هل سيفهم قادة المنسقية ...قبل فوات الأوان؟ / سيد الأمين ولد باب

لا أحد يستطيع أن ينكر أو يشكك في حنكة قادة منسقية المعارضة ...كلهم محنكون سياسيا وكلهم أصحاب خبرة وتجربة سياسية طويلة ، وما يشي به العنوان من ذلك القبيل ليس أكثر من قراءة للحراك السياسي الحالي الذي يسبق الإنتخابات الرئاسية ،سعيا لإظهار واقع اختلاف مصالح الأحزاب المنضوية تحت لواء المنتدي .

فالالتزام بموقف موحد ـ إيجابي ـ من الانتخابات قد يٌفقد البعض منهم مصالحه المتحققة بالفعل، حيث لن يكون إلا بعد التوافق علي مسائل.. قد لا ترضي البعض ..كما قد يٌفقد الموقف الموحد ـ السلبي ـ مصالح محققة الوقوع.. للبعض الآخر ، فهل سيأخذ قادة المنسقية ـ بالخصوص ـ هذه المسألة  بقدر من الجد ودرجة من الاعتبار؟ أم أنهم سيبقوا عالقين في وهم جدوائية الموقف الموحد ..؟
يبدو هذه الأيام أن الأحزاب المشكلة لمنتدي الديمقراطية ، تحاول الوقوع في غلطة أحزاب المنسقية السابقة ( المقاطعة) ، وذلك بسبب معاندتهم للنظام والامتناع عن الدخول في حوار حول المسائل التي يستعد النظام لتقديم تنازلات فيها ، معلقين الحوار علي حصول مزيد من التنازلات تتعلق بقبول تشكيل حكومة موسعة تشمل أحزاب المعارضة، وبقبول تأجيل الانتخابات .
فبعد أن علم المنتدي أن هاتين المسألتين دونهما خط أحمر بالنسبة لرئيس الجمهورية ، مما يعني أن لا حوار حولهما ، لم يسع المنتدي إلي التغلب علي عقدة الضعف ... ويدخل في حوار حول المسائل القابلة للنقاش ، وهذا يعني أن خيار المقاطعة هو الخيار المرجح بالنسبة لهم .
تري ممن أحزاب المنتدي سيكون الأشد في دفعهم إلي المقاطعة بطريقة غير مباشرة من خلال تشديده علي إقامة حكومة موسعة وإلا فلا حوار ولا انتخابات؟ .
عندما نتأمل المشهد السياسي وتداعياته منذ الاستحقاقات التشريعية الماضية ، سنجد أن حزب التجمع الوطني (تواصل) ستكون له يد في اتخاذ ذلك المسار ، وسنجد أيضا أن حزب تكتل القوي الديمقراطية له يد فيه . أما الحزب الأول فدوره في مرحلة ما قبل الحوار ، وأما الثاني فقد يدفع بذلك الإتجاه في أي وقت ولو بقرار منفرد، لكن السؤال المطروح ـ الآن ـ هو لماذا الدفع باتجاه مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة في موقف موحد رغم ماله من سلبيات كبيرة علي بعض الأحزاب المعارضة؟.
حزب تواصل ، سيكون ـ الآن ـ من أشد الأحزاب سعيا لعدم حصول الحوار المرتقب ، وربما يكون من أشد أحزاب المنتدي، تأكيدا علي ضرورة حصول الموافقة علي تشكيل حكومة موسعة رغم علم الجميع بأن ذلك الأمر أصبح مستحيلا، لما أكد رئيس الجمهورية في لقاءه بالصحافة في انواذيبو(المؤتمر الصحفي ) عدم القبول به مطلقا .
أهيب بقادة المنسقية أن يختبروا الأمر .. أن يتركوا شرطي تشكيل حكومة موسعة، وتأجيل الانتخابات، ويدخلوا في الحوار ، فإن حصل ذلك سيحول حزب تواصل مسألة الشروط إلي داخل أحزاب المنتدي ، فيرفض أي شرط  يشير إلي ضرورة إعادة الانتخابات التشريعية ، بعد الرئاسيات القادمة  كشرط لاستمراره في الحوار مع النظام ،ذلك لأن مصلحته تقتضي بقاء مكاسبه تلك.. لفترة من الزمن ، وتجنبا للحرج فإنه سيكون ـ الآن ـ من أشد الراغبين في عدم حصول الحوار المرتقب حتي لا يضطر إلي مخالفة المنسقية ـ علنا وبشكل فاضح ـ في شرط إعادة الانتخابات التشريعية إن طرح في الحوار.

حزب تواصل يعتبر ـ الآن ـ من أكثر أحزاب المعارضة ميلا إلي عدم حصول أي حوار بينها وبين النظام ، ومن أكثرهم تهوينا من شأن مقاطعة الانتخابات الرئاسية ، التي قد يتخذ في وقت متأخر قرار المشاركة فيها  ، بعد أن ينجح في حرمان الأحزاب الأخري منها ـ كما فعل في الانتخابات  البلدية والتشريعية الماضية ـ فهل ستلدغ المنسقية في جحرها مرة ثانية؟.
أما حزب تكتل القوي الديمقراطية ، فإنه قد يدفع باتجاه المقاطعة في أي وقت عندما يتأكد أن فكرة المرشح الموحد قد فشلت ، أو أنها نجحت لكن المرشح لن يكون رئيس حزب التكتل ، حينها سيهون علي حزب التكتل أن يجر معه إلي التهميش كل أحزاب المعارضة .
وفي حال قبول بقية أحزاب المنتدي الفاعلة وذات القواعد الشعبية ، الدخول في حوار مع النظام دون قيد أو شرط مسبق ، فإن حزبي "التكتل" و"تواصل" سيقبلان مبدئيا ، لكن الأول قد ينسحب ويقاطع .. وقد يواصل المسار في حالة حصول اتفاق علي إعادة الانتخابات البلدية والتشريعية.
وحزب تواصل قد ينسحب ويقاطع .. وقد يواصل المسار رغم ما قد يحصل من اتفاق علي إعادة الانتخابات البلدية والتشريعية ، التي لا يريد إعادتها ، لكنه سيجد نفسه مكرها علي المشاركة مجرورا إليها بسبب سعيه للحفاظ علي نشاط مناضليه وتماسك شعبيته  .
ومن هنا يمكن القول بأن أحزاب المنسقية الوازنة : اتحاد قوي التقدم ، وحاتم ..هي صاحبة القرار الفاعل و القيادي في المنتدي ـ في هذه المرحلة ـ إن تقدمت بسرعة قبل فوات الأون إلي الحوار دون اشتراط حكومة موسعة أو طلب تأجيل الانتخابات .
إنها ستجد نفسها ممسكة بزمام قيادة أحزاب المنتدي إلي مافيه خير الجميع ، ولو مع عدم التوافق ـ في المنتدي ـ إلا علي المشاركة في الانتخابات الحالية ـ بصفة انفرادية ـ وإعادة الاستحقاقات السابقة . فهل سيفهم قادة المنسقية أن حزب تواصل قد يوقع بهم مرة ثانية ، وهل سيفهمون أن زمام المبادرة ـ الآن ـ بأيديهم قبل فوات الأوان؟ أسئلة ضمن أخري قد تجد إجابات شافية في الأيام القليلة القادمة.

9. أبريل 2014 - 12:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا