مرة جديدة يسقط رئيس الجمهورية من لؤلؤة الشمال الموريتاني أوهاما كنا نعتقدها عصية على الإسقاط ويكرر التاريخ نفسه عندما تنبري آلة دعائية ساذجة لتقدم قراءات مجتزئة ومغالطات مكشوفة مستغلة المساحة الشاسعة لحرية التعبير لخداع متلق يسخر في نفسه ممن يريد حجب الشمس بغربال.
لقد أسقط رئيس الجمهورية أثناء ضيافته للصحافة بنواذيبو الصورة المهزوزة لرؤساء سابقين في أذهان البعض عندما اختار الحديث للصحافة الوطنية دون حضور أجنبي مبرزا قدرته على التعاطي مع الصحافة المحلية دون انتقاص من حقها في ممارسة حرية التعبير مؤكدا بحق أن هذا الخيار لا رجعة فيه وأنه جزء أصيل من ديمقراطيتنا الفتية رغم المحاولات المستميتة من خلال رجع الصدى المتهافت تصوير الرئيس على غير ما ظهر به ليسقط بذلك رهان على إعلام معارض رغم ارتدائه استقلالية مزيفة ظل سيفا مسلطا على من لا يدور في فلك "الحلف الهش" وأحيانا من يظهر نوعا من التميز داخل هذا "الحلف".
كما أسقط الرئيس صورة أخرى متوهمة عن الرئيس القاطن في برج عاجي منقطعا عن واقع مواطنيه من خلال مرونة فائقة في الانتقال بين الملفات الاقتصادية والأمنية والسياسية الوطنية معززا حديثه بلغة أرقام قدمت لب حصيلة مأموريته دون إسهاب أو إيجاز مخل، ليختم الحوار بإظهار تمكن وإتقان لملفات السياسة الإقليمية والدولية حازما وقت الحزم ملمحا حين التلميح، ليكشف بذلك عن عهد جديد في الدبلوماسية الموريتانية كان حصاده قيادة منظمة قارية، وعلاقات دولية تتسع يوما بعد يوم، وفاعلية في صنع القرار بدل الغياب عن حضور الملتقيات.
لقد أكد رجع الصدى المشوش أن الرئيس كان مقنعا عندما أسقط أوهام الثروة الخيالية التي يراكم، والزبونية التي خلقت رجال أعمال جدد، وحماية البعض من المساءلة، وكشف مماطلة البعض في الحوار، رافضا أن تلدغ الأغلبية من ذات الجحر مرتين، لتعود بذلك آلة الدعاية لسؤال ما قبل استضافة الرئيس للصحافة، ماذا كان يريد الرئيس أن يقول؟ وكأنه لم يتحدث لعدت ساعات وأمام 16عشرا صحفيا وفي بث مباشر.
ما قاله الرئيس إن الانتخابات لا يمكن أن تفصل على مقاس أحزاب أو أشخاص تحت مسميات مائعة، وأن التأجيل رغم أن لا أحد طالب به حتى اللحظة أمر غير وارد لأن تأجيل الانتخابات السابقة لم يحصد إجماعا على المشاركة في الانتخابات الأخيرة، وشكل طعنة في خاصرة الديمقراطية في البلد عندما تم استغلاله للطعن في الشرعية.
الرئيس أوضح أن تشكيل حكومة موسعة لعب على العقول فالتجربة الماضية برهنت أنها لم تنتج اعترافا اجماعيا بالنتائج والجديد أنها هذه المرة غير مسؤولة مطلقا عن تنظيم الانتخابات فلا معنى لتوسيعها.
الرئيس جزم بأن الحرب على الفساد كانت وستظل محورا أساسيا في التوجه العام للسياسات الحكومية وأن التشكيك فيها مردود على أهله.
الرئيس بين أن لا أحد فوق المساءلة وأن انهيار دعاوي التبخيس من المشاريع العملاقة التي بدأ بعضها يؤتى أكله يتحول إلى تهم بإفساد غير مؤسس وهذا لن يغير في المسار.
الرئيس كشف أن الشائعات والأكاذيب المفبركة لن تغير في السياسات الإصلاحية المنتهجة لأنها أعجز من تغير من الواقع شيئا كما حدث في اتفاقية الصيد مع الاتحاد الأوربي.
هل عرفتم الآن بعض ما قال الرئيس.. لا أعتقد!!
أحمد ولد محمدو
كاتب صحفي
[email protected]