الوجيز في عهود عزيز / محمد لمين أشفاغ

تسعى مختلف الأطراف في الساحة السياسية إلى إجراء حوار مع النظام الحالي حول الانتخابات الرئاسية وتنظيمها وآلياتها، وبالرغم من أن غالبية هذه الأطراف وقعت اتفاقا ساميا في داكار وظلت طلية السنوات الماضية تشكو تنكر

رأس النظام لهذه، بل أنه وصل به الحد لإطلاق ما يعتبر نكتة قانونية لا مثيل لها حين صرح الرئيس أنه غير معني باتفاق دكار لأنه حدث في دكار وليس في موريتانيا !

وأمام التهافت على النظام من قبل العديد من الذين يحلمون بأن الرئيس سيفي بوعوده التي تسيل اللعاب، ومن الساسة الذين يسعون إلى أن يعطيهم موثقا من الله على أن يحترم ما سيتفقون عليه معه، أجدني مضطرا إلى تذكير الجميع بأن الوعد الأكبر لأي رئيس هو احترام أسمى وثيقة قانونية في البلاد، ألا وهي الدستور الذي خرقه الرئيس مرات عدة –وإن كنت لست من الفقهاء الدستوريين- بالرغم من أنه أقسم بالله العظيم على مراعاة واحترام الدستور والقانون، والحنث باليمين كما هو معروف عند جهابذة الفقهاء الدستوريين يرقى للخيانة العظمى قبل أن تغمس تلك اليمين صاحبها في النار والعياذ بالله كما هو متعارف عليه عند أهل الشريعة.

وسنسرد في عجالة أهم الخروقات الدستورية التي لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف كان مع بعض الحواشي نضعها بين قوسين:

-         المادة 24: رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وهو الذي يجسد الدولة ويضمن، بوصفه حكما، السير المضطرد والمنتظم للسلطات العمومية. ( كلف المشرع رئيس الجمهورية بتطبيق القانون وحماية الدستور وهذا يعني أنه هو المسئول الأول عن أية خروقات تحدث)

-         المادة 27: تتعارض مهمة رئيس الجمهورية مع ممارسة أي وظيفة عمومية أو خصوصية ومع شغل منصب قيادي في أي حزب سياسي. (بغض النظر عن إدارة الرئيس لحزب الاتحاد، إلا أنه اعترف في لقاء الشباب قائلا: أنشأنا أحزابا للشباب وقمنا بدعمها ورعايتها...)

-         المادة 42: يقدم الوزير الأول برنامجه أمام الجمعية الوطنية في أجل أقصاه شهر واحد بعد تعيين الحكومة، عينت الحكومة بمرسوم صادر يوم 12 فبراير الماضي.

-         68: ويتلقى البرلمان في نهاية كل ستة (6) أشهر بيانا حول مصروفات الأشهر الستة (6) المنصرمة، (حافظت الحكومة على خرق هذه المادة طيلة السنوات الماضية فلم تقدم أبدا كشفا للمصروفات السداسية رغم إلحاح نواب المعارضة على ذلك.)

-         المادة 92: تنشأ محكمة عدل سامية.

-         وتتشكل من أعضاء منتخبين، وبعدد متساو من بين أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، بعد كل تجديد عام أو جزئي في الغرفتين، وتنتخب رئيسا من بين أعضائها. (لم يتم تجديد أعضاء المحكمة)

-         المادة 6 من قانون الجمعية الوطنية: تجري الجمعية الوطنية , في حالة شغور منصب الرئيس او مناصب عدة اعضاء في المكتب انتخابا جديدا وفقا للأشكال ذاتها , عند افتتاح الدورة الاولى بعد حدوث الشغور ( لم يتم انتخاب رئيس لمجلس الشيوخ بعد وفاته مع أنه تم انعقاد عدة دورات بعد ذلك)

-         المادة 9 من قانون الجمعية الوطنية:

-         يخلف مساعدو الرئيس الرئيس في حال غيابه او وجود مانع لمزاولته لمهامه وذلك حسب ترتيب انتخابهم .

وتقتصر مهام مساعد الرئيس المدعو لخلافته، على رئاسة المجلس وتمثيل الجمعية في المناسبات الرسمية. (يتضح من هذه المادة أنه في حالة شغور منصب رئيس الجمهورية لا يمكن لنائب رئيس مجلس الشيوخ الحلول مكانه وهذا يعني أن البلاد ستدخل فراغا دستوريا خطيرا)

من جهة أخرى، فإن قانون الشفافية المالية الذي يلزم كل المسئولين السامين عند تعيينهم وانتهاء مهامهم بالكشف عن أموالهم المنقولة والثابتة وكذا أزواجهم وأبنائهم القصر، طبق هذا القانون مرة واحدة ولم تتلق لجنة الشفافية المالية تصريحات الوزراء والمسئولين الذين انتهت مهامهم ولا الذين زاولوا مهام جديد، بكل بساطة يتعامل النظام مع القوانين كلعبة بين يديه يستخدمها وقت ما شاء ويتركها حين يريد.

