وجاهة الطرفين ومصداقية الموقفين وإن كنت مع الحوار وضد منطق المقاطعة ليس حبا في الرئيس وإنما حرصا على مصلحة الوطن عساه إذا اجتمع صفوة من شبابه برئيس الجمهورية تصدح الحقيقة وتختفي السياسة ويخرج النفاق من نافذة الكلمات الثائرة ويدرك الرئيس أن الشباب لا يصلح شعارا سياسيا وأن الأرقام التي يتبجح بها لا تعكسها ظروف الحال وأن الأوضاع في غاية السوء.
أشعلت التلفاز وتوجهت شطر التلفزيون الوطني في ثوبه الجديد وأمعنت الإنصات فربما يكون لهذه الليلة ما بعدها وقد يكتب التاريخ لرجل وأربعمئة شاب وشابة جمعهم هَمُ الوطن وتناسوا هَمَ السياسة،ولكن ومن حيث لا يشعرون أو لعلهم يقصدون حرص البعض على إقحام السياسة وأصرت قلة على الحديث بعمق عن بعض المشاكل التي تعيشها البلاد وآثرت الغالبية العظمى أن تصفق عن وعي وبدونه وبدى الرئيس أكثر أريحية و تفوق على بعض محاوريه وانتهى اللقاء بلا فائدة تذكر وكان حظي من الغنيمة سهرة طويلة وغير ممتعة.
ذهب الرئيس إلى حال سبيله مزهوا بانتصاره – اللهم لا حسد – وترك الشباب في ورشاتهم منهم من بات راضيا عن نفسه بعدما أدى الأمانة وأوصل الرسالة مع قلتهم للأسف الشديد وتناسى الكثيرون أنات المرضى والجائعين ووجوه المتسولين وبطالة العاطلين خوفا وطمعا وربما خجلا وارتباكا وقد تعثرت جياد أصيلة كانت وما زالت وستبقى لها بإذن الله في الحق صولات وجولات فهل انتهت المهمة هنا؟
بالنسبة للرئيس فقد انتهت المهمة بعدما حظي بتصفيق حار وتم تهديده بالمحاكمة في حال ما لم يترشح لمأمورية ثانية خاصة بعدما اتسعت دائرة مؤيديه لتشمل الأطفال الذين بدى ممثلهم وكأن عمره في الموالاة عقودا وليس صبيا لم يبلغ الحلم،وبات واضحا أن شعار "الشباب أنتم الأمل"هو شعار المرحلة القادمة لا تنقصه سوى بعض الترتيبات البسيطة التي ستكتمل على طاولة العشاء الرئاسي،أما بالنسبة للشباب فإن معركته لم تنتهي بعد وقد تكون أكثر سخونة في المستقبل مادامت لغة الأرقام الوهمية هي المسيطرة دون أن يرى لها أي انعكاس على أوضاع الناس وحياتهم اليومية ومادامت جحافل العاطلين في ازدياد وللقصة بقية.