لعل من سعد أنظمة الخليج هو سهولة النجاح في التعامل مع الخصوم، أو ما درجت عليه من اسقاط الخصوم مهما كلف ذلك، وإن لم تسعى له ومهما كانت تفاهة ذلك الخصم ومحدودية أهميته، جرت هذه التجربة مع الكثير ممن شق عصى الطاعة فأعلن موقفه المخالف.
وهذه الحقيقة قد عاشها العالم بالمشاهدة في كثير من الأقطار ولعل آخرها بلاد شنقيط، حيث تم كشف اللثام أخيرا عن كثير من مستورات وتحركات نظام الاخوان العالمي، رغم تماسكه ونجاحه الذي اغتر به كثيرا وتغاضى عن خطر المناوئين، وما تجربة مصر إلا مثالا حيا على ذلك مع ان تونس وليبيا ليستا في الاستثناء غير انهما أقل راديكالية وتبعية بحكم تشكلة المشهد فيهما المخالف لأم الدنيا.
اما في موريتانيا فبعد حادثة تدنيس المصحف الشريف المفبركة أصلا ظن الرأي العام أنها هي التي تم من خلالها استهداف الاخوان بإغلاق بعض المنشآت التابعة لهم ومضايقة بعض رموز الجماعة الكبار، إلا أنه بتصور جانب كبير من الرأي العام هناك شيئ آخر وراء استهداف الجماعة المطاردة عربيا وعالميا، وقد يكون بدرجة من المنطقية والواقعية تفوق التصور الاول، ألا وهو المعلومات التي يشاع انه قد صرح بها احد مساعدي الشيخ الددو والذي كان على خلاف مع شيخه في السر منذ زمان، وهذا الرجل يبدو انه يملك بنكا من المعلومات حول جميع نشاطات الجماعة واشياء اخرى...والبعض من هذه الاسرار فقط هو السبب المنطقي لما استهدفت فيه الجماعة على جانب قليل من هيكلها العام داخليا وخارجيا، ومما يزيد منطقية التصور الاخير هو عدم رد الجماعة وعدم انفعالها مع ما تعرضت له وهي التي عرف عنها سرعة التصعيد والتظاهرات والخروج للشارع بترخيص او بدونه عند كل نازلة وإن كانت استفتاء طلاب المعهد في داخله، فما التفسير لذلك؟ أليس هو الخوف مما هو أدهى وأمر؟.
هذا ما كان ليحدث لو امتثل القوم المثل الحساني على لسان الفكرون "السلحفات" اللي ارو ينبطح. فالجماعة لوحظ في الفترة الاخيرة تبجسها وافتخارها بالاخوان كما التمس منها سعيها لجعل موريتانيا حاضنة لشتات الاخوان من مصر وفلسطين وسوريا و...الخ. من دون ان تدري أن للبيت ربا سيحميه، فكما حماه وجنبه مكائد وتفجيرات القاعدة سيحميه ويجنبه كل مخططات الاخوان.
هذا السيناريو الناجح – عن قصد أو بالصدفه- قد يتحقق مع من يدعي زعامة الشيعة في موريتانيا بل لعل الأمر سيكون أسهل، فمن المعروف ان الخصم الاكبر للإخوان هذه الايام هو السعودية والإمارات العربية كما انهما الخصمان التقليديان لإيران وشيعة العالم جميعا، ومن السذاجة بمكان ان يحسب المرء ان ما يحدث لا يد لهما فيه، فالعملاقان النفطيان مستعدان كل الاستعداد لربح المعركة بكل ثمن، وبكل طرق التحايل والاختراقات من بعيد ومن قريب، إلا أن هذا الكلام لا يؤكد بالضرورة اختراقهما و استيلائهما على صاحب الجماعة الذي يملك السر الكبير، إلا أنه قد يؤكده مع الذي يدعي انه زعيم شيعة موريتانيا بكار، وذلك لصعوبة حال الرجل وجماعته التي لا يعرف عنها الكثير سوى انها لا تتحلى بما تتحلى به جماعة الاخوان من شجاعة وثراء كبير كما أنه عندنا في موريتانيا معروف عن دول الخليج العربي السخاء والعطاء، ويشاع عن إيران البخل وقصور اليد مما يسهل اختراق من يحسب عليها في العالم كله وفي موريتانيا خاصة، ضف إلى ذلك التقبل المذهبي الذي تحظى به دول الخليج اضافة إلى سخائها المعلوم، بعكس الكره المذهبي لإيران إضافة إلى شحها وغموض ما تسعى اليه، وتشابك الخيوط التي قد يكون الوصول لواحد منها سبب في استئصالها كلها، السياسي منها والديني والاقتصادي، وذلك بقوة المجتمع ودهاء الخصوم. وكما يقال: مصائب قوم عند قوم فوائد.
يتواصل.....