التنازلات المتوقعة في الحوار / سعد بوه سالم فال

من ضمن المفاهيم السائدة أن السياسة ترف فكري معقلن تتوق إليه النفوس عندما تصل مستوى معين من إشباع الحاجات الأساسية، وتتفاوت إبداعات الأشخاص فيها حسب مستواهم الفكري والمعرفي وكذلك سقف تجاربهم واحتكاكهم بالآخرين، إلا أن ذلك الترف الفكري وتلك المنافسة السياسية المحتملة يجب أن تظل في حدود المصلحة العامة،

وأن لا تكون على حساب المواطن البسيط، وإن المتتبع لساحتنا السياسية سيجدها أكثر حراكا وأشد منافسة أكثر من أي وقت مضى وذلك على أكثر من صعيد، سواء على مستوى الحوار أو نتائجه أو على مستوى حجم التنازلات المتوقعة.
فتشريحنا للوضعية السياسية الراهنة يبرز لنا جملة من المعطيات، تتيح لنا هي الأخرى تصورا عن الأحدث الجارية والمتوقعة تجعلنا في حل من أمرنا، خصوصا أننا نمتلك شخصيات وطنية متميزة على مستوى عال من الحنكة السياسية. إذ تعتبر جبالا راسية في تضاريس المشهد السياسي الموريتاني على مر العصور، داخل أحزاب منتدى المعارضة والأغلبية والمعاهدة معا. وذلك ما ينبئ عن نتيجة حتمية نرجوا أن تخدم كل الأطراف. فإذا نحن قمنا بمحاولة تحديد المتاح من التنازلات من طرف الأطياف السياسية نجد:
أولا ـ  على مستوى منتدى المعارضة:  فقد وصل حجم تنازله إلى حد القبول مبدئيا بالحوار والجلوس على طاولة المفاوضات. وقد يصل تنازله إلى تخليه عن التمثيل في الحكومة بالإضافة إلى تخليه عن مطلب الرحيل وفي المقابل ترقى مطالب منتدى المعارضة إلى حل البرلمان...
ثانيا ـ على مستوى أحزاب المعاهدة:  فمطلبهم قد يكون إعادة النظر في تشكيل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات بعد أن تعذر عليها القيام بمهامها على الوجه الأكمل ضف إلى ذلك تأجيل الانتخابات حتى تكون أكثر جاهزية لها من حيث التعبئة والتحسيس .
أما بخصوص الأغلبية فكل التنازلات ممكنة ما عدا مطلب الرحيل والتمثيل في الحكومة، فحل البرلمان قد يكون متاحا بعد مصادقته على مشروع الميزانية وبعض مشاريع القوانين الأكثر إلحاحا، وتأجيل الانتخابات يمنح الرئيس مأمورية إضافية خارج ما هو منصوص عليه في الدستور. وما من شك في أن الأغلبية ستوافق على تنازلات من هذا النوع.
فإذا ما افترضنا حل البرلمان فمعنى ذلك أن التواصليين أخرجوا من اللعبة ولعل ذلك يلبي حاجة في نفس أغلبية أحزاب منتدى المعارضة حيث أن أغلبها ليس ممثلا في البرلمان، الشيء الذي سيحدث شرخا في جسم منتدى المعارضة لأن التواصليين لن يقبلوا بذلك، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن مشاركة رموز المعارضة الوطنية (أحمد ولد داداه وول مولود وصالح...) في الانتخابات الرئاسية سيعطيها نكهة خاصة وشرعية أكبر. أما أحزاب المعاهدة فتسلك خطا وسطيا جعلها تستفيد من كل الحلول وفي جميع الاحتمالات فالأغلبية هي من سيربح أكثر من الحوار.
ولجميع مكونات الطيف السياسي الموريتاني أقول إن جو الاستقرار والأمن والسكينة يجب أن يكون هدفا محوريا يسعى له الجميع

5. أبريل 2014 - 16:02

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا