تتحرك المعارضة.. تتململ.. تتهيكل.. تتوعد.. تفصح لمن هب ودب عن رغبة في حوار لا يأتي ولا يقترب... ترسل الرسائل وتطلق الاشارات والاشاعات... تغرد على ضفة الأغلبية الصامتة بنغمة الرحيل... وتزقزق على مشارف الهرولة رزقزقة الحوار... تعزف على كل الأوتار الداخلية والخارجية لكن لا مجيب.
في الطرف المقابل الرئيس حسم أمره وصور له من حوله أنه ضمن الولاية الثانية وأنا الثالثة واردة إذ لا يحول دونها إلا تعديل دستور ورقي عدل كثيرا وأصبح تعديله موضة وعادة قد يقاس عليها تثليث الولايات الرئاسية وتربيعها وتكعيبها وربما توريثها لا قدر الله.
في مواجهة الحسم الرئاسي والتصامم والتجاهل تترنح "المعارضات" القديمة والجديدة.. تتصارع داخليا وتلبس لبوس الاجماع الفضفاض متجاوزة تركيزية المنسقية العتيدة إلي عباءة المنتدى الفضفاضة ذات الأبعاد الهندسية التكتيكية المتغيرة، ولعل التحدي الأكبر الذي تواجهه المعارضة هو أنها تحولت في لحظة حرجة مفعمة بالإستحقاقات دون أن تشعر وبقدرة قادر ولحاجة في نفس يعقوب وابناء يعقوب إلي قاطرة برأسين ظاهرين وبرؤوس متعددة غائرة.. فرأس المنتدى بدأ يجنح لحوار ظاهر الاهداف والغايات.. ورأس المنسقية التقليدي بكل مكوناته وأحزابه يريد أن يكون رأس القيادة ولا يريد أن يتحول إلي مكبح أو محطة توقف، والرؤوس الأخرى تمارس بياتا تكتيكيا وتشقق عنها عربات قاطرة هنا وهناك، والقطار يسير على سكة غير معبدة وكثيرة المنزلقات ويتقافز في عرباته باعة الأوهام والأحلام الذين لا يتعدى طموح معظمهم الوصول إلي محطة الرئاسيات من خلال مشاركة لأجل المشاركة.
ومقابل قاطرة المعارضة المترنحة التي تراوح مكانها رغم الحراك البادي يتسارع إيقاع قافلة الهرولة ويتنامي شعور غريب في الجانب الآخر بأن الرئيس لا يحتاج إلي احد ولن ينتظر أحدا ويؤدي ذلك إلي تسابق وتنافس واستقطاب زبوني عبثي قاتل في الجانب الآخر ويدوس الناس ضمائرهم ويدوس بعضهم بعضا كي لا تفوتهم قافلة النجاح المؤكد والنصر المضمون الذي حسم قبل احتدام المعركة.
هي فعلا وضعية شاذة يعيشها المشهد السياسي مولاة ومعارضة وتخفيف حدة شذوذها يتطلب من المعارضة التعقل والتبصر والتدبر لصيانة عربات القاطرة أولا وصهر رؤوسها في رأس واحد بقوة دفع رؤوس متعددة.. فتعدد الرؤوس كارثي إذا دفع كل منها في اتجاه معاكس وفق أجندات خاصة وضروري وإيجابي إذا تزاحمت الرؤوس والعقول والتقت الإرادات بغاية الوصول لبر أمان تشاركي يعيد قاطرة التناوب والتداول لسكتها الديمقراطية الحقيقية ويفتح خيارا أخرا أمام موريتانيا أخرى.
محمد عبد الله محمدو
[email protected]