ما أغرب كتابنا الميامين الذين يتلونون كالحرباء، يململون أقلامهم كما يفعل النائم النوم الثقيل، تحدث محمد الأمين ولد الفاضل في مقاله!! وقال الرئيس مسعود نفسي نفسي!!
ففي مقدمته تحدث عما يسميه
أخطاء مرتكبة من قبل الرئيس مسعود في السنوات الأخيرة مفتتحا بعبارة (لا شك) على الطريقة القطعية التي لا تقبل النقاش ثم أشفعها بعبارة (خطأ) كررها تكرارا مجانيا عشر مرات، أنا أتساءل هل لولد الفاضل صفة الأهلية بأن يقدم صك التخطيء كما يحلو له؟ دون دليل، ويربط هذه الأخطاء بنتيجة انتخابات 23 نوفمبر 2014 البلدية والتشريعية المتواضعة على حد وصفه، دون أي دلالة، إذ لم يقارن نتيجة التحالف في هذه الانتخابات بآخر انتخابات بلدية وتشريعية التي جرت في 2006 إذ تضاعفت نتيجتنا في الانتخابات الأخيرة، ودون أن ينصف حزب بأكمله حيث يربط ما يصفه بالأخطاء بشخص مسعود فحسب، وهو يدرك أن الإمكانيات المادية، وعقلية المجتمع الموريتاني الذي ما زال ولاؤه يحركه (المال وهيبة الدولة وسطوة القبيلة) وهذه لعمري كلها أسباب كانت ضدنا.
وبعد تكرار غير مبرر لعبارة (الأخطاء) نجده يقسم هذه الأخطاء إلى صنفين:
1) أخطاء الماضي التي تكرم بالصفح عنها حيث يقول: (إلا أنها ظلت دائما في دائرة تلك الأخطاء التي يمكن تصنيفها لمن يحترم الرجل.. بأنها تلك الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها المناضلون الكبار)
2) ما يسميه أخطاء الحاضر وهي التي يبدو أنها مربط الفرس بالنسبة إليه حيث يخلع عبارة (المناضل الكبير) التي كانت من الأعراف التي يستخدمها في قاموسه والتي وصلت في مرحلة من المراحل إلى عبارة (رجل عظيم).
وقد ذكرني هنا بطرفة السفسطائي ابروتوغوراس، وكان خطيبا مراوغا، مقنعا بحجته، حينما قال بأنه يعرف كل شيء، فعرضت القضية على سقراط فمكث سقراط ساعة دون كلام مدركا أنه يحمل شعار لا توجد حقيقة مطلقة، لأن ما هو خطأ بالنسبة لك فهو صواب بالنسبة لي والعكس صحيح، فما كان من سقراط إلا أن سأله عن إسم رجل معروف في أثينا، وهكذا سقط السفسطائي في فخ الحجة فغادر أثينا ولم يعد إليها.
وعندما أراد محمد الأمين ولد الفاضل أن يقنع الناس بفداحة هذه الأخطاء استخدم أقبح ما يقال في العذر، قبول الرئيس مسعود ولد بلخير لرئاسة مجلس الاقتصادي والاجتماعي، وكان هذا سببا كافيا لأن تتغير نظرته اتجاه هذا المناضل العظيم.
وتذكرت هنا مقولة محمد الأمين في مقال كتبه لم تمضي عليه السنة (إن أعظم هبة قدمتها شريحة الحراطين لموريتانيا هو الرئيس مسعود ولد بلخير) ثم يتملص كاتبنا من كل هذه المهابة.
كنت دائما أقول إن قراء مسعود وشراحه يتجاوزهم فكيف لمناضل شب وشاب في الدفاع عن قضية أخذ منه الكفاح في سبيلها كل شيء أن ننزله من عليائه إلى سقط متاع ليس من العدل أن نستخدمه كحجة على مناضل بهذا الحجم.
يعود كاتبنا إلى استخدامات شواهده حينما عاد إلى انتخابات 2007 الرئاسية ويذرف دموع التماسيح على ما حصدناه مقابل دعم سيدي ولد الشيخ عبد الله من مكاسب ويختزلها في مناصب وزارية ورئاسة البرلمان، ويتجاهل أكبر مكسب في ذلك الاتفاق بالنسبة للتحالف الشعبي التقدمي حينما اتفقنا مع ذلك المرشح مقابل دعمه تجريم الرق وإدانته بشكل صريح، وقطع العلاقة مع الكيان الصهيوني، وهذه المكاسب يقدرها كل مواطن موريتاني يحترم نفسه.
يلجأ كاتبنا إلى نوع من الديماغوجية العاطفية حينما يزج برئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي السابق رابطا ذلك بخيط ملفق، حينما يقول (مناضل آخر من الشريحة)، حفظا للألقاب وضحكا على ذقون شريحة لا تتذكرون نضالها إلا في توقيت تختارونه أنتم، وهكذا يسقط صاحبنا في تناقض آخر حينما قال في مقال سابق كتبه (ليس من حق شريحة الحراطين أن تحتكر مسعود ولد بلخير لنفسها لأنه ملك لكل الموريتانيين) فأين هذه المفاهيم التي سرقت مني إعجابا كان يمثل بالنسبة لي إلهاما ؟
أذكرك يا عزيزي بتنصيب البرلمان وكيف تعالت أصوات الأغلبية نفسها مطالبة بإعادة تنصيب الرئيس مسعود على رئاسة البرلمان وذلك عرفانا منها بجميل أسداه الرجل لهذا الوطن ملؤه العظمة والتضحية. إن هذا المناضل لم يعد بإمكاننا أن نحشره في موقف ولا موقع لأنه شخصية وطنية محورية وسطية، وإذا ما أنصف الدهر وحكم الموريتانيين ضمائرهم، فإن أبسط ما يمكن أن نكافئه به هو تنصيبه رئيسا توافقيا لكل الموريتانيين، ولست هنا بحاجة إلى أن أذكرك بالسبب لأنك سيد العارفين.
أما قولك أنه سيدعم مرشحا في الشوط الثاني هو قول لا يمكن أن أحاسبك عليه، لأنه ليس ملكا لك، وإنما استعرته من التواصليين الذين يرددونه ترديدا ببغاويا لغايات تتشابه مع تلك التي دفعتهم إلى العزوف عن دعم مرشح الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية في انتخابات 2009.
حفظ الله موريتانيا.
الأستاذ/ الحسن ولد محمد