لم يعد يخفى على المتتبع للشأن السياسي الوطني أن هناك أزمة سياسية أو على الأقل بوادر أزمة ، فمعظم أحزاب المعارضة التقليدية خارج اللعبة السياسية ممارسة نتيجة عدم مشاركتها في الانتخابات البلدية والتشريعية الأخيرة (انتخابات 23 من نوفمبر) .
فالمتتبع للشأن السياسي يلاحظ أن طرفي اللعبة السياسية معارضة وموالاة أصبحا يعيان وقبل أي وقت مضي أن الحوار الجدي هو أنسب الطرق للخروج من عنق الزجاجة ، فالوزير الأول منذ الأيام الأولى بعد توليه لمنصبه الجديد القديم دخل في حوارات مع معارضيه ، بدء بأقصى المعارضة مرورا بكتلة المعاهدة وانتهاء بلقائه الأخير مع رئيس منتدى الديمقراطية والوحدة.
إن النظام والمعارضة يتفقان الآن على كثير من النقاط المطلوبة للحوار و لا يختلفان إلا في القليل ، فتتباين وجهات النظر في ما يتعلق بالحكومة التوافقية أو حكومة الوحدة الوطنية و توقيت الانتخابات ، وتتقارب في ما يتعلق بشفافية الانتخابات وحياد الإدارة ومراجعة العملية الانتخابية وحتى اللجنة المشرفة عليها ، ففي ما يخص الحكومة التوافقية أو الائتلافية أو سميها بما تشاء يصر النظام على عدم جدوائيتها وأنها غير مطروحة للناقش ، ويمكن أن نلاحظ في هذ الصدد أن منتدى الديمقراطية والوحدة ممثل المعارضة أدرج في العريضة المطلبية له مسألة الحكومة في الخيار الأمثل ، مما يجعل تخطى هذه العثرة في متناول الساسة ، كذلك الأمر بالنسبة لتأجيل الانتخابات فإن المعارضة لم تشترط هذا الشرط حتى الآن وإنما تلوح به ، ومن وجهة نظر المعارضة فإن هذا الشرط هو الذي سيمكن الجميع من الإعداد الأمثل للانتخابات المقبلة .
وإذا ما جرى الحوار في أسرع وقت ممكن فإن الفترة الزمنية التي تفصلنا عن الانتخابات تكفى لكل شيء ، أما الشفافية وحياد الإدارة وإصلاح المنظومة الانتخابية فهي أمور يتفق عليها كل الطيف السياسي ولا يمكن تحديد الآليات الكفيلة بها إلا في حوار وطني جدي وصريح بين جميع مكونات الفرقاء السياسيين .
إن القوى السياسية مطالبة الآن وقبل أي وقت مضى بوعي مخاطر المرحلة قبل فوات الأوان ، فعلى كل القوى السياسية أن تغادر خلافتها فورا لأن المناكفات والمناورات السياسية لا تخدم حاضر و مستقبل هذا البلد ، إن الشعب الموريتاني بحاجة إلى توافق سياسي يخرجه من دوامة صراعه السياسي الذي شل العملية التنموية للبلد وأهدر الكثير من الطاقات ، فلا تنمية بدون استقرار ولا استقرار بدون توافق سياسي.