السيد الرئيس،
لقد وجدتني ملزما بأن أكتب لكم هذه الرسالة، وذلك بعد أن علمتُ بأنكم تشاركونني لقب "رئيس الفقراء"، ذلك اللقب العظيم الذي يجب على كل من يحمله أن يلتزم بتصرفات معينة وبسلوك محدد حتى لا يشوه هذا اللقب العظيم.
السيد الرئيس،
لقد بلغني بأنكم تتقاضون راتبا كبيرا، وبأن راتبكم يفوق رواتب العديد من رؤساء الدول المتقدمة، وفي هذا الإطار فإني أود أن أقدم لكم كشفا حسابيا لراتبي.
إني أتقاضى رسميا راتبا قدره (12.500 دولارا أمريكيا)، ولكنني أتبرع في كل شهر ب90% من هذا الراتب للجمعيات الخيرية في بلادي، وأحتفظ ب10 % فقط لنفسي ولعائلتي، أي بما مقداره 1250 دولارا، وهو ما يعادل 371250 أوقية حسب سعر الصرف المنشور يوم 30 مارس 2014 على واجهة الموقع الالكتروني لبنككم المركزي.
ذلك هو ما أتركه لنفسي ولعائلتي من الراتب المخصص أصلا للرئيس في بلدي، وأنا دائما أقول، كلما سئلت عن هذا المبلغ المتواضع: " إن المبلغ الذي أتركه لنفسي يكفيني لأعيش حياة كريمة، بل ويجب أن يكفيني، خاصة وأن العديد من أفراد شعبي يعيشون بأقل منه بكثير. "
السيد الرئيس،
وإذا ما تجاوزنا قضية الراتب، فإنه لابد لي أن ألفت انتباه سيادتكم إلى أن من يحمل لقب رئيس الفقراء عليه أن يهتم حقا بهموم الفقراء. فأنا مثلا أنشغل في فصل الشتاء بالتفكير في فقراء بلدي، خاصة المشردين منهم، والذين لا يملكون مساكن لائقة تحميهم من البرد القارس، ولذلك فقد أمرتُ في الشتاء الماضي بأن تخصص أجنحة قصري الرئاسي لإيواء المشردين خلال فصل الشتاء، وذلك في حالة تم تسجيل أي عجز لدى المراكز المخصصة لإيواء أولئك المشردين. أما أنتم فلم تفتحوا في أي يوم من الأيام أبواب قصركم الرئاسي للمشردين في بلدكم من ضحايا الحرائق أو من ضحايا السيول، أو لغيرهم من الضحايا والفقراء، كالحمالة مثلا، أو كالعاطلين عن العمل، أو كالمفصولين من الشركات، بل على العكس من ذلك فقد واجهتم أولئك الفقراء والضحايا بمسيلات الدموع عندما لاذوا بكم لتنصفوهم، كما هو الحال بالنسبة للحمالة، و للمفصولين من تازيازت، ولحملة الشهادات العاطلين عن العمل (كواس حامل شهادة، وأنا علمي).
السيد الرئيس،
بالإضافة إلى ما سبق، فإن من يحمل هذا اللقب العظيم، أي لقب رئيس الفقراء، عليه أن يحارب بجد الفساد والمفسدين (العدو الأول للفقراء)، وفي هذا الإطار فإني ألفتُ انتباه سيادتكم، إلى أني تمكنتُ، ورغم أن مأموريتي بدأت بعد مأموريتكم بسنة من أن أخفض معدل الفساد في بلدي بنسب كبيرة، لدرجة أن بلدي قد أصبح يحتل الرتبة الثانية في الدول الأقل فسادا في كل أمريكا اللاتينية، وذلك حسب تصنيفات منظمة الشفافية العالمية. أما أنتم فإن بلدكم ما يزال يحتل المرتبة 119 في العام 2013، ولقد تراجع عربيا، وبدلا من أن تواجهوا هذا التراجع فقد اكتفيتم باتهام منظمة الشفافية الدولية بالفساد.
السيد الرئيس،
ختاما، وبوصفي أفقر رئيس في العالم، وبوصفي من بين قلة من الرؤساء تحمل لقب "رئيس الفقراء" فإنه من واجبي أن أنبه سيادتكم بأنكم تسيؤون لهذا اللقب العظيم،ولذلك فإني أطلب منكم أن تتخلوا فورا عن لقب رئيس الفقراء، فهو لا يصلح لكم، وأنتم لا تصلحون له، وأن تبحثوا ـ في المقابل ـ عن لقب آخر، كرئيس الأغنياء، أو رئيس التجار و المقاولين، أو رئيس شباب السير الذاتية، أو رئيس جيل الآيباد والآيفون، أو رئيس أطفال عزيز، أو أي لقب آخر. المهم أنه عليكم أن تتخلوا فورا عن لقب رئيس الفقراء.
حفظ الله موريتانيا..
كتبه باسم رئيس الأوروغواي:
محمد الأمين ولد الفاضل
[email protected]