بعيدا عن احترام الرئيس تجاه القوانين وبروره لليمين الغموس التي أقسم بها أمام رؤوس الأشهاد، نورد بعض من أشهر الوعود التي قطعها على نفسه من قبل:

-         في نهاية شهر فبراير الماضي انهار جانب من المسجد العتيق في مدينة نواذيبو، ووفقا لما نقلته صحراء ميديا عن إمام المسجد محمد الأمين ولد عبدي سالم فإن الرئيس محمد ولد عبد العزيز سبق أن تعهد بإعادة ترميم المسجد، في زيارته السابقة للمدينة؛ "لكن هذا الوعد لم يتحقق بعد، رغم كل الجهود التي بذلت في هذا الصدد" حسب قوله.

-         قبل سنتين من الآن استقبل الرئيس في القصر مجموعة نشطاء قافلة الأمل الأخير الذين قدموا إلى انواكشوط من نواذيبو سيرا على الأقدام من أجل تلبية مطالبهم، وطبعا التزم لهم فخامته بتسوية كل تلك القضايا التي من بينها التعويض لأصحاب بعض الممتلكات التي هدمت في إطار إعادة تخطيط المدينة كما يقر بذلك الدستور والقانون العقاري والشريعة الإسلامية، وبينما نكتب هذه السطور فإنه لم يتم تسوية أي نقطة من تلك المظالم.

-         منذ ثلاث سنوات نظمت حركة 25 فبراير يوما وطنيا للمظالم وتحدث خلاله أحد الناشطين من ذوي الإعاقة وكان خطيبا مفوها، استدعاه الرئيس بعد ذلك في القصر وقدم له مطالب زملائه ووعده بالاستجابة الفورية لجميعها، ومن أجل المتابعة طلب صاحبنا من الرئيس وسيلة للاتصال عليه فزوده برقم هاتف أحد العناصر الأمنية المقربة منه، مضت الأيام ولم يف الرئيس بوعده وكان الرقم مغلقا على الدوام.

-         مساء الثامن والعشرين من ابريل 2012 خرجت جماهير نواكشوط بشكل غير مسبوق في مسيرات متجهة إلى القصر الرئاسي مستنكرين محرقة الكتب الفقهية التي أقدمت عليها جماعة ايرا في اليوم السابق للمسيرة، وقد استقبلت الجماهير من طرف الرئيس الذي قطع عهدا بإنزال أقصى العقوبات بفَعَلة هذا المنكر الشنيع، مضت الأيام وهاهم أصحاب المحرقة يتبجحون بفعلتهم حتى اليوم ويعتبرونها بطولة رغم أن المذهب المالكي يقضي بردتهم عن الإسلام وشرط التوبة الإقلاع والندم على ما فات.

-         بعد أن تطاول ذلك الخسيس على مقام أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، استقبل الرئيس الجموع الغاضبة وأعلن أنه سيتم تطبيق شرع الله في هذا الخسيس وستحمي الدولة المقدسات الإسلامية وأن موريتانيا إسلامية وليست علمانية، كيفت تهمة المساس بالمقدسات والتي يستتاب صاحبها ويطلق سراحه مع أن شرع الله واضح في المسألة، ساب النبي يقتل حدا اذا تاب من فعلته ويقتل كفرا اذا بقي على أمره.

-         في الثالث من مارس تم تدنيس المصحف الشريف وتمزيقه في مسجد بتيارت، هذه المرة أرسل الرئيس أذرعه القمعية إلى المواطنين المنتصرين لكتاب الله فقتلت منهم من قتلت وجرح من جرح واعتقلت من قدم الماء للمتظاهرين، وقد بلغت الحكومة من الاستخفاف بعقول المواطنين أن تتهم ماعز تيارت بهذا الجرم الذي لم يتأكد حتى الآن حسب وصف ول عبد العزيز للحادث في لقائه مع الشباب، المفارقة هذه المرة أن الرئيس أكد على أن الدولة علمانية وذلك حين قال بضرورة فصل الدين عن السياسة !

ذلك غيض من فيض، يتضح من خلاله أن فخامته حنث اذ أقسم وأخلف اذ وعد وخان حين اتأمنه الرئيس المؤتمن، فهل أنتم منتهون ؟ ام أنكم لا تتعظون !

31. مارس 2014 - 11:18

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا