القبيلة ركيزة رئيسة في تركيبة المجتمع العربيّ منذ القِدَم، ولا تزال حاضرة بقوة في المجتمع الموريتانيّ، وفي العديد من الدول العربية الأخرى. ونظرا إلى ما يوجه من انتقاد لاذع لمن يعتز بقبيلته، ووصفه في بعض الأحيان بالعصبية الجاهلية وبالتأخر
عن ركب المجتمع الحديث، فقد ارتأيت أن أبدي وجهة نظري في هذا الموضوع. وذلك على النحو الآتي:
القبيلة إطار اجتماعيّ مهم لا يجوز تجاهله ولا القفز عليه. فالقبيلة جماعة من الناس تنتسب إلى أب أو جد واحد، فكيف نتنكر لآبائنا وأجدادنا ؟ ! إنّ ذلك لهو العقوق بعينه !، وقطع الأرحام التي أمرنا الله تبارك وتعالى بأن نصلها. ثم إنّ الدولة الحديثة -عندنا- لم تستطع بعدُ أن توفر للمواطن الخدمات الضرورية التي يحظى بها من لدن القبيلة، لتجعله يشعر بالاطمئنان على نفسه. فعلى سبيل المثال، عندما يمرض الشخص الفقير الذي لا يتوفر على تغطية صحية، تكون القبيلة هي "شركة التأمين" التي تتولى تكاليف تشخيص المرض وعلاجه. وعندما يرتكب الشخص -عن طريق الخطإ -جريمة قتل، تقوم القبيلة بدفع الدية، إلخ. ومع ذلك، فإنّ القبيلة لا يجوز أن تتجاوز إطارها الاجتماعيّ بحيث تطغى على إطار الوطن الكبير الذي يتجسد في أرض وشعب وسلطة(أي الدولة). ويرى المتخصصون، في هذا المجال، أنه كلما قويت الدولة ضعف سلطان القبيلة ونفوذها على الفرد، والعكس صحيح. ومهما يكن من أمر، فلا مبرر للمطالبة بإلغاء القبيلة كلية، لأنّ في ذلك إلغاءً لذوي الأرحام.