الحوار الموسمي .. لعبة الوقت بدل الضائع / محمد فاضل عبد الرحمن

كلما اقتربت ساعة الحسم وجدت المعارضة الراديكالية ضرورة للحوار، و أقامت الدنيا و لم تقعدها من أجل فرض على النظام أن يفتح الباب أمام الحوار، حوار لا يتم فيه طرح إشكالات عميقة تساعد على حسن سير الإنتخابات و فتح الباب أمام المرشحين بصورة متساوية و نزيهة من أجل إنجاح العملية الانتخابية،

و كأنما لسان حال المعارضة يقول "نريد حوارا تقبلون من خلاله أن نصل لدفة الحكم، أو أن نمتلك أغلبية في البرلمان، فهل من المعقول أن يكون الحوار مجرد وسلية لإثبات سوء نية الأغلبية إن وجد أو إثبات حسن نية المعارضة إن وجد. ثم ما الهدف الذي يمكن أن يتحقق من خلال حوار جاءت إليه أطياف سياسية فقط من أجل الحصول على مكاسب و غنائم ظرفية مرتبطة بتعيين وزراء أو ولاة أو حكام أو غيرهم من المناصب التي قد تساعد المعارضة الراديكالية لإثبات وجودها و وزنها في الساحة السياسية.
إن تجارب الحوار التي مر بها البلد كانت كلها تدل على ضعف في الطرح و رغبة شديدة في إثبات الذات لمعارضة ليس بمقدورها حتى أن تقدم الجديد لا على مستوى البرنامج و الطموحات للوطن – و للمشكك في ذلك النظر في برامجها التي لم تبرح مكانها منذ إنشاء أحزابها إلى يومنا هذا – و لا حتى أن تجدد طاقمها المقترح لتسيير الشأن العام، فدائما نفس الأشخاص و نفس القيادات و نفس الشخصيات التي من خلالها ثبت الفشل الذريع  على مر السنين، فشل أمام كل الكتل السياسية سواء منها الصاعد أو الجديد على الساحة السياسية. فهل يقبل المواطن أن يعطي ثقته لمن لا يمكنه تقديم الجديد على كل الأصعدة، سوى جديد الخطاب السياسي المترنح و الخارج على كل الأسس الديمقراطية، خطاب كان الهدف منه في كل المناسبات ركوب أمواج لربما كانت مضرتها على المعارضة أكثر من نفعها، حتى أن معظم الخرجات التي لم توفق فيها المعارضة كانت محل ازدراء من طرف المواطن البسيط الذي جعلها نكتة يتداولها في أوقات الفراغ، بدأ بدعم الشباب الشفهي 2011 للإطاحة بالنظام الحاكم من أجل وصول المعارضة لدفة الحكم، و خطابها بدعم الثورات العربية المقيتة التي جلبت الخراب لعديد الدول العربية التي شهدتها بدأ بمصر و ليبيا و اليمن و سوريا و الآلاف الذين قتلوا بسبب برنار ليفي و أشقاءه من (إخوان) كانوا عونا في تلك المسرحيات التي ما فتئت أن ظهرت على حقيقتها فجعلت من الربيع صيفا حارا أدى إلى نزيف خارجي ظهرت أخطاره في كل تلك الربوع التي كانت آمنة مطمئنة بغض النظر عن طبيعة الأنظمة التي كانت تحكمها، لتصل المعارضة لقمة نشوتها بثورة العجائز التي ختمت بسخافة الهرولة و نسيان العمائم رمز الشهامة الشنقيطية و ترك الأحذية و الهواتف و حتى النظارات التي اكتظ بها مكان التجمع الليلي في سهرة السامرين من ثوار آخر الزمن. حتى وصل الأمر بمعارضتنا أن تقف في  صف الشيطان تخطب وده و تزور ملتقياته و تنعم بأمواله التي يريد من خلالها أن يستغل سذاجة معارضتنا لتوصله لمبتغاه الذي يتمثل في تحكمه بدولة غنية و واعدة و محاولاتها القضاء على نظام أكد مرارا و تكرارا صلابته في وجه كل من يريد أن يجعل من موريتانيا مجرد خاتم في إصبعه.
إن المعارضة الموريتانية دائما ما تبحث عن الحوار و تطالب به و حين تجلس على طاولته ترتبك و تقشعر أبدانها لمجرد أن الحوار اتخذ شكلا جديا قد يفضي إلى نتائج ستحسب للمعارضة و الموالاة على حد السواء، و لأن الهدف ليس الحوار بحد ذاته بل مجرد محاولة لإظهار السلطة على أنها لا تحب الحوار و لا تقبل بتقديم التنازلات الضرورية من أجل الوصول لحل، لطالما تمنت المعارضة أن لا يتم الوصول إليه.
فلماذا الحوار إذا كانت كل الشروط متوفرة لنجاح انتخابات الرئاسة و كانت كل الآليات الديمقراطية موجودة، و هل يا ترى تريد المعارضة أن ترجعنا لمربع "اتفاق داكار" المشئوم الذي جعلتنا من خلاله أضحوكة حيث أصبح بيت الأسرة الموريتانية لا يسع مشاكلها و لا تحتوى داخله حتى يتدخل فيها القاصي و الداني.
خلاصة القول، إذا كان الهدف من الحوار مقاعد في الحكومة، فلم تتعب المعارضة بطلب الحوار إذا أن السلطة قالتها بوضوح، لا حوار حول الحكومة، و إذا كان الهدف من الحوار كسب الوقت فلماذا ترهقنا المعارضة بالحوار، إذا كانت السلطة قالت بوضوح أن لا تأجيل للانتخابات عن موعدها، رغم أن التأجيل ليس في صالح المعارضة، أقله زعاماتها القديمة، من حيث السن القانونية للترشح.
لم الحوار إذا كانت الملاحظات فقط على ضمانات مصدرها انفصام شخصي، و مرض انعدام الثقة الذي تعيشه معارضتنا المجيدة.

30. مارس 2014 - 12:49

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا