أتذكرون خطاب السيد الرئيس في انواذيبو ..؟
مما أذكر منه أنه فال أن خريجي الآداب هم سبب انتشار البطالة في موريتانيا لأننا في دولة معدنية .
و الحقيقة أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يستبعد فيها أهل الأدب
، فقبل استبعاد السيد الرئيس لهم في خطاب انواذيبو استبعدهم افلاطون في (الجمهورية ) ، و إن اختلف تعليل الاثنين لسسبب استبعادهما لأهل الأدب .
صدق السيد الرئيس ، فمن نافلة القول أنه في دولة معدنية تكون الحاجة أكثر لخريجي التخصصات العلمية ، لكن لماذا في دولة معدنية (مدنية أو كما يقزلون ) تكون أكثر المسابقات التي تجرى سنويا ذات طابع عسكري ؟ .
يقول افلاطون في ( الجمهورية ) : " سعيدة هي الدولة التي يكون أميرها فيلسوفا ، أو التي يكرس أميرها نفسه للفلسفة "
أظن أن اهتمام السيد الرئيس بالعسكرية غير بعيد من اهتمام افلاطون بالفلسفة ، و كأن لسان حال الأول يقول " سعيدة هي الدولة التي يكون رئيسها عسكريا أو التي يكرس رئيسها نفسه لتدعيم فكرة الدولة العسكرية "
لكن المؤرخون بقولون أن أشد الأمراء جناية على دولهم ، هم الذين عرفوا بالفلسفة ، و يسوقون مثالا على ذلك أنطونينوس الذي أصبح عبئا على رعاياه الذين أبغضوه ، لا لسبب إلا أنه كان فيلسوفا عظيما .
أما بخصوص النتائج التي تتمخض عن حكم العسكر فأظن أن الحديث عنها للشعب الموريتاني هدر للحبر ! .
إن الحكومات العسكرية البروتورية القمعية ليست مجرد بنية متخلفة فقط ، بل فكرة هدامة أيضا تعيد أشواطا إلى الوراء ، و تزعزع الأمن و الاستقرار مما يحتم أن تظل هذه المجتمعات المحكوم عليها بأن لا تعرف طريقا إلى الدولة المدنية بدائية و رجعية ، ما يجعل المجتمع الدولي ينظر إليها نظرة دونية .
مشكلة الدولة الموريتانية ليست فحسب أن العسكري يريد السلطة ، بل أن السياسي أيضا شغوف بالوصول إلى السلطة مهما كانت الطريقة التي قد توصله إليها ، ما يعني أن مجانفة الأساليب الديمقراطية للتبادل السلمي على السلطة ، و انتهاج الأساليب الديماغوجية و إضفاء الشرعية على الإنقلابات أمر يمكن للسياسي بكل بساطة أن يفعله ، ما دامت الديمقراطية بالنسبة له مجرد شعارات واهية .
إن أحلام هذا الشعب بدولة مدنية بددت منذ الإنقلاب على أبو الأمة السيد المختار ولد داده (رحمه الله ) ، و مازال هذا الحلم ممنوعا من التشكل إلى يومنا هذا ، و السبب الكامن وراء هذا ليس فقط عدم فهم المؤسسة العسكرية دورها ، بل زيادة على ذلك ضعف الأحزاب الساسية و المجتمع المدني ، فلو أنه تم رفض و مقاطعة الإنقلاب الأول لما كان الوضع تفاقم ، لكن ولع المجتمع بالعنترية و تهور السياسيين أفضى بنا إلى طريق مسدود .
لكن الزمن كفيل بتصحيح مسار الدولة الموريتانية ، و حين يستيقظ الشعب الموريتاني سيحاسب كل من ضلع في هذه المآمرة .