يوم الإثنين الموافق ل 07/04/2014 سيكون نقطة سوداء تضاف الى النقاط السود السابقة في وجه النظام العسكري الإنقلابي، يوما سيكون فارقا ، حيث من البديهي أن مجموعة الرجال التقليديين " المُسَمَّوْن برلمانيين مجازاً
" الذين لا يفهم معظمهم ما معنى التدوين ولا الفيسبوك ولا تويتر ، من البديهي أن يصادقوا على مشروع القانون الذي يحمل عنوان " الإطار القانوني للمجتمع الموريتاني للمعلومات" والذي لن يكون الا حجة جاهزة لتقييد الحريات وضرب كل من يرفع صوته ضد النظام العسكري، وقد يخدع البعض من خلال العبارات البراقة التي مهد بها للقانون لكي يتم تمريره والتمويه على المقصد الحقيقي المراد له.
هذا القنون المقترح من قبل " الوزارة المنتدبة لدى وزير الدولة للتهذيب الوطني المكلفة بالتشغيل والتكوين المهني والتقنيات الجديدة" جاء حسب أسباب واهية سِيْقَت في مشروع القانون - الذي يتكون من خمسة فصول وثماني عشرة مادة - وفق عبارات رنانة حيث يقول مثلا " إن الثورة الرقمية تتطلب صياغة استيراتيجية وطنية لخلق مناخ ملائم لتطوير تقنيات الإعلام والإتصال" ومنها أيضا " إن المجتمع الموريتاني للمعلومات الذي أملته الثورة الرقمية في سياق تحكمه العولمة، هو مجتمع ذو بعد إنساني، ضمني، متضامن ومؤمن، يعمل من أجل إنجاح عصرنة الدولة ومحاربة الفقر وحرية ازدهارالإنسان مع احترام القيم الأخلاقية والدينية." فهل النظام هنا هو المسئول عن تحديد القيم والأخلاق الحميدة في العالم الإفتراضي؟ إذا على كل واحد منا أن يحسن الإختيار في عباراته التي سيدونها أو ينشرها في مدونته أو على الفيسبوك أو سيغرد بها على تويتر، لأننا ببساطة خاضعين لقانون غبي من نظام أكثر غباء يضع نفسه وكيلا أخلاقيا على كل ما نكتب.
وفي حقيقة الأمر، ليس هناك سببا وجيه لكي يوجد هذا النظام ، فالثورة الرقمية وجدت لتجاوز القوالب الجامدة والمتاريس التي تضعها الأنظمة القمعية و يبدو أن النظام بهذا القانون يحاول أن يلتف على الحرية التي أتاحتها هذه الثورة الرقمية العظيمة.
وتبدو عبارة "المجتمع الموريتاني للمعلومات " مبهمة إلى حد كبير إن لم تكن مبهمة تماما وهو أمرٌ مقصودٌ حتى يمكن إدراج كل التفاسير الممكنة قصد السيطرة على كل مستجدات هذا العالم الإفتراضي الواسع، نحن إذا وفق المادة الثانية من الفصل الأول من مشروع القانون هذا - والذي سيصبح نافذا يوم الإثنين - تحت رحمة نظام إنقلابي ضرب كل القيم والديمقراطية عرض الحائط ويأتينا اليوم ليفرض علينا قانونا من اختياره وعلى مقاس جسمه المترهل.
ويستمر النظام في محاولته لتضييق الحريات المتاحة ، فنجده في المادة 11 يقول إن مبدأ المسئولية يتطلب إحترام الأخلاق، و كأني بالنظام نتيجة تركيزه على هذه النقطة "الأخلاق" بالذات مرات عديدة ينشأ شرطة للأخلاق حتى تراقب نوايا المدونين وتحاسبهم عليها و كأن النشطاء غير ناضجين حتى توضع لهم هكذا خطوط حمراء.
وبعد أن وضع النظام خطوطه الحمراء في المواد السابقة نجده في الفقرة الأخيرة من المادة 11 يقول " تسهر الدولة على غرار حقوق الإنسان الأخرى التي تضمنها، على أن لا تضر معالجة البيانات الشخصية بالحياة الخاصة للمواطنين " وهل تركت المواد السابقة أي حق من حقوق الإنسان إلا وقيدته؟.
نأتي الآن للمادة 12 وهي مربط الفرص، التي يسعى النظام من خلال هذا القانون ليمررها، ألى وهي مكافحة الجنح المرتبطة بالتقنيات الجدية حيث يقول " مبدأ التعاون يلزم الدولة، في إطار احترام التعهدات الدولية، بوضع وتطوير سياسة للتعاون الأمني والقضائي لمكافحة كل الجنايات والجنح المرتبطة بالتقنيات الجديدة للإعلام والاتصال" السؤال المطروح هنا بشدة هو ، من يحدد الجنح والجنايات المتعلة بهذا المجال؟، أليس هو النظام نفسه ؟ إذا هذه هي النقطة التي سيكبل بها كل المدونين و النشطاء ، فكل من سيخالفه ويضره سيعتبره جنحة أو إخلالا بالأمن وبالتالي سيكون هذا مشروع القانون هو الأداة التي ستجر نشطاء العالم الإفتراضي بمختلف أنواعهم إلى أوكار الأمن النتنة.
إذن من خلال المواد والنقاط المذكورة أعلاه سيكون كل النشطاء معرضين للمسائلة والمراقبة حيث بات في مقدرة النظام تكييف أي ما لا يوافقه في هذا العالم مع مواد مشروع القانون الجديد، وبات علينا كمدونين أو نشطاء فيسبوك أو مغردين أن نخشى سلطة الرقيب التي ستصبح ابتداء من يوم الإثنين مسلطة على رقابنا، والأهم هو احترامنا للقيم الأخلاقية التي وضعها هذا النظام الإنقلابي اللاأخلاقي الذي ضرب عرض الحائط كل المواثيق والمبادئ الدولية.
في الفصول الأخرى من مشروع القانون يتحدث عن ما يعرف بالجريمة السبرنية التي تتعلق بالجرائم المرتكبة بواسطة الإنترنت وحددت هذه الفصول العقوبات التي وصلت للسجن عدة سنوات وتغريم بملايين الأوقية، لكن الفيصل الذي يميز كل هذه المواد هو أنها مبهمة ويبقى التقدير فيها من مصلحة النظام وهو الشيء الذي يوحي بتفاسير يمكن أن يستغلها النظام لأي غرض مهما كان هذا الغرض فمثلا المادة الخامسة مما يعرف بالجريمة السبرانية تقول " كل من يعترض أو يحاول أن يعترض، بصفة احتيالية مستخدما وسائل تقنية بيانات معلوماتية صادر عن أو من داخل نظام معلوماتي، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة مالية من 1000000 إلى 6000000 أوقية أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط " والملفت في هذه المادة أن الشيء المُعتَرض لم يحدد كما لم تحدد طبيعة البيانات محل العقوبة أيضا وهو ما يبقي هذه المادة مبهمة ومفخخة إلى حد كبير.
إلا أننا نسجل مواقفنا ابتداء من هذه اللحظة ضد هذا القانون الجائر ولن نعترف به ولا بمقتضياته وستكون آرائنا واضحة مهما كانت الحواجز و الظروف التي سيضعنا فيها هذا النظام وسنظل نقول "لا لقانون مجتمع المعلومات الجائر.