هوامش على لقاء الشباب والرئيس! / أحمد ولد محمد الحافظ

هوامش على لقاء الشباب والرئيس!
لست من الشغوفين بمحاكمة النيات، ولا من الممتهنين سياسة الحكم المبدئي.. من هنا طَهُرَ لساني من تلك "الفتنة" 

التي جرَّها (لقاء الشباب والرئيس..) رغم أنه بالقلب شيء!

لقاء الرئيس والشباب..كأي ظاهرة في هذا المنكب البرزخي تَوَزَّعَ الناس حوله فسطاطين؛

فسطاط تَصَوَّفَ في سره المقدس، وهام بمكنونه الأزلي...وفسطاط رأى الأمر كفرا بواحا ..فحمل السيف وأعلن الجهاد...لتضيع الحقيقة وراء مسابح المتصوفين..وتحت سنابك خيل المجاهدين...وتتواصل ثنائية الإيمان والكفر..ساخرة من ثقافة واصل بن عطاء!
عندما سمعت الأمر بداية كان طبيعيا في نظري، وكانت دوافعه متعددة ومبررة.
فعلى المستوى الإقليمي كانت الثورات العربية "فِعْلًا" شبابيا بامتياز؛ وقد حاول شبابنا استنساخها أكثر من مرة.
وعلى المستوى المحلي نحن خارجون من انتخابات شهدت تذمرا واسعا وصارخا في صفوف شباب الحزب الحاكم وأحزاب شبابه...من هنا كان طبيعيا أن يحاول "الْقَصْرُ" رَصَّ الصفوف في وجه شبح الربيع العربي...والانتخابات القادمة، وما بعد الانتخابات "وهو الأهم"..وأعتقد أننا نكون "أَنَانِيِّينَ" ومنقطعين من التاريخ حين نراجع رئيسا "عربيا" في مسعًى ـ ولو ليس جادا ـ لـ"الْخُلُــــــــــودِ"!!!
هكذا بدت لي مساعي "القصر" وهكذا اسْتَسَغْتُهَا..أما الشباب على الضفة الثانية فكانوا مشتتين بين "أحلام" دفعتهم إليها إخوتهم من صانعي "الربيع العربي" المتعثر..و"آلام" جَذَّرَتْهَا طبقة سياسية هرمة "مومياء" جثمت على الصدور عمر الدولة...وليس غريبا ـ في ظل ثقافة ـ "مَا تيِبَسْ التَّادِيتْ أُلَا يْمُوتْ لَعْجَلْ" أن يرتمي الشباب في الأحضان!
بعد اللقاء.. وبعد سكون الفضاء قليلا.. (وبعد شراب كل حُفْرَةٍ ماءَها) ..أعتقد أنه من الوارد؛ إن لم يكن اللائق أن أشترك مع قبيلتي "غُزَيَّةَ" في رُشْدِهَا وغَيِّهَا..!!
يلاحظ المراقب البسيط من خلال مجريات اللقاء، أن الشباب توزعوا أدوارا متعددة..وَشَتْ باللقاء أحيانا..وأسعفت مصداقيته أحيانا أخرى..وحتى الرئيس نفسه تعددت أدواره؛ بل وتناقضت أحيانا، سنحاول ـ دون الشَّخْصَنَةِ ـ إبراز أهم الأدوار ودلالاتها؛ ولأن اللقاء كان بين الشباب والرئيس.. ولم يكن بين الرئيس والشباب..سنبدأ بأدوار الشباب:
ـ الدور الأول: لعبته غالبية الشباب التي لم تكن إلا "أرقاما" و"ديكورا" هدفه تزيين "اللوحة" وإضفاء طابع العمومية عليها، وقد أدت ـ مع كل الاحترام والتقدير ـ  دورها وزيادة!
ـ الدور الثاني: شباب الأغلبية، وكانت رسالته واضحة؛ فهذا اللقاء الذي ليس "سياسيا" ولا ينبغي له أن يكون كذلك..! بل هو لقاء نخبة شباب غيورين على الوطن، ويحملون "مشاريع" لخلاصه..ومع ذلك يرون أن "إكراه" الرئيس على الترشح لمأمورية ثانية أمرا "وطنيا" وليس سياسيا؛ فـ"الوطنية" تدعوه..ضف إلى ذلك توفير المعلومة الخادمة لِـ"نَصِّ" الرئيس حتى وإن كانت مغلوطة!
هل نجحت هذه الفئة في رسالتها ؟ أم وشت باللقاء كله ؟
أعتقد الأمرين؛ نجحت لأنه لا أحد في اللقاء ـ على الأقل داخل الكلية أو القصر ـ أنكر هذا "المنكر" ووشت باللقاء؛ لأن الفحوى بات واضحا.
ـ الدور الثالث: المهنيون، وهم أولئك الذين حاولوا إبراز مشاكل ونواقص قطاعاتهم؛ ورغم أنهم لم يكونوا الأكثر فقد كانوا الأبرز، والأقرب إلى هوى "خارجي اللقاء" وكان تجاوب الرئيس معهم باهتا؛ بل أكثر من ذلك حاول إرباك بعضهم وإفحامه!
هل بلَّغَ هؤلاء الرسالة؟
أعتقد أنهم حملوها، وكان بودهم لو بلغوها؛ لكن إرادة الفئة الثانية كانت أقوى!
الدور الرابع: العائدون، وقد مثَّلوا مَدَداً "ملائكيا مُنزَلاً ومُسَوَّماّ" للفئة الثانية، وقد برزوا رغم محدودية منتميهم وارتباكهم وضبابية موقفهم...وكانوا مفاجأة اللقاء؛ حيث كانوا هادئين؛ رغم الانفعالات التاريخية..وصبورين؛ رغم عناد النضال!!!
ماذا قدم أولئك؟
أرى أنهم أحرجوا أنفسهم وأربكوا الآخرين!
الدور الخامس: الوسطاء (حتى لا أقول الصمصارة) وقد لعبته "لجنة الإشراف" إذ استطاعت في ظرف وجيز، ودون "عُمُولَةٍ" ـ حسب قولهم ـ أن يجمعوا الطرفين..وينهوا الصفقة بكل تراض وهدوء!
كيف نُقَيِّمُها ؟
لا شك أنها كانت الأكثر نجاحا!
لعب الرئيس دورين أساسيين:
ـ الأول: الحلم، حيث كان ذلك الرجل الأريحي الهادئ المحاور الطريف..والذي لا يضيق ذرعا بمحاوره، ويتفانى في سماعه وإقناعه..!
ـ الثاني: القوة، إذ كان ذلك المُحَاجِجَ القوي المستفِزَّ ..الذي لا يضيع فرصة لإرباك خصمه والتقليل من شأنه..!
هَلْ كَانَ الرَّئيسُ مُقْنِعاً ؟؟؟!!!

3. أبريل 2014 - 11:55

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا